"إيرباص" تخطط لتسيير طائراتها على طريقة أسراب الطيور
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا يجود أفضل من اتخاذ الطبيعة كمصدر للإلهام، وبالنسبة إلى مجال صناعة الطائرات يتطلع العلماء والشركات المطورة إلى الديناميكا الهوائية بلا منازع، أي الطيور.
ومن خلال مشاهدة أسراب بعض أنواع الطيور المهاجرة في السماء، أصبحت التشكيلات التي تحلق بها الطيور مصدر إلهام للباحثين في "Airbus UpNext"، وهي منصة العرض التوضيحي للرحلات المستقبلية لشركة تصنيع الطائرات "إيرباص".
ومنذ قرن مضى، بدأ علماء الطيور في تفسير نظرية أن الطيور تزيد من كفاءتها في الطيران، من خلال تحليقها في أسراب بتشكيلات قريبة من بعضها البعض، مستفيدةً من تغير تدفق الهواء في جناحي كل طائر في السرب.
ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن مشروع رحلة طيران "Airbus fello'fly"، سيشمل تحليق طائرتين تجاريتين كبيرتين في وضعية تتخذ شكل حرف "V"، سعياً لتقليد أسلوب تحليق الطيور في زيادة كفاءتها وتوفير الطاقة.
وبناءً على الرحلات التجريبية التي أجرتها كل من طائرة إيرباص "A380" ميجا جيت وطائرة "A350-900" ذات الجسم العريض، يأمل مشروع "fello'fly" في إظهار وقياس الكفاءات الديناميكية الهوائية مع تطوير إجراءات التشغيل أثناء الرحلة.
وبدأت اختبارات الطيران الأولية مع طائرتين من طراز "A350" في مارس/ آذار الماضي. وسيتم توسيع البرنامج العام المقبل ليشمل مشاركة شركة "Bee" الفرنسية والخطوط الجوية الاسكندنافية، إلى جانب مزودي خدمات مراقبة الحركة الجوية، والملاحة الجوية من فرنسا، والمملكة المتحدة، وأوروبا.
وأوضحت الدكتورة ساندرا بور شيفر، المديرة التنفيذية لمنصة "Airbus UpNext"، في مقابلة مع CNN أن تجارب الطيران القادمة باستخدام طائرتين من طراز "A350" يمكنها تحقيق توفير في الوقود بنسبة تتراوح بين 5% و 10%، وهو يعد رقماً هائلاً.
ورغم من أنه قد يبدو من السهل مجرد مشاهدة سرب من الطيور لمعرفة أسلوبها الموفر للطاقة ، إلا أن الأمر أصعب مما يمكن تصوره.
وقال الدكتور تشارلز بيشوب، من كلية العلوم الطبيعية، جامعة بانجور في ويلز إن الطيور تحلق بهذا الأسلوب منذ ملايين السنين، إلا أن المشكلة تكمن في عدم قدرة العلماء على إجراء التجارب لفهم هذا الأسلوب.
ومع ذلك، استشهد بيشوب بورقة بحثية بارزة نشرت عام 2001 في المجلة الأسبوعية الدولية "Nature"، وتمكن مؤلف الدراسة والباحث هنري فايمرسكيرش مع فريقه من الوصول إلى طيور البجع، المعروفة في مجتمع الطيور بأنها الأفضل في تشكيل سرب منتظم.
وقال بيشوب إن هذه الدراسة من الناحية الفنية هي الوحيدة التي تظهر دليلًا مباشراً على ميزة توفير الطاقة بدلاً من نظريات الديناميكا الهوائية.
وتمكن فايمرسكيرش من وضع أجهزة مراقبة معدل ضربات القلب على الطيور. ووفقاً لبيشوب، يتضح أن طيور البجع التي تأتي متأخرةً في الخلف توفر طاقتها المبذولة.
ويولد سريان الهواء فوق أسطح أجنحة الطيور دوامات هوائية، وإذا طار طائر خلف الطائر الأمامي مباشرة في الوسط، سيكون اتجاه الهواء المباشر له من تلك الدوامات هو للأسفل، وهذا سيزيد قوة المقاومة على الطائر الخلفي وبالتالي سيضطر إلى توليد طاقة إضافية للتغلب عليه.
ولكن إذا طار الطائر على مسافة معينة من يمين أو يسار كل جناح سيكون اتجاه الهواء القادم عليه بسبب الدوامات للأعلى، ويؤدي لتقليل تلك المقاومة، وبالتالي سيوفر من الطاقة المبذولة للطيران ويؤدي إلى زيادة مدى الطيران للطائر قبل الشعور بالانهاك.
ويجب ان يحرك الطائر الخلفي أجنحته عكس اتجاة الطائر الذي أمامه حتى يستفيد من اتجاه الدوامات.
ومثل أسلوب طيور البجع، ستقوم طائرتان من طراز "A350" برحلة مسافات طويلة لإثبات أن مفهوم "استرداد طاقة الاستيقاظ" يمكن تحقيقه.
وأوضحت بور شيفر أنهم بحاجة إلى توجيه قائدي الطائرتين من أجل وضع الطائرتين في التشكيل بشكل صحيح.
وستكون أنظمة الطيار الآلي مطلوبة للحفاظ على الموضع الصحيح للطائرتين، وتقليل العبء على قائدي الطائرتين وضمان رحلة مريحة للركاب من خلال تجنب الاضطرابات الجويه.
وسيتم اختبار الإجراءات اللازمة لتمكين الطائرتين من تنسيق موقعهما بالقرب من بعضهما البعض.
وأشارت بور شيفر إلى أنهم بحاجة للتأكد من إمكانية الطائرات في التحليق بالقرب من بعضها البعض، مؤكدةً "لن نتنازل عن السلامة على الإطلاق".
وبمجرد إثبات مفهوم استرداد طاقة الاستيقاظ، لا يزال يتعين حل الاعتبارات التشغيلية.
وبحسب ما قالته بور شيفر، سيحتاج مقدمو خدمات الحركة الجوية ووكالات الطيران الحكومية إلى الإقتناع بتغيير اللوائح للسماح للطائرات بالطيران بالقرب من بعضها البعض أكثر مما هو مصرح به حالياً.
وسيتعين تطوير إجراءات تخطيط الطيران للطائرات من أجل مطابقة مساراتها مع مسارات الطائرات الأخرى، جنباً إلى جنب مع المواقع والارتفاعات المطلوبة لبدء تنفيذ مثل هذا النوع من الرحلات.