رومانسية في الجو.. هكذا وقع غريبان في الحب على متن طائرة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في المرة الأولى التي قابلت فيها كريستينا بيرتون غابرييل سولبرغ، نفرت منه.
وكانت بيرتون، راقصة في ال30 من عمرها حينها، تعيش وتعمل في لوس أنجلوس، وتنتظر في مطار جون إف كينيدي للعودة إلى المنزل بعد خوض اختبار أداء بنيويورك.
كان ذلك في الصباح الباكر، وكانت صالة المطار فارغة. وأمامها صف طويل من المقاعد غير أنّ رجلًا وضع حقيبته على الأرض أمامه وجلس بجانبها مباشرة، الأمر الذي أزعجها.
كان هذا سولبرغ، الذي كان في الـ34 من عمره حينها، وكان بطريق عودته من زيارة عائلته في أوروبا.
ونظرًا لتعبه من التوقف المؤقت في المطار ليلًا، لم يكن يولي اهتمامًا كبيرًا لمحيطه.
وتتذكر بيرتون ما تبادر إلى ذهنها وقتها أنّ "هذا الرجل ليس لديه وعي مكاني".
وكان الغريبان يجلسان قريبين جدًا لدرجة أن بيرتون تمكنت من رؤية رقم المقعد المطبوع على تذكرة سولبرغ، حينها أدركت أنه يجلس بجانبها على الطائرة أيضًا، الأمر الذي زاد من انزعاجها.
لم تكن بمزاج يسمح لها الجلوس لـ6 ساعات إلى جانب شخص ليس لديه حسّ بمفهوم المساحة الشخصية.
كان ذلك في يوليو/ تموز 2018، وبالنظر إلى اللحظة الحالية، يسارع سولبرغ للدفاع عن نفسه، ويتذكر الأحداث بشكل مختلف قليلاً.
وقال سولبرغ لـ CNN ضاحكًا: "هذا من منظورها"، وتابع: "عندما ذهبت إلى ذلك المبنى، كان المكان مكتظًا بالمسافرين، وبالكاد حصلت على مقعد فارغ، وجلست هناك لمدة خمس دقائق فقط".
ذكرت بيرتون إن سولبرغ جلس لفترة وجيزة لأنه قفز من مقعده في اللحظة التي أعلن فيها عن صعود الطائرة، ما أكد شكوكها حول طبيعته المتغطرسة.
عندما صعدت بيرتون نهاية المطاف إلى رحلتها على متن خطوط طيران ألاسكا ورأت سولبرغ مستقرًا بالفعل في مقعده بجانبها، حاولت وضع سماعاتها بسرعة لتجنب أي محادثة، لكنها لم تكن سريعة بما يكفي، إذ بدأ الحديث معها على الفور.
وبالفعل لم يلحظ سولبرغ بيرتون في صالة الركاب، لكنه انتبه لها بمجرد صعودها إلى الطائرة، واقترابها من صف مقعده، مشيرًا إلى أن ابتسامتها أذهلته.
وقال لها مبتسمًا: "مرحبًا، ألم تكوني جالسة بجواري في الصالة؟"، فأجابته بيرتون والبسمة لم تفارق وجهها: "أنت من جلس بجواري".
وسرعان ما تلاشى انطباع بيرتون الأول عن سولبرغ باعتباره متعجرفًا وأنانيًا، وبدأ الاثنان في الدردشة.
رومانسية على الطائرة
أعلن قائد الطائرة عبر مكبر الصوت أن الطائرة تأخرت ومن المحتمل ألا تغادر المطار قبل ساعتين. وكان بيرتون وسولبرغ يجلسان في مقعدين بمحاذاة الممر، بينما غط الراكب المجاور للنافذة بالنوم على الفور تقريبًا، لذلك شعرا أنهما بمفردهما.
في انتظار إقلاع الطائرة، كان سولبرغ وبيرتون انتقلا من مرحلة التعارف إلى المواضيع الأشمل.
يتذكر سولبرغ: "تحدثنا عن كل شيء".
من وظائفهما، والمكان اللذين يعيشان فيه، إلى سبب سفرهما إلى لوس أنجلوس.
واكتشف الثنائي أن حب السفر يجمعهما. فسولبرغ من أصول فرنسية وأمريكية، نشأ في ألمانيا، لذلك أمضى حياته مسافرًا، بينما بيرتون أخذها عملها كراقصة إلى جميع أنحاء العالم، من مهام الأداء على متن السفن السياحية، إلى الجولات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
عندما أقلعت الرحلة في النهاية، شعر الثنائي وكأنهما يعرفان بعضهما منذ سنوات.
ورغم متابعتهما للأفلام على متن الطائرة، لكنهما تجاذبا أطراف الحديث والضحك طوال الرحلة.
ويقول سولبرغ: "أخبرتها كيف أنّ خياراتها السينمائية فظيعة".
وتتذكر بيرتون: "كنا نحاول مشاهدة فيلم Planet of the Apes، الذي أعتقد أنه فيلم جيد لكنه قال إنه أغبى فيلم شاهده في حياته".
فتنتها صراحة سولبرغ وروح الدعابة التي يتمتع بها، وكان من الواضح أنه شخص لطيف.
سنحت لهما الرحلة التي استغرقت 6 ساعات بمزيد من المحادثات الجادة أيضًا، حيث تطرقا للمواضيع الروحانية والدين، ونظرة كل منهما للحياة.
وأوضح سولبرغ أنه كان واضحًا في بداية الرحلة أنهما غريبين، ثم نام المسافر الجالس بمقعد النافذة طيلة الرحلة واستيقظ ليجدهما غارقين بالحديث.
رغم ذلك، كانا حذرين لأسباب مختلفة.
فسلولبرغ خرج من علاقة طويلة قبل حوالي 5 أشهر، وأمضى الصيف يزور أحباءه في أوروبا، وعندما التقى ببيرتون كان في طريقه إلى سياتل لزيارة عائلته، ويقول إن الرومانسية كانت بعيدة عن تفكيره.
يتذكر قائلاً: "كان موقفي من العلاقات، أنها لا تناسبني".
وبالمثل، تقول بيرتون إنها لم تكن تبحث عن علاقة أيضًا.
وتضيف: "لم أواعد أي شخص من قبل، كنت أعيش حياتي كامرأة عازبة مع صديقة مقربة لي في لوس أنجلوس".
وكان "الموعد" على طائرة لمدة ثماني ساعات بمثابة مفاجأة لكليهما، ورغم أنه لم يكن افتتانًا فوريًا. لقد شعرا بأنه من التواصل بينهما طبيعي وسهل.
وقال سولبرغ: "لقد كان الأمر منطقيًا نوعًا ما، خالجني إحساس مختلف تمامًا عما اختبرته في الماضي".
عندما هبطت الرحلة ونزل الركاب في مطار لوس أنجلوس، استعد سولبرغ وبورتون للذهاب كلّ في طريقه.
يتذكر سولبرغ: "قلت لها، أتعلمين ثمة أمر ما يحدث هنا. لذا سأعود بعد أسبوع، وسننظر سويًا في هذا الأمر".
وأوضحت بيرتون: "أنا شخصياً لم أكن أعتقد أن ذلك سيحدث". وتابعت: "كنت أعلم أنّ ثمة نوع من التواصل بيينا لأنني شعرت بذلك". وقبل أن تذهب في طريقها، عانقها سولبرغ، ورغم أنّ بيرتون اعتقدت أنها قد لن تراه مرة أخرى، فقد بعثت برسالة نصية إلى أختها وأصدقائها لتخبرهم ما حدث.
ويقول سولبرغ : "كنت أعلم أنني سأعود"، وأرسل رسالة نصية إلى أخيه وكتب له "التقيت بفتاة أحلامي".
مر أسبوع، وعاد سولبرغ إلى لوس أنجلوس، ودعا بيرتون كي تضع مخططًا للقاء. ودام هذا الاتصال بين ساعتين وثلاث ساعات.
يتذكر سولبرغ كيف كان الوضع غريبًا، إذ تحدث للتو عبر الهاتف إلى شخص ما زال يصنّف غريبًا، بسهولة كما لو أنّه يعرفها منذ سنوات.
يتذكر قائلًا: "إنه أمر غريب للغاية، كما لو كنا نعرف بعضنا البعض منذ زمن".
اقترحت بيرتون الذهاب لتناول العشاء ومشاهدة فيلم، وقال سولبرغ إنه قطع مسافة طويلة لرؤيتها وبالتالي عليهما القيام بأمر أكثر إثارة، فاقترح استئجار كوخ في جبال سانتا مونيكا بكاليفورنيا.
كانت بيرتون متحمسة لرؤية سولبرغ مرة أخرى، لكن أصدقائها وعائلتها كانوا قلقين حقًا من فكرة سفرها إلى مكان منعزل مع رجل قابلته للتو.
ورغم أن مكان الإقامة كان ريفيًا أكثر مما توقّعه سولبرغ، فقد أمضى الاثنان وقتًا رائعًا هناك.
في اليوم الذي كان من المفترض أن يسافر فيه سولبرغ إلى نيويورك، خرج الاثنان لتناول الغداء وناقشا مسار علاقتهما، وكان صعب عليهما الافتراق مرة أخرى.
ويتذكر سولبرغ: "كنا نشعر بالإحباط". وقرر الاثنان أنه بدلاً من قول وداعًا، سترافق بيرتون سولبرغ إلى نيويورك لمواصلة المغامرة هناك.
أما بالنسبة لسولبرغ، فهو يعترف بأنه بينما كان يقول إن علاقته مع بيرتون لم تكن رسمية، إلا أنّ أفعاله "لم تكن تعكس هذه الكلمات حقًا".
ومع ذلك، أوضحت بيرتون أن مسيرتها المهنية كراقصة جاءت أولاً. عندما اتصل بها وكيلها بشأن فرصة اختبار مثيرة، قطعت الرحلة إلى نيويورك وعادت إلى لوس أنجلوس باكرًا.
وناقشت بيرتون وسولبرغ كيف أنّ حياتها المهنية أعطتها المرونة للعيش في أي مكان. في النهاية، أمضى الاثنان شهرين فقط يسافران ذهابًا وإيابًا لرؤية بعضهما البعض قبل أن يقرر بيرتون الانتقال مع سولبرغ إلى نيويورك.
في أكتوبر/تشرينا الأول 2019، بعد حوالي عام من لقائهما لأول مرة على متن الطائرة، أعلن بيرتون وسولبرغ خطوبتهما خلال إجازة على الساحل الإيطالي.
كاد سولبرغ أن ينسى أن يأخذ الخاتم معه، وكان على والدة بيرتون مقابلته في المطار لتسليمه إياه من دون أن تعرف بيرتون.
عندما قرر الاثنان حجز جلسة تصوير الخطوبة مع المصور تايلر بيتي، كان الموقع واضحًا، أي المطار، وبالتحديد في المبنى A في مطار رونالد ريغان واشنطن الوطني في واشنطن العاصمة، وهو مركز نقل فيه محطة تاريخية واسعة صممت كخلفية مثالية.
انعكس لقاءهما اللطيف أيضًا في دعوات الزفاف، التي صُممت لتشبه تذاكر الطيران. وخطط بيرتون وسولبرغ لحفل زفاف ساحر في سانت لوسيا.
لسوء الحظ، أوقفت جائحة كوفيد-19 الخطط، لكن خلال الأشهر الأخيرة، بدأ الاثنان التخطيط لحفل الزفاف مرة أخرى. وأصبحت الاستعدادات أكثر تعقيدًا بسبب حقيقة أن بيرتون تعمل حاليًا في ألمانيا.
ويعترف الثنائي بأن المسافات الطويلة ليست سهلة، لكن كلاهما يستمتع بمشاهدة أحدهما الآخر يتطور في حياته المهنية. وهما متفقين حول أهدافهما وطموحاتهما طويلة المدى.