كيف جمع القدر بين قلبي هذا الثنائي على متن طائرة متجهة إلى مصر؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إذا سار كل شيء كما كان مخطط له، لما كان هذان الزوجان إلتقيا على الإطلاق. ولكن رحلة مافالدا فيليسيانو على متن طائرة الخطوط الجوية البريطانية من البرازيل كانت مكتظة، لذلك صُدمت بصعود طائرة أخرى، ثم لعب القدر دوره.
وفي سبتمبر/ أيلول من عام 2004، سافرت فيليسيانو مع شقيقتها وصهرها لقضاء إجازة في مصر، وتم تغيير مسار المجموعة عبر لندن.
وبعد أن فقدوا مقاعدهم الأصلية، انتهى الأمر بفيليسيانو بمفردها، في منتصف صف المقاعد، بين شخصين غريبين.
وبحسب ما ذكرته، فإن فيليسيانو، عالمة الفيزياء الطبية البرازيلية آنذاك، البالغة من العمر 37 عاماً، كانت خجولة ومنطوية بطبيعتها. ولم تكن تنوي إجراء محادثة مع الركاب على جانبيها.
وبعد حوالي ساعتين من الرحلة، شعرت فيليسيانو بالملل من القيلولة، وقررت تشغيل نظام الترفيه على متن الطائرة. وحاولت الوصول إلى ما اعتقدته جهاز التحكم عن بعد الخاص بمقعدها، المدمج في مسند الذراع، ثم ضغطت على الزر.
ولكن قامت عن طريق الخطأ بإغلاق الشاشة التي تخص المسافر الجالس في المقعد المجاور لها.
وتتذكر فيليسيانو ما قاله المسافر: "معذرةً، لكنني كنت أشاهد فيلماً، وقد أوقفتِ الفيلم للتو".
واعتذرت فيليسيانو، التي شعرت بالإحراج وقالت: "أنا آسفة يا سير (سيدي)"، فأجاب المسافر ضاحكاً على أسلوب اعتذارها: "أنا لم أحصل على وسام من الملكة (البريطانية)".
وسرعان ما بدأ حديث عميق بينهما.
وكان الراكب على مقعد النافذة، ويدعى سمير ساه، يبلغ من العمر 38 عاماً، وُلد في الهند، ويعمل في مؤسسة خيرية دولية في لندن، وقد كان مسافراً متكرراً على متن الخطوط الجوية البريطانية، وقد أصر ساه على الحصول على مقعد مع إطلالة.
وبسبب ساه، تفرقت فيليسيانو عن شقيقتها وصهرها وجلسوا في صفوف مختلفة على متن الطائرة.
وبينما كان ساه يسافر إلى القاهرة للعمل، كانت فيليسيانو تسافر لقضاء الإجازة مع شقيقتها وصهرها.
وبحسب ما ذكره ساه، فقد أعجب بفيليسيانو على الفور قائلاً: "كانت جميلة"، وكان يعتقد أنها تبدو أصغر بكثير من عمرها البالغ 37 عاماً.
أما بالنسبة لفيليسيانو، فلم تكن تتحدث الإنجليزية بطلاقة في ذلك الوقت، لذلك لم تتمكن من فهم كل ما قاله ساه، ولكنها كانت تعرف أنها مستمتعة برفقته.
وعندما بدأت الرحلة تهبط فوق القاهرة، سألها ساه فيليسيانو عما إذا كانت ترغب في تناول طعام العشاء معه خلال الأسبوع الذي تقضيه في مصر.
وترددت فيليسيانو، رغم حماسها، إلا أن ذلك لم يكن ما تتخيل أن تفعله في هذه العطلة.
وكانت فيليسيانو قد تطلقت مؤخراً، وفي صدفة غريبة، قابلت زوجها السابق على متن طائرة أيضاً، في رحلة داخلية في البرازيل.
لقاء الصدفة
وقبل أن تنطلق فيليسيانو لقضاء إجازتها في مصر، عرضت صديقة لها قراءة أوراق "التارو". ورغم من أن فيليسيانو لم تؤمن بالقدر أو التبصير، إلا أنها انغمست في قراءة صديقتها لطالعها على أي حال.
وبعد خلط أوراق التارو، قالت صديقتها: "البطاقات تخبرني أنك ستقابلين شخصاً في هذه الرحلة"، حسبما ما ذكرته فيليسيانو.
ولكن فيليسيانو لم تصدق، حتى أجرت هذا التواصل غير المتوقع على متن الطائرة قبل أن تحط على أرض القاهرة.
ووافقت فيليسيانو على تناول العشاء مع ساه، ولكنها طلبت أن يرافقهما أختها وصهرها.
وبعد أن اجتمعوا في مطار القاهرة، شرحت فيليسيانو على عجل الوضع لعائلتها، وقد أبديا صدمتهما بقولهما: "لقد قابلته للتو على متن الطائرة، ولكنه قادم لتناول العشاء؟"
وتتذكر فيليسيانو أن موعد العشاء كان ناجحاً، وتقول "لقد قضينا وقتاً ممتعاً، جميعنا معاً".
وانتهى الأمر بالمجموعة بقضاء معظم الأمسيات معاً، وكان ساه يعمل خلال ساعات النهار بينما تقضي فيليسيانو وقتها في التجول في مواقع القاهرة مع عائلتها.
وفي المساء، التقى الثنائي، ساه وفيليسيانو لتناول العشاء، في البداية مع أخت فيليسيانو وصهرها، ثم لاحقاً، بمفردهما. كما قاموا بزيارة بعض المعالم السياحية معاً، بما في ذلك زيارة أهرامات الجيزة.
ولم ينته التواصل بعد انقضاء أسبوع العطلة في مصر، إذ بعد أن انتقلت فيليسيانو وعائلتها إلى المرحلة التالية من إجازتهم في إسطنبول، واصلت حديثها مع ساه عبر الهاتف في معظم الليالي.
وقبل فترة طويلة، زارها ساه في البرازيل، وقررا بدء علاقة بعيدة المدى.
وعلى مدار العامين المقبلين، التقى فيليسيانو وساه كل ثلاثة أشهر أو نحو ذلك لقضاء إجازة لمدة أسبوعين. واجتمع شملهما في لندن، والبرازيل، وبروكسل، وهولندا، ونيويورك، وجمهورية الدومينيكان.
ويحب الثنائي السفر ويقولان إن استكشاف العالم مع بعضهما البعض كان تجربة لا تُنسى.
ولكن، مع مرور عامين على اجتماعهما المصيري بالطائرة، وصل الثنائي إلى خيارين، "إما الانفصل أو الزواج".
ويقول ساه: "بقدر ما كان السفر معاً ممتعاً، كان من الصعب بالنسبة لنا الانفصال عن بعضنا البعض".
وقرر الثنائي الزواج، وأقيمت احتفالات زفافهما في البرازيل التي استمرت حتى الساعات الأولى من الصباح.
وتتذكر فيليسيانو أن بعض الأصدقاء لها أخبروها أن الانتقال من أجل الحب كان خطأ، إذ كانت تترك وظيفة ثابتة في البرازيل، بينما شعر أصدقاء ساه بالحماس لقراره، ولكن الوضع مع عائلته كان صعباً، إذ كان مطلقاً أيضاً وأب لطفلين. ورفض أهله الاعتراف بفيليسيانو زوجة له.
وفي غضون شهرين من وصولها إلى لندن، حصلت فيليسيانو على وظيفة في مستشفى، ولكنها كانت أقل مما اعتادت عليه.
ومنذ ذلك الحين، ارتقت فيليسيانو في المناصب وهي الآن رئيسة قسم فيزياء المعالجة الكثبية في مستشفى كولشيستر العام، جنوب شرق لندن، حيث تعالج مرضى السرطان.
وكان على الثنائي أيضاً التكيف مع العيش معاً وقد واجها الكثير من المشاكل في البداية بسبب ثقافتهما المختلفة تماماً، حسبما ما ذكره الزوجان.
وبالإضافة إلى ذلك، كانت فيليسيانو تحاول التأقلم مع ضغوط العيش في بلد جديد وتعلم اللغة.
ويعيش الثنائي الآن بسعادة في مدينة كولشيستر التاريخية، في جنوب شرق إنجلترا مع كلبهما، الذي يطلق عليه اسم "زيجي".
واقترحت دراسة أجراها بنك "HSBC" البريطاني عام 2018 أن واحداً من كل 50 راكباً على متن الطائرة يلتقي بشريك أو شريكة حياته على متن الطائرة.
ولكن في الوقت الحالي، ومع تقليص الرحلات الجوية والتباعد الاجتماعي وارتداء القناع، يبدو من غير المحتمل أن يقوم شخصان غريبان على متن طائرة بإجراء محادثة.