لأول مرة منذ 1200 عام.. البندقية تنجح في صد الفيضانات في "يوم تاريخي"

نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- اعتاد سباستيان فاجارازي، الذي يعيش في الطابق الأرضي في مدينة البندقية بإيطاليا نقل ممتلكاته من أرضيته لتجنب تلفها كل مرة تواجه فيها هذه المدينة الإيطالية الفيضانات الناتجة عن المد العالي (أكوا ألتا). ولكنه لم يقم بذلك السبت، قائلا: "كان لدي إيمان".

محتوى إعلاني

وكان السبت، أي 3 أكتوبر/تشرين، أول يوم لـ"أكوا ألتا" في الموسم بالنسبة للمدينة، وكان ذلك أيضاً اليوم الذي قامت فيه المدينة وأخيراً باختبار حواجز الفيضانات التي طال انتظارها بعد عقود من التأخير والفساد.

محتوى إعلاني

وضد جميع الصعاب، كانت الحواجز ناجحة.

تفاقمت الفيضانات التي أثرت في البندقية لأعوام، وتم إلقاء اللوم على التغير المناخي. Credit: FILIPPO MONTEFORTE via Getty Images

وفي الساعة 12:05 ظهراً، كانت ساحة "سانت مارك"، والتي من المفترض أن يصل مستوى الماء فيها إلى الركبة، جافة إلى حد كبير.

وظلت مقاهي ومتاجر الساحة، والتي غالباً ما تضطر إلى الإغلاق لساعات، مفتوحة. 

وأما منزل فاجارازي، فظل جافاً.

ويسمى نظام الدفاع هذا "MOSE"، وهو مشتق من "Modulo Sperimentale Elettromeccanico" الذي يعني "الوحدة التجريبية الكهرومغناطيسية".

ويتكون النظام من 78 حاجز فيضانات مُثبت في القاع عند نقاط الدخول الثلاث الرئيسية لبحيرة البندقية.

وعند وصول المد العالي، تتمكن الحواجز من الارتفاع لتشكيل سد.

التأخيرات والفساد

يحمي مشروع "MOSE" مدينة البندقية من الفيضانات. Credit: ANDREA PATTARO/AFP via Getty Images

وتشهد البندقية عادةً ارتفاع المياه بين أكتوبر/تشرين الأول، ومارس/آذار، وهي تستمر لعدة ساعات.

وهي تؤثر غالباً على المنطقتين الأقل ارتفاعاً في المدينة، والأكثر زيارةً في الوقت ذاته، وهما "سان ماركو"، والمنطقة المُحيطة بـ"ريالتو".

كانت البندقية تستعد لمواجهة أول مد عالي لهذا العام. Credit: MIGUEL MEDINA/AFP via Getty Images

وفي الأعوام الأخيرة، زادت شدة وتواتر هذه الظاهرة بسبب تغير المناخ.

وفي عام 2019، تعرضت البندقية لأضرار بسبب فيضان أثر في 90% من المدينة.  

أثبت الحاجز نجاحه، وبقيت المدينة جافة. Credit: ANDREA PATTARO/AFP via Getty Images

وكافحت الأعمال التجارية منذ ذلك الحين مع انخفاض حاد في أعداد السياح، إلى جانب كلفة الأضرار. 

ولم تسهل جائحة فيروس كورونا المستجد من ذلك.

وكان مشروع "MOSE" قيد العمل منذ عام 1984، ولكنه عانى بسبب التأخيرات والفساد إلى درجة أن سكان البندقية لم يعتقدوا أنه سينجح أبداً.

"يوم تاريخي"

السياح وهم ينتظرون المد العالي وسط البندقية. Credit: MIGUEL MEDINA/AFP via Getty Images

وكانت الخطوة التالية لمشروع "MOSE"، اختباره في ظل أحوال طقس سيئة، وهو أمر لم يكتمل بعد.

وفي الجمعة، عندما تم توقع اكتمال القمر وهبوب رياح عاتية في الصباح التالي، طلب مجلس المدينة الإذن لرفع الحواجز.

ودوت صفارات إنذار الفيضانات المعتادة في أنحاء المدينة في حوالي الساعة 8 صباح السبت، مع بدء الاختبار بعد نصف ساعة.

وبحلول الساعة 10:10 صباحاً، رُفعت الحواجز بالكامل.

ومع أن منسوب المياه خارج "MOSE" ارتفع إلى 132 سنتيمترا، إلا أنه ظل عند 70 سنتيمترا داخل البحيرة، وكان ذلك كافياً لإبقاء منطقة "سان ماركو" جافة.

وقال العمدة، لويجي بروجنارو، للصحفيين في وقت لاحق: "كان هذا يوماً تاريخياً للبندقية".

"مذاق مر"

مع أن ساحة "سانت ماركو" ظلت جافة في 3 أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن المياه غمرتها في اليوم التالي. Credit: MIGUEL MEDINA/AFP via Getty Images

ورغم هذا النجاح، إلا أن ذلك يعني أن ارتفاع منسوب المياه في ساحة سانت مارك، والتي تصل إلى 90 سنتيمترا، ستستمر.

وبالفعل، وبعد 24 ساعة فقط من نجاح مشروع "MOSE"، غرقت الساحة الأيقونية للمدينة تحت مياه وصل ارتفاعها إلى 106 سنتيمترات.

وساد جو من الاستسلام بين المتاجر والمقاهي التي اضطرت إلى الإغلاق مرة أخرى، وبدأ مدير مقهى "Quadri"، الذي يُعد من أشهر مقاهي الساحة، روبيرتو بيبي، عملية التنظيف.

وقال بيبي: "بصفتي من أحد سكان البندقية، أنا سعيد من الأمس، ولكن، بصفتي شخص يعمل في ساحة سان ماركو، فإن ذلك لا يغير شيئاً، وهو يترك مذاقاً مراً".

وقال بروجنارو لـCNN إن نجاح "Mose" كان بمثابة "عودة" لمدينة البندقية وإيطاليا أيضاً، وذلك بعد معاناة البلاد الشديدة خلال الجائحة.

وأما فاجارازي، فهو يشعر بالارتياح إلى الآن، فقال: "هذا يوم جديد لمدينة البندقية لأنها المرة الأولى منذ 1200 عام لم يتسبب المد المرتفع في غمر المدينة".

 

نشر
محتوى إعلاني