"قرية أشباح" في قطر.. تقدم لمحة عن ماضي البلاد وتاريخها

نشر
5 دقائق قراءة
Credit: Dimitris Sideridis

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- وراء الباب المقوس الصغير، يؤدي درج حلزوني ضيق إلى أعلى مئذنة تعصف بها الرياح، وهي لا تزال تقف شامخة رغم انهيار كل شيء حولها تقريباً.

محتوى إعلاني

وداخل الغرفة الصغيرة فوق الفتحة الدائرية، تطل 4 نوافذ صغيرة على المناطق المحيطة المهجورة منذ فترة طويلة.

تُعد الجميل واحدة من عدة قرى مهجورة تقع على الساحل الشمالي الغربي لقطر. Credit: Dimitris Sideridis

ومن جهة، تمتد الأنقاض المتداعية لمنازل الصيادين القديمة على طول الساحل الفيروزي، وتقف معظمها بدون سقف، أو أبواب، أو نوافذ.

من جهة أخرى، سترى الصحراء القطرية، ومن ثم الجميل، وهي واحدة من عدة قرى مهجورة تقع على الساحل الشمالي الغربي لقطر.

تفاصيل من داخل المسجد في قرية الجميل. Credit: Dimitris Sideridis

وتوفر بقايا "بلدات الأشباح" هذه لمحة رائعة عن الحياة قديماً، قبل أن يجذب الازدهار الاقتصادي المذهل في قطر الذي يعتمد على النفط والغاز، الأشخاص بعيداً عن قراها التقليدية الصغيرة، من أجل التوجه إلى عاصمتها الحديثة، الدوحة.

وبينما لا يُعرف الكثير عن أصولها، إلا أن تاريخ قرية الجميل يعود إلى النصف الثاني من القرن الـ19، وفقاً لمتاحف قطر.

مشهد قرية الجميل من نافذة المسجد. Credit: Dimitris Sideridis

وتشير بقايا المنازل والمباني الأخرى إلى أهمية القرية، وهي واحدة من أقدم المستوطنات في المنطقة، والتي بقيت مأهولة بالسكان حتى القرن الماضي.

صيد الأسماك والغوص بحثًا عن اللؤلؤ

يعود تاريخ قرية الجميل إلى النصف الثاني من القرن الـ19. Credit: Dimitris Sideridis

واعتمد معظم النشاط الاقتصادي لسكان قرية الجميل، بالإضافة إلى سكان القرى المجاورة الأخرى المهجورة بالكامل، على البحر.

وقال الخبير في الهندسة المعمارية في منطقة الخليج، رونالد ويليام هوكر، لـCNN: "هذه عبارة عن قرى لصيد الأسماك، ولهذا السبب، بنيت المنازل فوق خط المد العالي".

وأضاف هوكر أن "المناطق الواقعة بين منطقتي المد والجزر أمام القرى مليئة بفخاخ الأسماك التي يمكن أن تصطاد الأسماك عند انحسار المد. وكانت المياه المحيطة ضحلة، ولذلك، من المحتمل أنهم استخدموا قوارب أصغر يمكنها الإبحار عبر المياه الضحلة، وحول مختلف الشعاب المرجانية، والصخور".

قرية العريش. Credit: Dimitris Sideridis

وكان لدى معظم الناس في منطقة الخليج عدة طرق موسمية رئيسية لكسب لقمة العيش، وقام الأشخاص بالغوص بحثاً عن اللؤلؤ، وهو أحد مصادر الدخل الرئيسية لقطر قبل اكتشاف النفط في ثلاثينيات القرن الماضي، خلال الأشهر الأربعة في فصل الصيف.

التصميم العضوي للمجتمع

تفاصيل البناء في قرية الغارية. Credit: Dimitris Sideridis

وفي ذلك الوقت، كان معظم سكان المدن الساحلية ينتقلون إلى الصحراء القطرية خلال فصل الشتاء، حيث نصبوا الخيم مع حيواناتهم في واحات مختلفة عبر شبه الجزيرة.

وفي فصل الصيف، يعود السكان إلى منازلهم على طول الشواطئ الغربية، والشمالية، والشرقية، وفي قرى مثل العريش، والخوير، والغارية، والمفجر.

قرية الخوير. Credit: Dimitris Sideridis

وساهمت البيئة والتقاليد الإسلامية بتوجيه المبادئ التخطيطية والتنظيمية لهذه البلدات والقُرى إلى حد كبير، ولعبت المساجد دوراً مركزياً.

وفي قرية الجميل، كانت معظم مساحات المعيشة عبارة عن منازل ذات أفنية.

وتمتعت المنازل بجدران عالية نسبياً، ومداخل متعاقبة تهدف لمنع الوصول البصري إلى الفناء الداخلي، والمساحات العائلية الخاصة.

قرية المفجر. Credit: Dimitris Sideridis

وطُبخت وجبات الطعام على نار الحطب، وتألف النظام الغذائي للأفراد بشكل أساسي من الأرز، والأسماك، واستُخدم التمر كبديل للسكر.

وأشار هوكر إلى أن الأشخاص "تجمعوا معاً وفقاً لعائلاتهم الممتدة".

ولم يُسمح لهم بالبناء بطريقة تمكنهم من رؤية ما يتواجد داخل أفنية جيرانهم.

وهذا يعطي تصميم المجتمع العام "مخططاً أكثر حيوية مقارنةً بأنظمة الشبكات التي يفضلها المعماريون الغربيون"، وفقاً لما قاله هوكر.

وذكر هوكر أن القرية تغيرت على مر الأعوام بسبب استخدامها بشكل دوري كموقع للتصوير.

ويمكن الدخول إلى القرية مجاناً، والوصول إلى أنقاضها، والقرى المحيطة بها بفضل اللافتات التي توضح موقعها على الطريق الرئيسي المؤدي لموقع التراث العالمي القطري الوحيد ضمن قائمة منظمة اليونسكو، أي الزبارة.

ويُعد موقع الزبارة الأثري واحداً من أهم مراكز صيد اللؤلؤ والتجارة في المنطقة في القرن الثامن عشر.

ورغم إمكانية زيارة المنطقة باستخدام سيارة عادية، إلا أنه يُنصح باستخدام سيارة رباعية الدفع عند القيادة لبضعة كيلومترات خارج الطريق.

نشر
محتوى إعلاني