اكتشاف زهور عمرها 99 مليون عام محفوظة بشكل مثالي أزهرت بعصر الديناصورات
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة أن الزهور المكتشفة محفوظة بشكل مثالي في كرات من الكهرمان التي أزهرت عند أقدام الديناصورات، ما يشير إلى أن بعض النباتات المزهرة في جنوب أفريقيا اليوم، بقيت على حالها على مدى 99 مليون عام.
وازدهرت الزهرتان ذات مرة في ما يعرف الآن بميانمار، ما قد يُلقي الضوء على كيفية تطور النباتات المزهرة، والتي تُعد حلقة رئيسية في تاريخ الحياة وصفها تشارلز داروين ذات مرة بأنها "لغز مقيت".
وتُعد الأزهار سريعة الزوال، فهي تتفتح وتتحول إلى ثمرة، ثم تختفي.
وعلى هذا النحو، لم يتم تمثيل الزهور القديمة بالنحو المناسب في سجل الحفريات، ما يجعل هذه الأزهار القديمة - والتاريخ الذي تحمله معها - ثمينًة بشكل خاص.
وقال مؤلف الدراسة روبرت سبايسر، وهو أستاذ فخري في كلية البيئة والأرض وعلوم النظام البيئي في الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة: "تُنتج الأوراق بشكل عام بأعداد أكبر من الزهور وتكون أكثر قوة - فهي تتمتع بإمكانية حفظ أعلى. يتم التخلص من الورقة كما هي في نهاية عمرها الإنتاجي، بينما تتحول الزهرة إلى ثمرة، والتي تؤكل أو تتحلّل كجزء من عملية انتشار البذور".
وأضاف سبايسر، وهو أيضًا أستاذ زائر في حديقة شيشوانغبانا للنباتات الاستوائية في الصين أن "هذه الأزهار الخاصة مطابقة تقريبًا لمثيلاتها الحديثة. ولا توجد اختلافات كبيرة بينهما في الواقع".
ويُعتقد أن تطور وانتشار النباتات المزهرة، التي تعرف أيضًا باسم كاسيات البذور، قد لعب دورًا رئيسيًا في تشكيل الكثير من الحياة كما نعرفها اليوم.
وتسبب ذلك في تنوع الحشرات، والبرمائيات، والثدييات، والطيور، ما شكل في نهاية المطاف، وللمرة الأولى، تنوع الحياة على الأرض أكثر من البحر، وفقًا للدراسة التي نُشرت في مجلة "Nature Plants"، الاثنين.
وأشار سبايسر إلى أن "النباتات المزهرة تتكاثر بسرعة أكبر من النباتات الأخرى، ولديها آليات تكاثر أكثر تعقيدًا، على سبيل المثال، غالبًا بالتعاون الوثيق مع الملقحات. ويؤدي ذلك إلى التطور المشترك للعديد من سلالات النباتات والحيوانات، وتشكيل النظم البيئية".
وأطلق على إحدى الزهور المحفوظة في كهرمان من قبل الباحثين اسم "Eophylica priscatellata" والأخرى اسم "Phylica piloburmensis"، وهو جنس زهور فيليكا ذاته الذي تعود أصوله إلى جنوب أفريقيا اليوم.
هل حُل اللغز؟
وكان الظهور المفاجئ للنباتات المزهرة في السجل الأحفوري في العصر الطباشيري (منذ 145 مليون إلى 66 مليون عام)، مع عدم وجود سلالة أسلاف واضحة من فترات جيولوجية سابقة، قد تسبب في حيرة داروين.
ويبدو أن ذلك يتعارض بشكل مباشر مع عنصر أساسي في نظريته عن الانتقاء الطبيعي، وبأن التغيرات التطورية تحدث ببطء وعلى مدى فترة طويلة من الزمن.
ووصفها بأنها "لغز مقيت" في رسالة خاصة إلى عالم النبات جوزيف هوكر في عام 1879، والتي نُشرت في مجلد 1903 من رسائل داروين.
وأوضح سبايسر أن ظهور النباتات المزهرة لأول مرة لا يزال غير واضح، لكن الزهور المبكرة المحفوظة في الكهرمان تلقي بعض الضوء على الغموض.
وتُظهر العينات سمات متطابقة مع تلك التي تظهر في الزهور في المناطق المعرضة للحريق، مثل مناطق فنبوس الفريدة في جنوب أفريقيا.
وتنتمي جميع أنواع جنس فيليكا البالغ عددها 150 نوعًا إلى هذه المنطقة الغنية والمتنوعة بيولوجيًا. كما عُثر عليها بجانب الكهرمان الذي يحتوي على نباتات محترقة جزئيًا.
وقال سبايسر: "لقد احتفظنا هنا في الكهرمان بجميع تفاصيل إحدى هذه الزهور المبكرة في الوقت الذي بدأت فيه النباتات المزهرة بالانتشار في جميع أنحاء العالم، والتي تظهر تكيفًا رائعًا مع البيئات الجافة موسمياً والتي تدعم النباتات المعرضة لحرائق الغابات المتكررة".
وتابع: "إذا تعرضت العديد من الأزهار المبكرة للحرائق في مثل هذه المناظر الطبيعية شبه القاحلة، فهذا يفسر سبب ضعف تمثيل المراحل المبكرة لتطور كاسيات البذور في السجل الأحفوري، إذ لا تتشكل الأحافير عادةً في مثل هذه البيئات شبه الجافة".
ولفت سبايسر إلى أن الحريق يجب أن يكون حدثًا متكررًا على مدى فترة طويلة من الزمن للتطور لتشكيل الأزهار في شكل يمكن أن يتكيف مع النيران، وينتج البذور التي يمكن أن تجد طريقها إلى سطح الأرض المحترقة.
وفي حالة جنس النباتات فيليكا، تقوم الأوراق بحماية أزهارها بالتجمع عند طرف الغصين، وهو ساق نباتية فرعية تحمل براعم خضرية أو زهرية.
وبينما أن العديد من السراخس والصنوبريات وبعض النباتات المزهرة التي نراها اليوم، مثل الدُّلْب، وهو جنس من الأشجار المعمرة متساقطة الأوراق، نمت خلال عصر الديناصورات، قال سبايسر إن نبات "Phylica piloburmensis" كان أول نبات مزهر معروف بوجود قريب متطابق على قيد الحياة اليوم.
وتوجد أحافير الكهرمان التي تعود إلى عصر الديناصورات فقط في رواسب من ولاية كاشين في شمال ميانمار، وقد ظهرت مخاوف أخلاقية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان حول منشأ الكهرمان من المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
ودعت جمعية علم الأحافير الفقارية إلى وقف البحث عن الكهرمان الذي يتم الحصول عليه من ميانمار بعد عام 2017، عندما سيطر جيش البلاد على بعض مناطق تعدين الكهرمان.
ولفت سبايسر إلى أنهم حصلوا على الكهرمان من بائعين محليين قبل عام 2016 بشكل قانوني بموجب القواعد المعمول بها في ذلك الوقت.