يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي..اكتشاف أدلة على تهجين الإبل في معبد قديم بالعراق
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- اكتشف علماء آثار، يعملون على ترميم معبد يقع في شمال العراق دمره تنظيم "داعش"، أدلةً على وجود إبل هجينة قديمة.
ويقع معبد اللات، الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي، في مدينة الحضر، أحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو. وكانت ذات يوم مدينة مترامية الأطراف، وعاصمة لمملكة الحضر.
وأثناء الترميم بعد الأضرار الأخيرة، اكتشف الباحثون شيئًا غير متوقع في إفريز، وهو شريط زخرفي بارز، فوق مدخل بمعبد اللات. ويبدو أن العمل الفني الأفقي للحجر يظهر الإبل الناتجة عن تهجين سلالتين مختلفتين.
وساعد تصوير هذه الإبل العلماء على فهم أفضل للحضر القديمة، التي كانت مملكة صغيرة مجاورة للإمبراطوريتين الرومانية والبارثية.
ويضيف العمل الفني أيضًا إلى الأدلة المتزايدة التي يمتلكها الباحثون حول متى وأين تم رعي الإبل المهجنة.
وفي السابق، اعتقد العلماء أن أنواعًا مختلفة من الإبل كانت تتكاثر في الغالب في إمبراطوريات شاسعة. وتظهر هذه النتيجة الأخيرة أن هذه الممارسة كانت أكثر انتشارًا.
من جانبه، قال الأستاذ المشارك في جامعة ديجلي ستودي دي بادوفا في إيطاليا، ماسيمو فيدال: "يبدو أن الصورة تنقل رسالة محددة – المشاركة المباشرة للملك في ممارسات رعي الإبل وإدارتها وتهجينها".
وقال باحثون إن العمل الفني أُضيف إلى المعبد خلال عملية تجديد قادها الملك ساناترق الأول وابنه عبد السميع عام 168 ميلادي. وخلال هذا الوقت، أعاد أفراد العائلة المالكة تخصيص المعبد للإلهة اللات، بالإضافة إلى نصب تماثيل بالحجم الطبيعي تقريبًا لأنفسهم.
وأشارت الأبحاث السابقة التي أُجريت على الإفريز الحجري، إلى أنه يصور ثمانية من الإبل العربية، مع اثنين ذات سّنامين في الوسط.
والجمل العربي له سنام واحد، وهذه الفصيلة السريعة تُعد مثالية للتنقل أو حتى خوض سباقات الهجن. وعلى النقيض من ذلك، فإن الجمل الذي يتمتع بالسنامين موطنه الأصلي في آسيا الوسطى، ويمكن لهذه الفصيلة المتينة تحمّل الارتفاعات العالية، ودرجات الحرارة الباردة، وحتى الجفاف.
وعندما ألقى فيدال وزملاؤه نظرة فاحصة على العمل الفني، لاحظوا أن وجهي وفراء الإبل في الوسط، وهما من فصيلة تعرف بما يُسمى الجمل بالسنامين، يبدوان في الواقع أشبه بمزيج بين الجمل بالسنامين والجمل العربي.
وبدلاً من وجود مسافة كبيرة بين السنامين، لم يكن هناك سوى مسافة طفيفة - وهي سمة لوحظت في سلالات الإبل الهجينة هذه.
وقام الناس برعي الإبل منذ القرن الأول الميلادي، وفقًا لأقدم الهياكل العظمية للحيوانات الهجينة من الإبل المسترجعة من الإمبراطوريتين الرومانية والبارثية.
وبدأ استخدام ممارسة الرعي هذه منذ آلاف السنوات لأنها تؤدي إلى حيوانات أقوى وأكثر مرونة. ويمكن أن تحمل الإبل الهجينة ضعف حمولة الجمل العربي وأكثر من ضعف ما يمكن أن يتحمله الجمل بالسنامين.
ورغم من صغر حجمها مقارنة بالإمبراطوريات المحيطة بها، إلا أن مملكة الحضر كانت لا تزال قادرة على استيراد الإبل بالسنامين البعيدة عن سهول آسيا الوسطى، وتربية الإبل كاستعراض للقوة.
استعراض القوة السياسية
ويبدو أن الإبل كانت حيوانات مقدسة في المعبد، وتُظهر المنحوتات والأفاريز الأخرى الإلهة اللات تركب السرج الجانبي للحيوانات.
وفي هذا السياق، أوضح فيدال أنه يبدو أن بناء معبد اللات كان بمثابة قرار جريء اتخذه الملك ساناترق الأول، وخاصة عندما قام باستيراد آلهة اللات وهي أحد أهم الأصنام العربية قبل الإسلام.
وكان يمكن رؤية المعبد المتقن من قبل كل من الزوار الدينيين وأعضاء القوافل التجارية.
كما أن امتلاك أفضل الإبل كانت خطوة سياسية. لأنها أوجدت ارتباطًا مباشرًا بين الملك والحيوان المقدس – وميزت المملكة عن جيرانها الأقوياء.
وقال فيدال: "من خلال مناشدة الجماعات العربية، اتخذ الملك خطوة جادة في عملية فصل الحضر عن ظل الإمبراطورية البارثية".
ونُشرت دراسة تفصيلية عن النتائج يوم الثلاثاء في مجلة "Antiquity".