جولة جديدة في لندن تكشف عن روابط المدينة المتجذرة بـ"تاريخ سري"
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثناء بدء جولة "الرِق والمدينة" (Slavery and the City) في لندن، اقتبست المرشدة السياحية كورتني بلانك قولاً من المؤلف الأمريكي ويليام فوكنر أكد فيه أن "الماضي لا يموت أبداً، وهو ليس حتى ماضياً".
وخلف بلانك، يمكنك أن ترى كاتدرائية القديس بول بين الأبراج الشاهقة الحديثة، ومع ذلك، لا يُعد كل التاريخ الحي في بريطانيا مرئياً.
وارتقت لندن إلى مكانتها على المسرح العالمي عن طريق كونها المدينة الرئيسية في ما كانت ذات يوم أكبر إمبراطورية في العالم.
وبينما تجذب لندن في العام العادي حوالي 30 مليون سائح، إلا أن هذا المجد جاء مقابل ثمن.
صيف مليء بالإدراك
والآن، وكجزء من تأثير الدومينو الذي أدى إليه وفاة جورج فلويد في مايو/أيار، واحتجاجات "Black Lives Matters" التي أعقبت ذلك، قامت مؤسسات بريطانية بتصفية حساب إرثها الخاص.
ويُعد "بنك إنجلترا" و"كنيسة إنجلترا" من بين العديد من المجموعات التي أصدرت بيانات متأخرة عن ارتباطاتها التاريخية وممارسة العبودية.
وبينما ينجذب معظم السياح الذين يبحثون عن جولة تعليمية حول لندن إلى جولات "جاك ذا ريبر"، وجولات الأشباح، إلا أن شركة "Six in the City" للجولات تتخذ نهجاً أكثر اطلاعاً.
والآن، أصبحت جولاتها التي تتمحور حول العبودية متاحة خلال شهر تاريخ السود في المملكة المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول، وإذا كان هناك طلب عليها، فإنها ستستمر لفترة أطول.
تاريخ سري
وتسلط هذه الجولة، والتي تستغرق ساعتين، الضوء على معالم سياحية شهيرة مثل "Jamaica Wine House"، وهو مبنى فريد بُني من الطوب الأحمر يقع في واحدة من الأزقة الساحرة التي تزدخر بها المقاطعة المالية.
وتتواجد حانة "The George & Vulture"، الذي تردّد إليها تشارلز ديكنز في الجهة المقابلة.
ويُعد "Jamaica Wine House"، الذي بُني في عام 1652 أول مقهى في المدينة، وكان مكاناً مفضلاً لكاتب اليوميات، صموئيل بيبس.
ولكن، ما لا تخبرك عنه اللوحة الموجودة في الخارج هو أن المبنى كان أيضاً المكان الذي التقى فيه قباطنة السفن وأصحاب المزارع لمناقشة أعمالهم التجارية، وبيع وشراء الأفارقة المستعبدين على بعد آلاف الأميال، وترتيب نقلهم القسري إلى العالم الجديد.
وتتضمن الجولة أيضاً زيارة إلى مبنى "Royal Exchange" الذي يحتضن حجر "Portland" في واجهته، وهو يُظهر لوحة منقوشة من القرن التاسع عشر تجسد التجارة الإمبراطورية.
وعلى يمين المنحوتة، تختبئ شخصية أفريقية وهي على ركبتيها.
ورغم أن تجارة الرِق انتهت قبل 30 عاماً من نحتها، إلا أن الاستغلال الاستعماري كان بعيداً عن الانتهاء.
مناضلة دعاة إلغاء الرق من أجل التغيير
ولا تتعلق الحكايات التي يتم مشاركتها بفظائع تجارة الرِق فقط، إذ أنها تسلط الضوء أيضاً على دعاة إلغاء العبودية الذين ناضلوا لوضع حد لها، سواءً كانوا من السود أو البيض.
وكان مبنى "Guildhall"، الذي يعود تاريخه إلى العصر الروماني، موقع محاكمة مذبحة سفينة العبيد "زونغ" (Zong Slave Ship Trial) في أعقاب مذبحة على متن السفينة في عام 1781.
وكان أولوداه إكيوانو النيجيري المولد، وهو رجل حر اشترى طريقه للخروج من العبودية، جزءاً من مجموعة "أبناء أفريقيا" التي يُعتقد أنها كانت أول منظمة سياسية للسود في بريطانيا.
وكان إكيوانو أول من لفت الانتباه بشكل أوسع إلى المحاكمة، وساهم ذلك في تقدم حركة إلغاء الرِق.
ونُشرت مذكرات إكيوانو كشخص خضع للعبودية، ولاحقاً كبحار ورحال.
وفي مايو/أيار من عام 1787، وفي ما يُعد الآن مجرد فناء هادئ غير معروف، استضافت دار طباعة أول اجتماع لـ"Society for Effecting the Abolition of the Slave Trade".
وقامت دار الطباعة بطباعة الرسم التخطيطي الشهير لسفينة "بروكس" للأشخاص الذين خضعوا للعبودية، والذي كان آنذاك "أداة بروباغندا ناجحة جداً"، وفقاً لما ذكرته بلانك لـCNN.