هل فقدت تجارب السفر في عصر الانترنت سحر الغموض الذي كان يلفّها قبل ذلك؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يصعب تصديق ذلك، لكن في الأيام الغابرة كانت الناس تسافر حول العالم مستخدمة الهواتف المدفوعة، والكتب الإرشادية والخرائط الورقية.
ما عليك سوى سؤال تروي هاس، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة Brownell Travel لمدة عقدين من الزمن.
تأسست شركة Brownell عام 1887، وهي أقدم وكالة سفر في أمريكا الشمالية، وتعد استمراريتها مثيرة للإعجاب، لأنها استمرت على قيد الحياة بعد ضربتين: الأولى تقليل عمولات شركات الطيران، والثانية ظهور وكالات السفر عبر الإنترنت.
ناهيك عن بعض الضربات الإضافية من قبل ستيف جوبز، إذ أصدرت شركة "أبل" جهاز "أيفون"، عام 2007.
يتذكر آرون عزرا، الرئيس والمؤسس المشارك لشركة البرمجيات Plan A Technologies: "أطلق طوفانًا من التكنولوجيا".
فيما تُنشئ شركة "Plan A" اليوم "منصات برمجية مخصصة، ومعقدة، وحلول تحويل رقمية لجميع أنواع المؤسسات المختلفة"، في ذلك الوقت كان كل شيء يتعلّق بالتطبيقات. بينها تطبيقات تقدم "محتوىً مستهدفًا جغرافيًا لمنطقة لاس فيغاس" يصفه عزرا بأنه أشبه بـ"بوابو افتراضية".
فجأة، أصبح لدى المسافر القدرة على قضاء يوم في استكشاف لاس فيغاس ستريب، وجميع أنواع الشاي المثلج في لونغ آيلاند، ثم إخراج هاتفه واكتشاف أنه لا يزال بإمكانه الحصول على تذاكر سيرك دو سوليه.
وهكذا تغيرت الحياة عمّا عهدناها. فقد غيرت هذه طريقة سفرنا وعيشنا كذلك.
وقبل الإنترنت، إذا أخبرت شخصًا أنك ستقابله في مكان ووقت معين، كان عليك فعل ما يلي:
• تذكر المكان
• معرفة كيفية الوصول إلى هناك
• محاولة الوصول تقريبًا في الموعد المحدد
يبدو أمرًا مستحيلاً، لكنه كان حقيقياً، هكذا كان عالمنا، بمجرد إغلاق المكالمة الأرضية، لا تسطيع التواصل مع صديقك حتى لقائه في هذا الموعد المصيري.
ويقول تشاك طومسون، مؤلف كتاب حول مجال السفر: "ربما كان أول ما يخطر ببال الناس الاندهاش من أن أي شخص كان قادرًا على السفر لمسافة ميل واحد من المنزل من دون تطبيق انستغرام".
البحث
يشير طومسون إلى أنه لا يزال يحتفظ بالكثير من الظروف القديمة، والكتيبات، والخرائط، وأوراق المعلومات المرسلة إليه من مدن الصغيرة في إيطاليا، وفنادق في الجزر الماليزية، وما إلى ذلك، ردًا على استفساراته الهاتفية والبريدية طلبًا لمعلومات ما قبل الرحلة.
كانت هذه هي الطريقة التي يمكنك من خلالها اكتشاف ما توفره وجهات السفر، وبمجرد اختيارك إحداها، كان يجب التأكد من أنك أخذت المنشورات الأساسية الخاصة بها معك.
التوجه إلى هناك
يحكي هاس أنه في الثلاثينيات من القرن الماضي، كانت جيني براونيل، إحدى مالكي وكالة السفر Brownell، ترافق مجموعة من الأمريكيين في جولة ببرلين في اليوم الذي أعلنت فيه أمريكا الحرب على ألمانيا! وكان عليها تغيير القطارات أربع مرات لإعادتهم إلى الوطن بأمان لأن كل دولة لن تسمح لقطاراتها بعبور الحدود والمغادرة.
التصرف بنفسك
ما مدى صعوبة التعامل مع لوازم السفر بنفسك في ذلك الوقت؟
يقول عزرا إنه على مر السنين، قام ببناء أشكال أخرى من تقنيات السفر، بما في ذلك محركات الحجز.
ويقدر عزرا هذا الابتكار بشدة، إذ في السابق، كان عليك التواصل مع الفندق والتحدث عن مدى توفر الغرف والأسعار، وأخيراً - إذا وجدت لديهم ما يناسبك، ستقوم بإعطائهم بيانات بطاقتك الائتمانية.
وحينها تفكر، هل يجب أن أجري المزيد من المكالمات لمعرفة إذا كان هناك عرض أفضل هناك؟ أو أخذ تلك الغرفة المتوفرة، لأنك قد لا تعثر على بديل آخر وعندما تعاود الاتصال تجد أن شخصًا آخر قام بحجزها، وفقًا لما ذكره عزرا.
التواجد هناك
يتفق الخبراء على أنّ السفر فقد بعض بريقه، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن الوجهات الرئيسية تعاني من السياحة ومشكلات مثل "صور السيلفي"
ويقول طومسون: "كان هناك عدد أقل من الناس، وهذا أمر مؤكد، ما جعل الأمور أسهل بكثير وأكثر تحضّرًا".
ويتفقون أيضًا على أنه كان هناك شعورًا أكبر بالاكتشاف، لأنك عندما تزور مكانًا ما، ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تراه بحالة حركة، وليس عبر صور ثابتة من الكتيبات الإرشادية.
الأمور تغيرت
يرى طومسون أن توثيق رحلات السفر عبر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم يمكن أن يكون مؤلمًا، لكنها ليست بجديدة.
ويقول: "لقد أصبحت صور السفر على مواقع التواصل الاجتماعي بغيضة نوعًا ما، لكنها مماثلة لشخص لا يتوقف عن الحديث عن رحلته التي غيرت حياته إلى أوروبا وهو يحاول تصوير كاتدرائية قوطية، فيما أنت تجلس مستمعًا إليه على أريكة متظاهرًا بالاهتمام".
وبالمثل، يقول هاس إن شركة Brownell نجت بينما غرقت العديد من وكالات السفر لأنها ظلت متمسكة بمهمتها المتمثلة بكونها "تخلق تجربة سفر استثنائية".
وهناك بعض الاختلافات اليوم التي يجب أن نكون ممتنين لها.
يتذكر عزرا: "في بداية مسيرتي المهنية، أي في الفترة التي سبقت انتشار الإنترنت على نطاق واسع، كنت أضطر أن أقضى وقتًا بالسفر أكثر من المنزل. وأنا ممتن للعيش في هذه اللحظة حيث تطبيق الترجمة بمتناول اليد، ذلك أنه في السابق كانوا يرسلوني باللحظة الأخيرة إلى البرازيل، لحضور اجتماع يجرى بالكامل باللغة البرتغالية".