واحدة من أغرب الطائرات في العالم..تنقل السيارات مع ركابها
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إذا قام أحد عشاق الطيران بجمع قائمة بأغرب الطائرات في العالم، فستستحق طائرة "ATL-98 Carvair"، بالتأكيد نيل مرتبة الشرف ضمن القائمة.
وتتميز طائرة "ATL-98 Carvair" بمخروط مقدمتها الذي يبدو غير متناسباً مع بدن الطائرة، مما يكسبها مظهراً ممتلئاً.
ومع ذلك، فإن طائرة "Carvair"، التي قدمت عرضاً قصيراً خلال فيلم جيمس بوند "Goldfinger"، توقعت ميزات سنراها لاحقاً ضمن أنواع الطائرات الشهيرة، مثل "بوينغ 747".
وكانت هذه الطائرة ذات المظهر الغريب في الواقع طائرة "دوغلاس دي سي-4" المعدلة بشكل كبير والمصممة لأداء مهمة خاصة للغاية في الخمسينيات، وهي التحليق بكل من السيارات وسائقيها إلى الخارج.
وكان المسافرون يقودون سياراتهم مباشرة إلى ساحة المطار باتجاه الطائرة المنتظرة، تماماً كما يفعلون مع العبّارة التي تنقل السيارات عبر الماء.
ولدت من أحلام السفر بعد الحرب
وبدأت طائرات الشحن مثل "بريستول 170" ومشتقاتها الأكبر، "Superfreighter"، في نقل السيارات كبضائع منذ منتصف الأربعينيات، بعد فترة وجيزة من نهاية الحرب العالمية الثانية.
وكانت تلك الطائرات بمثابة آلات قوية عمدت إلى التضحية بالسرعة والمدى من أجل المتانة والاقتصاد. وقد تميزت بأبواب أمامية تفتح بشكل جانبي للسماح بدخول السيارات إلى عنبر الشحن، بينما زادت قمرة القيادة المرتفعة من سعة الحمولة من خلال إتاحة الطول الكامل لجسم الطائرة لاستيعاب الحمولات.
ورغم من عبقرية هذا التصميم، إلا أن حمولة هذه الطائرات كانت محدودة نوعاً ما ولا يمكنها حمل أكثر من ثلاث سيارات متوسطة الحجم في الرحلة الواحدة.
وبحلول أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، مع ازدياد الطلب على السيارات، اكتشف رجل الأعمال الأسطوري في مجال الطيران، فريدي لاكر، الفرصة المناسبة.
وابتكر لاكر، الذي عُرف لاحقاً بمشاريعه الجوية الرائدة، ولكن المشؤومة، منخفضة التكلفة في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، فكرة بناء عبارة سيارات أكبر وأفضل.
ومع ظهور عصر الطائرات النفاثة، سرعان ما أصبحت الكثير من الطائرات التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، مثل دوغلاس دي سي-4 قديمة، ويمكن الحصول عليها بسعر رخيص، وعمل ذلك لصالح لاكر.
واكتسبت إحدى الشركات، وهي شركة "Aviation Traders Limited"، خبرة واسعة في تجديد وإعادة استخدام عدد كبير من الطائرات العسكرية التي خدمت في الحرب للاستخدام المدني، مما تماشى مع رؤية لاكر.
وكانت النتيجة هي طائرة "ATL-98"، وتسمى أيضاً "Carvair"، وهي اختصار لعبارة "Car via Air"، والتي تترجم إلى "سيارة عبر الجو".
ربط المملكة المتحدة بالبر الرئيسي
ولإنشاء عبّارة السيارات المحمولة جواً، أخذت شركة "Aviation Traders Limited" طائرة "دوغلاس دي سي-4" وقطعت قسمها الأمامي وأضافت قسماً إضافياً لتمديد بدن الطائرة. وبعد ذلك، تم تزويدها بقمرة القيادة المرتفعة المميزة والخاصة بطراز "Carvair"، بالإضافة إلى بابين مفصليين جانبيين يسمحان للسيارات والشحنات الأخرى بأن يتم حملها من الأمام.
وكانت النتيجة طائرة قادرة على حمل ما يصل إلى خمس سيارات و 22 راكباً في آن واحد، وهو تحسن كبير مقارنة بطائرة "بريستول 170".
والأفضل من ذلك أنه يمكن تكييف تكوين الطائرة بسرعة وسهولة لتلبية احتياجات اللحظة. وعلى سبيل المثال، يمكنها أن تحمل ثلاث سيارات و 55 راكباً فقط، أو تحويلها لنقل البضائع فقط أو الركاب فقط. وإذا تم انتقاء الخيار الأخير، فإنه يمكن تجهيز مقصورة طائرة "Carvair" غير المضغوطة بما يصل إلى 85 مقعداً.
وعندما تكون في وضع حمل السيارات، يتم رفع المركبات إلى مستوى المقصورة برافعة من نوع المقص وحملها من خلال الباب الأمامي، بينما يجلس الركاب في الجزء الخلفي من الطائرة، تماماً كما لو كانوا على متن طائرة ركاب تقليدية.
وطُورت طائرة "Carvair" بشكل أساسي للمسارات عبر القنوات التي تربط المملكة المتحدة بالبر الأوروبي. وقامت شركة "Channel Air Bridge"، وهي شركة أخرى في إمبراطورية فريدي ليكر للطيران، بتشغيل 24 رحلة ذهاباً وإياباً بشكل يومي من مطار ساوثيند، بالقرب من لندن، إلى كاليه (فرنسا) وأوستند (بلجيكا) وروتردام (هولندا).
وفي نهاية المطاف، امتدت الشبكة إلى أبعد من ذلك بكثير في أوروبا القارية، مع توجه الطائرات إلى ستراسبورغ على الحدود الفرنسية الألمانية، ومدينتي جنيف وبازل السويسرية.
لماذا لا نرى عبّارات السيارات في السماء اليوم؟
وبُنيت 21 طائرة من طراز "Carvair" بين عامي 1961 و1968. ولكن، في الوقت ذاته، أصبحت خيارات النقل البحري أسرع وأكثر كفاءة ومتاحة على معظم المسارات التي تخدمها عبّارات السيارات الجوية، ولم يتم تطوير أي من الطائرات الجديدة والحديثة لهذا السوق المتخصص.
وفي النهاية، تلاشى المفهوم ببساطة.
لكن تبخر سوق عبارات السيارات ومشكلات الصيانة المزمنة لم تمنع طائرات "Carvair" من الاستمرار في العمل كطائرات شحن لسلسلة من مشغلي الشحن في جميع أنحاء العالم، من نيوزيلندا، وأستراليا إلى الولايات المتحدة، وأوروبا، وأفريقيا.
ورغم من معدل الاستنزاف المرتفع إلى حد ما، مع فقدان نحو النصف من أسطول طائرات "Carvair" العالمي بسبب الحوادث في مرحلة ما خلال نحو أربعة عقود من الخدمة، استمر بعضها في الطيران على الأقل حتى عام 2007، عندما تحطمت واحدة من الهياكل القليلة المتبقية على قيد الحياة، مع عدم وجود ضحايا، أثناء محاولتها الهبوط في منجم نيكسون فورك، في ألاسكا.
واعتباراً من عام 2021، لا يُعرف عن خدمة أي طائرة من طراز "Carvair"، رغم من وجود اثنين من هياكل الطائرات في التخزين على المدى الطويل، بحالة صلاحية غير مؤكدة للطيران.