كيف تطمح الحدائق الإيطالية إلى تغيير اتجاه السياحة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل تخطط لإجازة ما بعد التطعيم ضد فيروس كورونا هذا العام؟ من المحتمل أنك ستقضي الكثير من الوقت في الهواء الطلق.
ومع فتح الوجهات ببطء للسياحة مرة أخرى، وحجز المسافرين مؤقتًا للرحلات الجوية، يبدو أن الرحلات إلى المواقع في الهواء الطلق، ستنتعش بعد الجائحة.
وفي إيطاليا، واحدة من أكثر الوجهات تضررًا في أوروبا بسبب الجائحة، لا تختلف الأمور.
وقضى الإيطاليون شهورًا في منازلهم في مراحل مختلفة خلال الجائحة. والآن، يتوقون للخروج.
ولكن لا ينطبق ذلك فقط على الإيطاليين، إذ يبحث المسافرون إلى إيطاليا عن فرص عطلات بين الطبيعة وممارسة رياضات وأنشطة في الهواء الطلق، وفقًا لوكالة السياحة الوطنية الإيطالية، حتى أن هناك نموًا قويًا في الطلب على التخييم.
وتقول مديرة التسويق ماريا إيلينا روسي: "في العام الماضي، كان تأثير الوباء أقل حدة في المناطق الجبلية".
ولكن في عام 2021، يهتم الناس بالطبيعة، والاسترخاء، وممارسة الأنشطة في الهواء الطلق، بحسب ما ذكرته روسي.
وبالنسبة إلى بييرلويجي سيرلينجا، الذي كتب تقريرًا لشركة الاستشارات الإدارية "Bain & Company" حول اتجاهات السفر بعد الجائحة لقمة السفر الرقمية الخاصة بهم، فهو يرى أن هناك بحثًا حقيقيًا عن "تجارب فردية أكثر تخصيصًا ومرونة في الهواء الطلق".
ويقول سيرلينجا إن إيطاليا لا ترقى إلى مستوى التحدي فحسب، بل إنها قد تساعد أيضًا في مواجهة أي عودة للسياحة المفرطة.
ويضيف سيرلينجا أنه "أمر إيجابي للغاية، هناك رغبة واضحة في تنويع العرض وتوسيع نطاقه إلى ما وراء الوجهات التقليدية [في المدينة]".
الهواء الطلق الرائع
وتشهد الحدائق الإيطالية انتعاشًا باتجاه سياحة الهواء الطلق.
وإلى جانب فن عصر النهضة الذي يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم، يوجد في إيطاليا حدائق ومساحات خضراء يعود تاريخها إلى قرون.
ويعود تاريخ إنشاء أول حديقة نباتية بالعالم في مدينة بادوفا إلى العام 1545، وهي لا تزال مفتوحة للزيارة حتى اليوم، وقد حافظت على تصميمها الأصلي، وهو عبارة عن قطعة أرض مركزية دائرية ترمز إلى العالم وتحيط بها حلقة من المياه.
وهذه مجرد البداية، وفقًا لما تقوله جوديث ويد، التي أمضت 40 عامًا في الترويج للتراث النباتي الإيطالي كمؤسسة لـ "Grandi Giardini Italiani" (الحدائق الإيطالية العظيمة)، وهي شبكة خاصة تضم نحو 150 من أجمل الحدائق الإيطالية.
وقبل الجائحة، قام 8 ملايين شخص بزيارة شبكة الحدائق تلك، ورغم من انخفاض الأرقام لأسباب واضحة العام الماضي، إلا أن ويد تشير إلى أنه بمجرد إعادة فتحها في يوليو/ تموز 2020، ارتفعت الأرقام على الفور بنسبة 35% على أساس سنوي.
وتأمل ويد في تحقيق نجاح مذهل في عام 2021، مضيفةً أن حدائق إيطاليا لديها القدرة على تغيير السياحة للأفضل.
وهناك قصر وحدائق فيلا "أركوناتي" (Villa Arconati)، خارج ميلانو، على سبيل المثال، ويعود تاريخها إلى أوائل القرن السابع عشر، وكانت في حالة سيئة تمامًا عندما حصل عليها المالكان الحاليان سيزار وإيزابيل رانسيليو منذ 25 عامًا.
وتحمل هذه المنشأة أهمية ثقافية وتاريخية ضخمة، فقد اعتادت أن تضم بعض مخطوطات ليوناردو دافنشي الأصلية، وفقًا لما يقوله أصحابها، واليوم، يحتل ما يزعم آل رانسيليو أنه أكبر تمثال روماني في شمال إيطاليا مكانًة مرموقة.
وخضعت المنشأة لأعمال ترميم هائلة، وحتى اليوم يتم ترميم اللوحات الجدارية التي تبطن جدران الفيلا بشق الأنفس، وفي بعض الحالات يتم كشف النقاب عن بعضها.
وقد تم تقليم الحدائق الشاسعة، ومنح العديد من النوافير والمسارح فرصة جديدة للحياة.
حياة الجزيرة الجميلة
وهناك منشأة "بوروميو" المكونة من ستة مواقع مختلفة منها القصور الفخمة، والحدائق النباتية الرائعة، وحديقة الحيوانات، وحديقة المغامرات في الهواء الطلق.
ويقول الأمير فيتاليانو بوروميو، من عائلة بوروميو التي امتلكت ثلاث جزر بورومين مذهلة تقع في وسط بحيرة ماجوري منذ القرن الخامس عشر: "هناك الكثير من الضغط لأننا نحاول دائمًا زيادة المعايير -وعلينا إجراء صيانة مستمرة، وإلا ستحدث كارثة عاجلاً أم آجلاً".
وبالنسبة للأمير، فإن موجة من السياح المحبين للخارج ستكون أمرًا حسنًا، إذ انخفض عدد الزوار من 880 ألف في عام 2019 إلى 350 ألف فقط في عام 2020.
وبالنسبة لعام 2021، يأمل الأمير أن تصل الأرقام إلى نصف مليون لأسباب ليس أقلها أن العقار يعتمد على رسوم الدخول لتوظيف أكثر من 150 موظفًا، وهو يخطط لتوسيع حديقة المغامرات الخارجية في التلال فوق البحيرة لتلبية احتياجات العائلات التي تستمتع بالأجواء الخارجية.
المستقبل في الهواء الطلق
ويقوم زوجان سويديان بعمل مماثل في توسكانا، وما بدأ كمشروع شغوف سرعان ما أصبح وظيفة بدوام كامل لهنريك جرونبيرج. وفي عام 2014، اشترى هو وزوجته فيلا ريالي دي مارليا التاريخية، التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، بالقرب من لوكا.
وتعود ملكية الفيلا الحالية، التي كانت مملوكة لشقيقة نابليون، إلى أواخر عصر النهضة، وهي محاطة بحدائق مترامية الأطراف، مع المزيد من الفيلات داخل الأراضي.
وخضع العقار لعملية إعادة هيكلة كاملة، وفي عام 2015 تم افتتاحه للجمهور لأول مرة في تاريخه.
وحتى الآن، كلفت أعمال التجديد أكثر من سعر الشراء البالغ 10 ملايين يورو، أي 12 مليون دولار، ولكن على الرغم من الاستثمار الضخم، فإن جرونبرج مقتنع بأن المستقبل مشرق.
والعام الماضي، كان لديهما 24،000 زائر، ولكن جرونبيرج يعتقد أنه من خلال التركيز الجديد على السياحة الخارجية، فإن ذلك العدد سيصل إلى 200،000 في غضون بضع سنوات.
ويقول جرونبيرج: "أنا مقتنع بأن هذا النوع من الحدائق والممتلكات ستزداد شعبيته على المدى الطويل"، موضحاً أن "الأمر لا يتعلق بجمال المناظر فقط، فالناس يريدون تنفس الهواء النقي الذي يتوفر عند وجود الآلاف من النباتات في الحدائق".