مقابل 8000 دولار..بريطانية تشتري منزلاً تقليدياً وتشحنه عبر إندونيسيا لبناء منزل الأحلام في بالي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- استحوذت بالي على قلب كايتي دينهام لأول مرة عندما جاءت إلى الجزيرة الإندونيسية، لقضاء شهر العسل خلال فترة الثمانينيات.
وتتذكر دينهام قائلة: "عندما فُتح باب الطائرة على مدرج المطار، كانت الرائحة الاستوائية القوية تَعد بكل ما لم تتمتع به المملكة المتحدة، أي المرح والاستلقاء تحت أشعة الشمس".
واحتفظت دينهام بهذه الذكرى، وعادت إلى الجزيرة بين الحين والآخر.
ورغم أن زواجها لم يدم، إلا أن دينهام تقول إنها وقعت في حب بالي أكثر من أي وقت مضى.
وبعد قضاء 25 عاماً في المملكة المتحدة، انتقلت دينهام إلى خليج بايرون في أستراليا، حيث أطلقت مجموعة من منتجات العناية بالبشرة بالروائح العطرية مع صديق لها. وفي وقت لاحق في سيدني عملت مع شركة إنتاج محلية ككاتبة سيناريو.
وفي عام 2004، غادرت دينهام أستراليا للعمل في التدريس في بالي، وواصلت تولي مهام الكتابة، بما في ذلك مهمة الكتابة للطاهي الاسكتلندي ويل ميريك، مؤسس مطعم "Sarong" ومطعم "Mamasan"، وهما من أشهر المطاعم في الجزيرة.
والتقت دينهام بروبي سوبريانتو، من فرقة الروك الشهيرة "Navicula". وفي إندونيسيا، يُعرف سوبريانتو ليس فقط بأدائه، ولكن أيضاً بمشاركته في الزراعة المستدامة، وجهوده لتشجيع الحياة الزراعية، والتي تُعد بمثابة الشغف الذي شاركته دينهام من خلال عملها مع الطاهي ميريك وخبير الزراعة المستدامة بيل موليسون في أستراليا.
وناقشت دينهام هذه الأفكار مع سوبريانتو، الذي يعيش في مدينة بالي، أوبود، مع زوجته الأمريكية وطفله.
وتقول دينهام: "تحدثنا عن مدى روعة إنشاء مزرعة منزلية حيث يمكن للمرء ممارسة الزراعة المستدامة وزراعة المنتجات العضوية".
وتلقت دينهام المساعدة من سوبريانتو في العثور على عقار شبه ريفي في منطقة وصاية تابانان، التي غالباً ما يشار إليها باسم "بالي الحقيقية"، حيث تتبع حقول الأرز الخطوط الطبيعية للأرض مع وجود بركان نائم لجبل باتوكارو في الخلفية.
وتستخدم المجمعات العائلية ذات الجدران الحجرية نظام "سوباك" لمزارعهم، وهو نظام التحكم في الري الخاص بمجتمع بالي.
وهنا يمكن أن تجعل دينهام حلمها حقيقة، وأقامت شراكة مع سوبريانتو لتأمين الأرض في عام 2015، ومن خلال محامٍ أبرمت عقوداً حددت دينهام وابنتيها كيبسيبل وسيفرين، اللتين تعيشان في أستراليا، كمستأجرتين قانونيتين.
ويجاور العقار الذي تبلغ مساحته 1.2 هكتار غابة محمية وطنية بالقرب من قرية ديسا ساندا.
وبينما تحيط بها بساتين فاكهة الدوريان والمانغو، تنحدر قطعة الأرض من تلال مشجرة ضبابية إلى واد وعبر مزرعة قهوة مدرجة موروثة كجزء من الشراء، قبل أن تنتهي في نبع طبيعي.
ويتدفق النبع إلى نهر باليان، وهو مقدس بين جزر بالي لأن الحكيم الهندوسي الجاوي من القرن السادس عشر، دانغ هيانغ نيرارتا، وضع عصاه في النهر، مما أعطاها القدرة على شفاء المرضى. ويصب النهر في المحيط الهندي على شاطئ باليان، المشهور بمشهد التزلج على الأمواج الخالي من الازدحام، على بعد 40 دقيقة بالسيارة.
وتوضح دينهام أنها لا تستطيع رؤية المحيط من اليابسة، ولكن يمكنها رؤية "تدفق السحب الجميلة خلال فترة ما بعد الظهر"، موضحة: "وفي الليل غالباً ما تكون السماء صافية وساطعة بالنجوم".
العثور على المنزل التقليدي المناسب
وبعد عامين من حصولها على الأرض، سافرت دينهام مع سوبريانتو إلى وسط جزيرة جاوا لإيجاد منزل خشبي تقليدي له تاريخ تصميم عمره ألف عام.
وتجمع الأسطح المرتفعة والملتوية الهواء الساخن الذي يرتفع خلال النهار، مما يحافظ على برودة منطقة المعيشة السفلية. وتحظى المنازل التقليدية بشعبية في الوقت الحاضر مع المطورين الذين يقومون بتعديلها إلى فلل فاخرة أو فنادق بوتيكية، ولكن السكان المحليين الجاويين أقل اهتماماً بصيانة الهياكل القديمة، ويسعدهم بيعها جداراً تلو الآخر.
وعثرت دنيهام على منزل تقليدي شاغر في العاصمة الملكية السابقة سوراكارتا، والمعروفة باسم سولو هذه الأيام، وبعد التفاوض على سعر 8،000 دولار، استأجرت الحرفيين لتفكيك المنزل، وتحميله في شاحنة، وتسليمه لمسافة تزيد عن 600 كيلومتر إلى بالي، الأمر الذي كلفها حوالي 650 دولاراً.
ووصل طاقم الشحن مرتدياً سراويل قصيرة وقمصاناً، وقد فاجأهم الهواء الجبلي البارد في منطقة تابانان.
وتذكر دينهام: "ذهبت لزيارة قطعة الأرض بعد فترة وجيزة، ورأيت العمال الذين من المفترض أن يعيدوا تجميع المنزل التقليدي، يرتجفون من البرد"، موضحة: "جمعت البطانيات والسترات، وقمنا بتحضير مكان للنوم. ولكن بالإضافة إلى عدم التأقلم مع الطقس الجبلي، كان هناك توتر بيننا وبين سكان جزيرة بالي".
وفي النهاية، عاد الجاويون أدراجهم إلى سولو، وأنهت دينهام بناء المنزل بمساعدة كيتوت، وهي حرفيّة من بالي كانت تعمل في المنزل الذي استأجرته دينهام في كيروبوكان.
وعند اكتماله، اتخذ المنزل الذي أعيد تجميعه حرف "T"، وتمت إضافة مرحاض داخلي، وبدأت دينهام في إضافة الأثاث، وخزائن الكتب، والصناديق العتيقة.
وبدأ التصميم الداخلي للمنزل يتشكل، بدءاً من مطبخ ضخم يرتكز على طاولة كبيرة تتسع لـ 12 شخصاً.
وعلى الطريق من المنزل، يوجد مخبز عضوي يصنع الخبز الطازج والكعك لبيعه إلى المقاهي في الجنوب. كما وجدت دينهام السكان المحليين يصنعون أنواع المربى العضوي والصابون.
ولتطوير الأرض المحيطة بالمنزل، نظمت مجموعة من السكان المحليين والمغتربين، بما في ذلك عدد من طلاب دينهام السابقين، عملية الزراعة المعمرة، وقاموا ببناء منازل خارجية من الخيزران، وبدأوا العمل في حديقة نباتية عضوية، بينما كانوا يخيمون في الخارج ويعزفون الموسيقى مع السكان المحليين في المساء.
وفي يوليو/ تموز 2018، سافرت دينهام إلى أستراليا لتولي وظيفة تدريس في بلدة صحراوية نائية، وعادت إلى بالي خلال الإجازات المدرسية للعمل أكثر في منزلها.
وعندما حلّ أبريل/نيسان 2020، تركت بروتوكولات السفر الوبائية غير المتوقعة دينهام عالقة في أستراليا.
وقد مر الآن أكثر من عام منذ أن ذهبت دينهام إلى منزلها في بالي، وتتابع دينهام منزلها عن طريق رسائل تطبيق "واتساب" من أسرة محلية تقوم بالاعتناء بالمنزل في غيابها، وتقول: "تصلني صور مرسلة لمنزلي الجميل في الغابة الكبيرة، وهو فارغ وينتظر عودتي".