منعوا من صعود الطائرة.. ما الذي حصل بين ركاب يهود وشركة طيران ألمانية؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قدمت شركة طيران ألمانية اعتذارًا بعد منعها مجموعة كبيرة من المسافرين اليهود من الصعود على متن رحلة متصلة بمطار فرانكفورت في وقت سابق من هذا الشهر لأن عددًا "محدودًا" منهم لم يتبع قواعد ارتداء الكمامات إضافة إلى تعليمات أخرى من قبل طاقم الرحلة، حسبما أعلنته الشركة.
وقال المسافرون لـCNN إن الرحلة التابعة لشركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا" انطلقت من مطار جون إف كينيدي في مدينة نيويورك الأمريكية إلى مدينة فرانكفورت الألمانية، بهدف اللحاق برحلة إلى العاصمة المجرية بودابست لأداء فريضة الحج في 4 مايو/ أيار.
وقال المسافر يتسى هالبيرن من نيويورك إنه كان يحاول الصعود على متن الطائرة عندما قيل له ولمجموعة من المسافرين الآخرين المعروفين بأنهم يهود، والذين لم يكونوا جزءًا من مجموعته، إنهم لن يُسمح لهم بالصعود إلى الطائرة.
وأوضح هالبيرن إنه بمجرد إغلاق البوابة، أعلنت شركة الطيران إلغاء تذاكر السفر إلى بودابست الخاصة بهم بسبب حادثة وقعت على متن الرحلة القادمة من مطار جون إف كينيدي، والتي قالت شركة الطيران لـCNN إنها كانت تضم أشخاصًا لا يمتثلون لقواعد ارتداء الكمامات أو تعليمات أفراد الطاقم الأخرى.
وقال المسافرون لـCNN إلى أنه وبالرغم من أنهم لم يسافروا "كمجموعة"، إلا أنه تم التعامل معهم على هذا النحو من قبل شركة "لوفتهانزا".
وخلال الإعلان عن إلغاء تذاكرهم، الذي تم توثيقه بالفيديو، قال موظف شركة الطيران: "أنتم تعلمون سبب ذلك"، بينما كان يمكن سماع المسافرين وهم يصرخون، "لا، لا نعلم".
وأوضحت "لوفتهانزا" أنها تتواصل مع المسافرين المتضررين وقد اعتذرت "ليس فقط بسبب إزعاجهم، ولكن أيضًا عن الإساءة التي تسببت فيها والأثر الشخصي".
وأشار متحدث باسم الشركة لـCNN إلى أن شركة الطيران تجري مراجعة داخلية.
المسافرون يتهمون شركة الطيران بمعاداة السامية
وفي مقطع فيديو للحادث، نُشر على موقع "Dan's Deals"، اتهم الركاب شركة الطيران والشرطة الألمانية، الذين كانوا عند بوابة المغادرة، بمعاداة السامية.
وفي وقت ما، خلال جدل شفوي محتدم، يمكن سماع مسافر غير مرئي أمام كاميرا وهو يصف ضابط الشرطة بـ "النازي"، بينما وجَه مسافر آخر لضابط شرطة يحرس البوابة عبارة: "سيكون أجدادك فخورين".
ويمكن كذلك سماع هالبيرن وهو يقول: "أنا لست مع المجموعة. أفهم أن قائد الطائرة اتخذ قرارًا ولا نشكك في قراره ولكن على ما يبدو، تم حظرنا من رحلات لوفتهانزا الأخرى ... هل هذا قرار من شركة لوفتهانزا، أن جميع المسافرين اليهود الذين كانوا على متن تلك الرحلة لا يمكنهم السفر في أي رحلة أخرى اليوم"؟
ويطالب هالبيرن بالتحدث إلى الإدارة العليا ويواصل التشكيك في ذلك القرار.
ويسأل هالبيرن الموظف المسؤول قائلاً: "لقد كنت أرتدي كمامة طوال الوقت. لماذا أنا متورط معهم؟".
ويجيب الموظف بعد بضع ثوان: "يجب على الجميع أن يدفعوا مقابل ما فعله البعض".
وعندما طلب هالبيرن توضيحًا لما تعنيه كلمة "الجميع" ، أجاب الموظف: "لأنهم يهود قادمون من مطار جون إف كنيدي".
واستمر هالبيرن والموظف، الذي يتحدث بلغة إنجليزية ركيكة، في الجدل، وبعد ذلك يُمكن سماع الموظف يقول: " اليهود هم الفوضى، الذين تسببوا في المشاكل".
ثم يسأله هالبيرن قائلًا: "إذا، تسبب اليهود على متن الطائرة في حدوث المشاكل، لهذا مُنع جميع اليهود من رحلات الطيران التابعة لشركة لوفتهانزا اليوم؟" ويجيبه الموظف: "لهذه الرحلة فقط".
وأفاد ثلاثة مسافرين تواصلت معهم CNN بأنهم لم يشهدوا حدوث أي شيء ء خارج عن المألوف على متن الرحلة القادمة من مطار جون إف كينيدي، وأوضحوا أن المسافرين الذين رأوهم امتثلوا لتوجيهات موظفي شركة الطيران بوضع كماماتهم.
وقال يتسى شميدت، الذي كان مسافرًا برفقة هالبيرن، لـCNN إنه لم يشهد أي مخالفات من جانب المسافرين، مشيرًا إلى أنه كان هناك عدة مرات حيث كان يتناول فيها المسافرون الطعام وينسون إعادة ارتداء كماماتهم، أو طُلب من أحدهم ضبط وضعية كمامته، لكن كل شخص شاهده امتثل لما طلبه أفراد طاقم الرحلة.
وأضاف شميدت: "لقد ذُهلنا جميعًا وحاولنا الحصول على توضيح لكيفية حدوث شيء كهذا".
"لوفتهانزا" تعتذر وتوضح أن القرار استند إلى 'عدم الامتثال'
وقال المتحدث باسم شركة الطيران تال موسكال لـCNN في بيان: "استند سبب القرار إلى حالات مختلفة من عدم امتثال العديد من الركاب لمتطلبات الالتزام بالكمامة وتعليمات سلامة الطاقم على الرحلة السابقة LH401 من نيويورك إلى فرانكفورت".
وتابع: "تأسف لوفتهانزا للظروف المحيطة بقرار استبعاد الركاب المتضررين من الرحلة، وهو الأمر الذي تعتذر عنه لوفتهانزا بصدق."
وأضاف موسكال: "ما حدث لا يتفق مع سياسات أو قيم لوفتهانزا. نحن لا نتسامح مطلقًا مع العنصرية ومعاداة السامية والتمييز من أي نوع. وبينما لا تزال لوفتهانزا تراجع الحقائق والظروف في ذلك اليوم، فإننا نأسف لأن المجموعة الكبيرة مُنعت من الصعود إلى الطائرة بدلاً من اقتصار ذلك على الضيوف غير الممتثلين".
وقال موسكال إنه ليس على علم بأي إجراءات تأديبية.
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة "لوفتهانزا"، كارستن سبور، للموظفين إن ما حدث غير مقبول، وفقًا لتقرير إخباري ألماني أكده موسكال.
وقال سبور: "لا مكان لمعاداة السامية في لوفتهانزا"، مضيفًا: "الإجراء الأربعاء الماضي ما كان يجب أن يحدث على هذا النحو ويجب الآن توضيحه بالكامل".
"كان نوعًا من الانتقاء غير المقبول"
وسُمح لرجلين يهوديين على الأقل بالصعود إلى الطائرة المتجهة إلى بودابست.
وأخبر ماكس وينجارتن CNN أنه وشريكه في العمل سافرا في مقصورة الدرجة الأولى من مطار جون كينيدي إلى فرانكفورت دون أي مشكلة، وسُمح لهما بالصعود إلى الرحلة التالية.
وفي البداية تم إيقاف شريكه في العمل عند الصعود إلى الطائرة، ولكن سُمح له في النهاية بالصعود على متن الطائرة بعد مناقشة مع موظفي شركة الطيران.
وقال وينجارتن: "نحن لا نرتدي ملابس يهودية متشددة، كنا نبدو مثل الأشخاص العاديين"، مضيفًا: أن "انتقاء اليهود مقابل غير اليهود أو الانتقاء بين اليهود أمر مرعب. لقد كان نوعًا من الانتقاء غير المقبول، وقد شعرت بعدم الارتياح كليًا".
من جهتها، قالت السياسية الألمانية مارلين شونبيرجر إنه إذا ثبتت صحة المزاعم، فلا بد أن تكون هناك عواقب.
وكتبت شونبيرجر بتغريدة على موقع "تويتر" أن "استبعاد اليهود من رحلة جوية لأنه يمكن التعرف عليهم بأنهم يهود يُعد فضيحة. وأتوقع أن تكون الشركات الألمانية على وجه الخصوص على دراية بمعاداة السامية".
من جانبه، طالب المفوض الألماني للحياة اليهودية في ولاية هيسن ومكافحة معاداة السامية، أوفي بيكر ، باعتذار وتوضيح من شركة لوفتهانزا، قائلًا: "من الواضح هنا أنه تم تحميل مجموعة كاملة من الناس المسؤولية عن شيء يؤثر فقط على المسافرين الأفراد، فقط بسبب معتقدهم الديني. هذا يعد تمييزًا وليس مسألة عادية".