الكشف عن آثار جديدة في مصر "ستعيد كتابة تاريخ منطقة سقارة"
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشافات أثرية جديدة في منطقة آثار سقارة.
وأعلنت البعثة المصرية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار ومركز زاهي حواس للمصريات بمكتبة الإسكندرية عن اكتشافات أثرية مهمة تعود إلى الدولة القديمة، والحديثة، والعصور المتأخرة، بحسب ما أعلنت عنه وزارة السياحة والآثار عبر منشور على حسابها الرسمي في "فيسبوك".
وأشار عالم الآثار المصرية ورئيس البعثة، حواس، إلى أن هذه الاكتشافات سوف تعيد كتابة تاريخ هذه المنطقة، وخاصة خلال الأسرتين 18 و19 من الدولة الحديثة، وهي الفترة التي عُبد فيها الملك "تتي"، وكان الدفن يتم في ذلك الوقت بالمنطقة المحيطة بهرمه، وفقاً للمنشور.
وعثرت البعثة على المعبد الجنائزي الخاص بالملكة "نعرت" زوجة الملك "تتي"، والذي تم الكشف عن جزء منه خلال الأعوام السابقة للبعثة، بالإضافة إلى تخطيط المعبد، إلى جانب ثلاثة مخازن مبنية من الطوب اللبن، في الجهة الجنوبية الشرقية منه، لتخزين القرابين والأدوات التي كانت تستخدم في إحياء عقيدة الملكة.
وعُثر أيضاَ على 52 بئراً يتراوح عمقها بين 10 إلى 12 متراً، وتحتضن أكثر من 50 تابوتاً خشبياً من عصر الدولة الحديثة.
وتُعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها العثور على توابيت يعود عمرها إلى ثلاثة آلاف عام بمنطقة سقارة.
وكانت هذه التوابيت ذات هيئة آدمية، ويتزين سطحها بالعديد من المشاهد للآلهة التي كانت تُعبد خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى أجزاء مختلفة من نصوص كتاب الموتى، والتي تساعد المتوفى على اجتياز رحلته إلى العالم الآخر.
وقد عثرت البعثة داخل الآبار أيضاً على أعداد كبيرة من المشغولات الأثرية، و تماثيل على هيئة المعبودات، إضافةً إلى كشف فريد من نوعه، إذ عثرت البعثة على بردية يصل طولها إلى أربعة أمتار، وعرضها إلى متر واحد.
وتمثل البردية الفصل السابع عشر من كتاب الموتى، ومسجل عليها اسم صاحبها، وهو "بو-خع-اف".
وعُثر على الاسم ذاته مسجلاً على أربعة تماثيل "أوشابتي".
واكتُشف أيضاً تابوتاً خشبياً على شكل الهيئة الآدمية للشخص ذاته.
وتضمن الكشف أيضاً مجموعة من الأقنعة الخشبية، ومقصورة مخصصة لإله الجبانة، أنوبيس، بالإضافة إلى العديد من الألعاب التي كان يلعب بها المتوفى في العالم الآخر، مثل لعبة "السنت" التي تشبه الشطرنج حالياً، ولعبة "العشرين" التي سُجل عليها اسم الشخص الذي كان يلعب بها.
وعُثر على فأس مصنوعة من البرونز تدل على أن صاحبها كان أحد قادة الجيش في عصر الدولة الحديثة، والعديد من اللوحات المنقوشة عليها مناظر للمتوفى وزوجته، وكتابات بالهيروغليفية، ومن أجملها لوحة من الحجر الجيري في حالة جيدة من الحفظ تتزين بمشهد متوفى يدعى "خو-بتاح" وزوجته، "موت-ام-ويا".
ويبين الصف العلوي من اللوحة المتوفى وزوجته في وضع تعبدي أمام المعبود أوزير، ويُظهر الصف السفلي المتوفى جالساً وزوجته خلفه، وتحت كرسي الزوجة، تظهر إحدى بناتهما جالسة، وتقرب إلى أنفها زهرة اللوتس، ويزين رأسها بالقمع العطري.
ويوجد أمام الزوجين ستة من الأبناء على صفين، وبالصف العلوي ثلاثة من بناتهما يجلسن على الأرض ويقربن زهرة اللوتس من أنفهن، ويغطين رؤوسهن بأقماع العطر.
وأما الصف السفلي، فيتضمن ثلاثة من الأبناء الذكور في وضع الوقوف أمام المتوفى وزوجته.
وعندما يأتي الأمر لألقاب صاحب اللوحة، فإنه كان المشرف على العجلة الحربية للملك، ما يدل على مكانته المهمة في الأسرة 19.
واكتشفت البعثة أيضاً كميات كبيرة من الفخار الذي يعود إلى الدولة الحديثة، ومنه فخار يثبت العلاقات التجارية بين مصر، وكريت، وسوريا، وفلسطين.
وأوضح الدكتور حواس أن هذا الكشف يؤكد أن منطقة آثار سقارة لم تستغل في الدفن خلال العصر المتأخر فقط، بل في الدولة الحديثة أيضاً.
وأشار الدكتور حواس إلى أن البعثة كشفت عن مقصورة ضخمة من الطوب اللبن تعود إلى عصر الدولة الحديثة، وهي تحتوي على بئر يصل عمقها حتى الآن إلى 24 متراً، ولم يتم الوصول بعد إلى نهايتها، ومن المتوقع أن تنتهي بحجرة للدفن.
ولا يزال العمل جارياً، ويعتقد حواس أن هذه البئر لم يصل إليها اللصوص، وسوف يتم الكشف عنها كاملا.
وأكد حواس أن هذا الكشف يعتبر من أهم الاكتشافات الأثرية لعام 2021، وأنه سوف يجعل سقارة، مع الاكتشافات الأخرى، مقصداً سياحياً وثقافياً مهماً.
وسيعيد هذا الكشف كتابة تاريخ سقارة في عصر الدولة الحديثة، بالإضافة إلى تأكيد أهمية عبادة الملك "تتي" خلال الأسرة 19 من الدولة الحديثة.