يعتمد على السمع أكثر من البصر.. تايوان تكشف النقاب عن أول مسار هادئ معتمد في العالم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يحتاج السياح الاعتماد على آذانهم أكثر من أعينهم في هذا المسار بتايوان، والأهم من ذلك، يجب عليهم السكوت.
ويُعد مسار بحيرة "كويفينج" الدائري (Cuifeng Lake Circular Trail) مسارًا غير ملموس للمشي لمسافات طويلة، وهو يحتضن أكبر بحيرة شاهقة في في تايوان في مقاطعة ييلان الشمالية الشرقية، والتي تقع على بعد 135 كيلومترا من العاصمة تايبيه.
وتم الاعتراف بالمسار من قبل مجموعة دولية غير ربحية كأول "مسار هادئ" في العالم.
ومُنح الاعتماد من قبل منظمة Quiet Parks International، أو QPI، والتي يقع مقرها في الولايات المتحدة.
وتشارك المنظمة في الأبحاث، ورفع مستوى الوعي العام حول فوائد وأهمية "الهدوء"، وهي تهدف للحفاظ على الأماكن الحضرية والطبيعية الهادئة.
وبُني هذا الدرب على المسارات القديمة لسكة حديدية في الغابة على ارتفاعات تتراوح بين 1900 وألفي متر فوق مستوى سطح البحر.
ويتحرك المسار عبر غابة مُوِرقة ورطبة من أشجار السرو، ومغطاة بسجاد من الطحالب الخضراء الكثيفة، والتي تعمل كطبقة من "رغوة طبيعية تمتص الصوت".
وبلغت شدّة الصوت الأقل انخفاضًا، والتي تم قياسها على المسار، أقل من 25 ديسيبل، وتُصنّفه منظمة QPI بأنه "صامت تقريبًا".
وهذا خبر سار بالنسبة لتايوان التي خسرت أرباحًا سياحية خلال جائحة "كوفيد-19".
ومع تخفيف الجزيرة لقيود الدخول إليها، وتخفيضها مدّة الحجر الصحي في المنزل أو الفندق إلى ثلاثة أيام اعتبارًا من 15 يونيو/حزيران، إلا أن السياح بغرض الترفيه لا يزالون غير قادرين على الزيارة.
وزاد هذا من أهمية السفر الداخلي للاقتصاد.
وقال مدير المكتب الخاص بالغابات، لين هوا تشينغ: "حصول جزيرة مكتظّة بالسكان على أول مسار هادئ مُعتمد في العالم يحمل معنًا خاصًا لتايوان".
استغرق تحقيقه عقدًا من الزمن
وكان أول ما أدهش مُسجِّلة الأصوات الطبيعية المعروفة، ليلى فان، عن المسار هو مدى هدوءه، مع تنوعه، وثرائه بالأصوات المُحيطة، وضوضاء الحيوانات في الوقت ذاته.
ويمكن سماع سمفونية من زقزقة الطيور، وطنين الحشرات، ونداءات الضفادع، وحفيف أوراق الشجر، وطقطقة الأغصان مع هبوب الرياح عبر الغابة.
وهذه أصوات "فريدة من نوعها في تايوان، ولا يمكن سماعها إلا هنا"، بحسب ما ذكرته فان لـCNN.
وقالت: "لا يعني الصمت عدم وجود شيء هناك، بل العكس، هناك شيء بالفعل، ولكننا لا ننتبه ولا نستمع أبدًا".
وبعد عملها على تسجيلاتها الصوتية الأولى حول بحيرة "كويفينج" في عام 2012، أمضت فان 6 أعوام في العمل على زيادة الوعي العام، والحفاظ على هدوء البيئة، وذلك عبر بناء قاعدة بيانات عبر الإنترنت للتسجيلات الصوتية الطبيعية من 50 بقعة في جميع أنحاء الجزيرة.
وأسفرت جهودها عن إعلان الحكومة التايوانية كون المسار أول "مسار صامت" على الجزيرة في عام 2018، وتبع ذلك إعلان منظمة QPI هذا العام.
وذكرت فان: "أشجع الأشخاص على السير عبر هذا المسار بعقلية متواضعة، وفتح قلوبهم للاستماع"، مضيفةً أنه "بمجرد أن تصمت، يمكنك سماع كل شيء من حولك".
وتأمل منظمة QPI أن يزيد اعتماد المسار من الوعي بضرورة اختبار الأشخاص والحياة البرية الهدوء، وأن يُشجّع الحفاظ على الموائل، والصمت.