ليست قصة خرافية..داخل قرية سيبورغا التي تريد أن تكون دولة في إيطاليا

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: Principato di Seborga

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- نقع في منطقة الريفييرا الإيطالية على بلدة صغيرة متربّعة على قمة تلة وادعة، تسعى لتحقيق حلمها الكبير بأن تصبح دولة مستقلة، وتنتزع اعترافًا قانونيًا بسيادتها، التي تسعى إليها منذ ستينيات القرن الماضي.

محتوى إعلاني

ولإمارة سيبورغا علمها الخاص، ونشيدها الوطني، وجوازات السفر الخاصة بها، وطوابعها، وعملتها، وبالطبع.. أميرتها. 

محتوى إعلاني
Credit: Principato di Seborga

وحاليًا، تُعتبر سيبورغا ببساطة بمثابة قرية صغيرة خلابة تقع ضمن نطاق مقاطعة إمبيريا شمال إيطاليا، على مقربة من فرنسا، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 300 نسمة. أمّا مساحة أرضها، فتُقدر بحوالي خمسة أميال مربعة.

وثمة معبر حدودي غير رسمي على الطريق المؤدي إلى البلدة، عليه نقطة حراسة ملوّنة جدرانها بألوان علم سيبورغا، ويتناوب عليها من نصّبوا أنفسهم حراس حدود.

Credit: Principato di Seborga

ونظرًا لموقعها المميّز، تتمتّع سيبورغا بمناظر خلابة تطل على الريفييرا المستريحة تحتها، ضمنًا إمارة موناكو، أشهر دولة صغيرة في العالم ربّما، وملهمة هذه البلدة الصغيرة في سعيها المستمر للاستقلال.

وقالت أميرة سيبورغا نينا إنّ " المحامين يعملون لتحقيق ذلك، ولهذا السبب انتُخبت أميرة".

التاريخ القديم

ولا ينتقل نظام الإمارة الحاكم في سيبورغا بالوراثة، بل تُجرى الانتخابات كل سبع سنوات، والأميرة نينا هي أول امرأة تشغل هذا المنصب.

Credit: Principato di Seborga

وُلدت نينا دوبلير مينيغاتّو في ألمانيا، وكانت تعيش في موناكو عندما اكتشفت سيبورغا قبل 15 عامًا مع طليقها، الأمير السابق مارسيلو الأول، الذي تنازل عن العرش عام 2019.

وحول مطالبة سيبورغا بالاستقلال، قالت نينا إنها اعتقدت "في البداية أنّ القصة برمّتها مضحكة جدًا، ولم آخذها على محمل الجد"، مضيفة أنها "تعمقت أكثر بتاريخها بعد ذلك، واكتشفت أن كل هذا صحيح".

وتعود أولى المناشدات إلى مطلع الستينيات عندما قرأ جورجيو كاربونيه، مدير تعاونية محلية لمزارعي الزهور، تاريخ البلدة، واكتشف أنّ هناك خطب ما.

Credit: Principato di Seborga

وعام 954، وُهبت سيبورغا للرهبان البينديكتين الذين باعوها لمملكة سردينيا عام 1729، لتنضمّ في وقت لاحق إلى مملكة إيطاليا. لكن، بحسب كاربونيه، لم يعثر على سجل بيع مؤرّخ، ما يشي بأنّ سيبورغا لم تكن يومًا جزءًا من الأراضي الإيطالية شرعيًا.

ورأى غراتسيانو غراتسياني، الخبير الإيطالي في الدول الصغيرة أنّه "يصعب التفكير بأنّ غياب الوثائق هذا يشكل أساسًا واقعيًا للحصول على اعتراف قانوني، بعد مرور 300 عام تقريبًا". لافتًا إلى أنّه "رغم ذلك، فإنّ المجتمع الذي يؤمن بنيل سيبورغا استقلالها يبني مطالبه على هذا الأمر تحديدًا".

Credit: Principato di Seborga

وسبق أن رفضت كل من المحكمة الدستورية الإيطالية، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طلب سيبورغا، لكنّ هذا الأمر لم يردع الأميرة". وقالت: "من الواضح أنها ليست قضية سهلة"، لافتة إلى أنّ استقلال هذه البلدة "لن يحدث اليوم أو غدًا، لكن لا شيء مستحيل: أنظروا إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".

هل هي حكاية خرافية؟

وتعترف الأميرة نينا بأنّ القصة جيدة للأعمال. وقالت إنّ "لهذا الأمر وقعًا كبيرًا على السياحة أيضًا، دعونا لا ننكر ذلك. من منّا لا يرغب بقصة خيالية، وأميرة، وعربة حصان؟ لذا نعم، إنها نقطة جذب سياحية، لكنها أيضًا جزء من تاريخ سيبورغا".

Credit: Principato di Seborga

وشدّدت على أنّ لا شيء غير قانوني في أنشطة الإمارة، جوازات السفر هي للمتعة فقط، والعملة المحلية لويجينو، مقبولة في جميع متاجر البلدة، لكنها هدية تذكارية في الأصل.

ورغم ذلك، فإن جورجيو كاربونيه، الذي حكم كأول أمير لسيبورغا حتى وفاته عام 2009، دفع بالأمور أكثر بغية تحقيق هذا الهدف.

وأوضحت الأميرة نينا أنّه "في ستينيات القرن الماضي، كان يغلق الحدود ولا يسمح لأي شخص بالسفر بعد ذلك، ورفض دفع الضرائب لإيطاليا، وكان يقود سيارته التي تحمل لوحة سيبورغا فقط".

Credit: Principato di Seborga

وبطريقة أو بأخرى، وضعت هذه المغامرات سيبورغا على الخريطة. وبالإضافة إلى السياحة، شكلّت زراعة الزهور والزيتون، بمثابة عنصر محلي للاقتصاد.

وتتذكّر الأميرة الراحل كاربونيه باعتزاز قائلة إنّ "ما فعله هذا الرجل كان مذهلاً، وهو يستحق نصبًا تذكاريًا".

وقبل أن يتفشّى "كوفيد-19" في البلدة، قصدها سيّاح من أماكن بعيدة مثل اليابان، رغم طابعها المختلف تمامًا عن سحر إمارة موناكو المجاورة.

وأوضح كايدي-كاتارين كنوكس السيبورغي من أصول إستونية أنّ "سيبورغا نقيض موناكو من نواحٍ عديدة، فهي متواضعة جدًا، هادئة وساحرة، ويولي المقيمون فيها اهتمامًا بالطبيعة ويتحلون بسمة الضيافة". ولفت إلى أنه "عندما تقصد حانة في الساحة، تنادي الجميع بالاسم".

انقلاب فاشل

Credit: Principato di Seborga

وكان لسيبورغا نصيبها من الأحداث التي تواجهها الأنظمة الملكية. وفي عام 2016، نصّب الفرنسي نيكولاس موتي نفسه الأمير الجديد، حين كان الثنائي الملكي خارجًا، في حدث وصفته الصحافة المحلية بالانقلاب.

وموتي ليس إلا أحد المنافسين الكثر على العرش على مر السنين. وتنشر الإمارة قائمة تحذيرية، تتضمن ملفات تعريف بمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، التي تبيع غالبًا البضائع أو العملات، وتزعم أنها تنتمي إلى حكومة سيبورغا الشرعية.

وصرّحت الحكومة أنّها لا تمنح أي شخص ألقاب النبالة، وأنها تتألّف من تسعة وزراء فقط، بالإضافة إلى مجلس يضم من ولدوا وترعرعوا في سيبورغا. ولهذه الإمارة قوانينها الخاصة، لكنها لا تتمتع راهنًا، بأي قيمة قانونية، والسلطة الحقيقية في أيدي مسؤول منتخب بانتظام.

وأوضحت الأميرة نينا: "لدى سيبورغا عمدة إيطالي". وتابعت: "رسميًا، يجب أن نكون في حالة حرب، لكننا أصدقاء على نحو غير رسمي".

نشر
محتوى إعلاني