خلف الكواليس في مستشفى الأسماك بفندق أتلانتس في دبي

نشر
9 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في نهاية مشروع نخلة جميرا في دبي، المشهور بفنادقه الخمس نجوم والفيلات الفاخرة، توجد منشأة طبية عالية التقنية تضم بعضاً من أحدث المعدات، بما في ذلك أجهزة الموجات فوق الصوتية المقاومة للماء، وأجهزة الأشعة السينية المحمولة، ومعامل تحليل المياه والدم المجهزة بالكامل.

محتوى إعلاني

ولكن هذا المرفق ليس للمرضى من البشر، بل للأسماك.

إنه جزء من مستشفى الأسماك في أتلانتس دبي، وهو منتجع بطابع بحري يضم حوضاً مائياً مليئاً بـ 65،000 كائن بحري.

ويعتني هذا المرفق بأنواع عديدة من أسماك أنثيا الصغيرة وأسماك القرش ذات الرؤوس السوداء التي يبلغ ارتفاعها مترين، ويساهم أكثر من 100 متخصص في رعاية الكائنات المائية في مستشفى الأسماك.

ويتعاون علماء الأحياء المائية، والغواصون، وفريق بيطري جنباً إلى جنب مع فريق دعم الحياة الذي يعتني بجودة المياه، ويضمن تشغيل جميع الأنظمة بسلاسة.

تنظم مستشفى الأسماك في أتلانتس دبي جولات تثقيفيةCredit: 2021 Atlantis, The Palm Dubai

وتقول آنا سالباني، مديرة الخدمات البيطرية بالمستشفى، والتي تعد عضواً رئيسياً في الفريق على مدى السنوات الـ 11 الماضية : "نهدف إلى التركيز على الطب الوقائي بدلاً من العلاج".

وفي يوم عادي، قد تجد سالباني وفريقها يجرون تقييمات صحية وموجات فوق صوتية للحمل، أو أخذ عينات من الدم، أو تصوير الكائنات المائية التي يحتمل أن تكون مصابة بالأشعة السينية.

وكان هذا التفاني في الحفاظ على صحة الكائنات البحرية التي تتخذ من أتلانتس دبي موطناً لها عاملاً رئيسياً في الاعتراف بالحوض المائي وحصوله على الاعتماد المعياري الذهبي من قبل جمعية حدائق الحيوان وحدائق الأحياء المائية.

ويقع المرفق في أعماق أتلانتس في منطقة خلفية نظيفة تضم خزانات مياه من جميع الأحجام والأمتار من الأنابيب والصمامات متعددة الألوان، وأحواض مختلفة تحمل ملصقات مثل "براعم قنديل البحر العادي" و"الروبيان الملحي - 24 ساعة" التي تعد مهمة بالنسبة لفريق مستشفى الأسماك.

برامج التربية

يعد الحوض المائي موطناً لـ65،000 حيوان بحريCredit: 2021 Atlantis, The Palm Dubai

ونادراً ما يُصيب المرض الأحياء المائية هنا، ولكن هذا لا يعني أن المستشفى تتمتع بأيام هادئة. وتُعزل الحيوانات الجديدة التي تنضم إلى الحوض المائي، وفي حرارة أشهر الصيف، يتم إيواء السلاحف من منظمات الإنقاذ المحلية هنا، مما يوفر لها بيئة آمنة يمكن التحكم فيها.

إنه أيضاً المكان الذي تجري فيه برامج تربية أحواض السمك لقنديل البحر العادي، والشعاب المرجانية، وأسماك قرش السجاد.

وتوضح كيلي تيمينز، مديرة الحفظ والتعليم والمسؤولية الاجتماعية للشركات في أتلانتس: "لقد سمحنا للكائنات البحرية بالاستمرار في كونها حيوانات، وهذا يعني حتمًا أن بعضها سيتزاوج".

ومع وجود مياه البحر الطبيعية وأشعة الشمس، تتكاثر أسماك قرش السجاد دون أي تشجيع إضافي.

ويقول روب بينيت، مدير حوض "ذا لوست تشامبرز" المائي، الذي يرعى الكائنات البحرية الأكبر حجماً، بما في ذلك أسماك القرش والراي، منذ عام 2008: "عندما يعثر الغواصون على بيض أسماك القرش في البحيرات الضحلة، فإنهم يجمعونها ويحضرونها إلى حضّانة مستشفى الأسماك بأمان". 

ويبقى جنين سمكة قرش السجاد العربي داخل بيضته، المعروفة باسم "حافظة حورية البحر"، لمدة تتراوح بين تسعة إلى 12 شهراً ويستهلك الصفار داخل البيضة ويتحرك باستمرار لتزويد السائل المحيط بالأكسجين، وبعد ولادته، يصبح مستقلاً تماماً.

وهذا ما يجعل هذه الكائنات قابلة ليتم إطلاقها في بيئة الحياة البحرية.

ويعمل فريق أتلانتس دبي مع بلدية دبي لإطلاق عدداً من أسماك قرش السجاد العربي الصغيرة، التي يعتبرها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، من الأنواع المهددة بالانقراض، في مياه الخليج كل عام.

حكاية القرش

وفي شهر مارس/ آذار الجاري، أُطلقت 10 أسماك قرش في محمية جبل علي للحياة الفطرية، وهي امتداد من الشاطئ المحمي والساحل الذي يوفر بيئة هادئة وآمنة للحياة البحرية.

ويعد موطنها الجديد بمثابة المكان المثالي، حيث تضع اللجأة صقرية المنقار وهي من فصيلة السلاحف البحرية، بيضها، وتوفر المروج البحرية الغنية بالأعشاب البحرية غذاءاً لأبقار البحر.

وتتمثل إحدى مهام سالباني في التأكد من أن أسماك القرش المنقولة للإفراج عنها تتمتع بصحة جيدة، وتقول: "نقيس وزنها وطولها ونحدد جنسهما قبل إطلاقها في البرية"، وتضيف: "يجب أن يكون هناك ارتباط بين الوزن والطول للتأكد من أنها قوية بما يكفي لتدبر أمرها".

وبهدف نقلها لموطنها الجديد، توضع أسماك القرش في خزان بمياه البحر الطبيعية التي تتأكسد باستمرار خلال الرحلة التي تستغرق مدتها 30 دقيقة.

وتعد عملية الإطلاق سريعة، حيث يتم نقل كل سمكة قرش إلى الماء بواسطة الحبال، ثم يُسمح لها بالسباحة بعيداً. وبعد الإطلاق، يراقب الفريق طول الشاطئ للتأكد من عدم عودة أي منها إلى الشاطئ.

وعن سبب إطلاق سراح أسماك القرش، يقول بينيت: "نحن جميعاً من دعاة حماية البيئة في الأساس"، موضحاً أن أسماك القرش تكون صغيرة في العمر عندما تغادرهم، ما بين عامين وثلاثة أعوام، ولكن يتم بذل الكثير من الجهد لتصل إلى هذا النحو.

وتعد أسماك قرش السجاد العربي مخلوقات سهلة الانقياد وتعيش في قاع البحر. وعلى عكس أسماك القرش سريعة السباحة، فهي لا تستخدم عينيها للعثور على الطعام، وبدلاً من ذلك تستخدم الحزم الشبيهة بالشارب والمسام المليئة بالهلام، والتي تُسمى أمبولة لورنزيني، للبحث عن وجبتها التالية.

ويعد الطعام مصدر قلق مهم بالنسبة لمتخصصي رعاية الحيوانات البحرية في مستشفى الأسماك.

ومع التركيز الرئيسي على الوقاية من المرض بدلاً من العلاج، يلعب النظام الغذائي للأسماك دوراً رئيسياً في الحفاظ على صحة الكائنات البحرية. وفي المجموع، يحتاج سكان الحوض إلى ما بين 350 و400 كيلوغرام من الطعام يومياً.

ويوضح بينيت أنه خلال الصيف، هناك حاجة إلى كمية أقل قليلاً، إذ أن ضوء الشمس الطبيعي على البحيرة يساعد في تكوين الطحالب التي تعد مصدراً رائعاً للغذاء لبعض الكائنات البحرية.

ولكن بالنسبة لأسماك القرش، فإن الطحالب ليست ضمن قائمة الطعام الخاصة بها. ويشرح بينيت أنه بدلاً من ذلك: "نحن نقدم مجموعة متنوعة من الأطعمة المختلفة التي تشمل الحبار، والماكريل، والجمبري، وسرطان البحر، والكركند".

وهناك أيضاً عنصر غير متوقع مع هذا المزيج، أي الثوم.

ويتم استخدام 40 كيلوغراماً من الثوم كل شهر، بحسب ما يقول بينيت، موضحاً أنه رائع لجهاز المناعة ويساعد على إبعاد الطفيليات.

وفي فصل الشتاء، مع انخفاض درجات الحرارة وعدم تشكل الطحالب الطبيعية بكميات كبيرة، يتم استكمال النظام الغذائي بالسبانخ الغني بالفيتامينات والخس.

ويركز جزء كبير من العمل الذي يقوم به فريق حوض السمك ومستشفى الأسماك على التعليم.

يوفر أتلانتس دبي أيضاً فرصة الغطس مع أسماك القرشCredit: 2021 Atlantis, The Palm Dubai

ويمكن لضيوف فندق أتلانتس زيارة المنشأة ومعرفة ما يجري وراء الكواليس، ويقول بينيت: "نبذل قصارى جهدنا لشرح ثراء الحياة البحرية في الخليج للضيوف لأن هناك نقصاً في المعرفة بمياهنا"، مضيفاً أن "الناس تعتقد أنه بسبب الحرارة الشديدة، لا توجد كائنات بحرية تعيش هنا".

ولكن لا يتعلق الأمر فقط بالتعريف بالأنواع التي تعيش محلياً، ويعد توسيع نطاق الوعي بأسماك القرش بشكل عام وتقليل عامل الخوف من هذه الأنواع التي يساء فهمها بمثابة محور تركيز رئيسي لبينيت وفريقه.

ويقول بينيت: "من خلال عرض أسماك قرش السجاد العربي وأسماك القرش الأخرى الموجودة في الحوض المائي الخاص بنا، يمكننا أن نظهر للناس أن هناك تنوعاً كبيراً وأن أسماك القرش لا يجب أن تكون مخيفة".

ويضيف بينيت أن تبديد هذه الأسطورة يعد جزءاً أساسياً من حماية أسماك القرش، وهو جزء مهم من الدور الذي يقوم به فريقه هنا.

نشر
محتوى إعلاني