داخل موقع على الإنترنت يتعقب كل طائرة في السماء.. كيف يعمل؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- خلال يومٍ عادي، تقلع وتهبط أكثر من 200 ألف رحلة جويّة في جميع أنحاء العالم. وتشمل تلك الناقلات الطائرات التجاريّة، والمُستأجرة، إضافةً لطائرات الشّحن، التي تمثّل حوالي نصف المجموع، بالإضافة إلى طائرات روّاد الأعمال، والطائرات الخاصّة، والمروحيّات، وطائرات الإسعاف الجوي، والطائرات الحكوميّة، والعسكريّة، وطائرات "الدرون"، ومناطيد الهواء الساخن، والطائرات الشراعية.
ويتم تجهيز غالبيتها بجهاز مرسل مستجيب (transponder)، وهو جهاز ينقل موقع الطائرة، وبيانات أخرى خاصّة بالرحلة، إلى مرافق مراقبة الحركة الجويّة، ويمكن التقاط هذه الإشارة بأجهزة استقبال غير باهظة الثمن تعتمد على تقنية تسمى البث التلقائي للمراقبة المعتمدة (ADS-B).
وهذا ما تفعله مواقع تتبّع الرحلات الجويّة باختصار، إذ توفّر للمستخدمين مشهدًا في الوقت الفعلي لكل شيء موجود في السماء (مع وجود القليل من الاستثناءات).
وهذا ليس موضع اهتمام عشاق الطيران فحسب.
وفي أوائل أغسطس/آب، وعند هبوط طائرة تابعة للقوّات الجويّة الأمريكيّة تقل رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، في تايوان، شهد أكثر من 700 ألف شخص الرحلة أثناء حدوثها، وذلك عبر خدمة "Flightradar24" لتتبّع الرحلات.
وغادرت الطائرة من كوالالمبور في ماليزيا قبل التّوجه نحو مسار غير مباشر إلى تايوان لتجنّب المواجهات مع الجيش الصيني، ما زاد من ساعات التحليق.
ولم يوضّح ذلك على الفور الوجهة النهائية للطائرة، وأثار ذلك المحادثات عبر الإنترنت عند انحراف الطائرة ببطء شمالًا نحو الجزيرة.
ونتيجةً لذلك، كانت رحلة بيلوسي الأكثر تتبعًا على الإطلاق على موقع "FlightRadar24"، حيث تابع 2.92 مليون شخص جزءًا على الأقل من الرّحلة التي استغرقت 7 ساعات.
ويُعد موقع "FlightRadar24" جزءًا من مجموعة خدمات شهيرة خاصة لتتبّع الرحلات، مثل "FlightAware"، و"Plane Finder".
وتم إنشاء موقع "FlightRadar24"عبر الإنترنت بالسويد في عام 2006 "عن طريق الصدفة تمامًا"، بحسب مدير الاتصالات في "FlightRadar24"، إيان بيتشينك، وكوسيلة لدفع حركة المرور باتجاه خدمة خاصة لمقارنة أسعار الرحلات الجويّة.
وحظي الموقع بالاعتراف العالمي لأول مرَة في عام 2010 عندما أدّى ثوران بركان آيسلندي إلى توقّف آلاف الرحلات الجويّة، وجذب 4 ملايين زائر.
تزايد الاهتمام
وقبل رحلة بيلوسي، كان الرقم القياسي لأكثر رحلة تم تعقّبها عبر "Flightradar24" ينتمي لرحلة عودة زعيم المعارضة الروسية، أليكسي نافالني، إلى روسيا، حيث كان من المقرر سجنه.
وتابع 550 ألف شخص الرحلة التي أخذت محلّها في يناير/كانون الثاني من عام 2021، ما أدّى لتحطيمها الرقم القياسي السابق المسجل في أبريل/نيسان من عام 2020، عندما شاهد حوالي 200 ألف مستخدم طائرة "بوينغ 777" وهي ترسم الهلال، ونجوم العلم الوطني التركي في سماء أنقرة للاحتفال بالذّكرى المئوية لسيادة تركيا.
وقبل ذلك، في سبتمبر/أيلول من عام 2017، شاهد الآلاف طائرة "بوينغ 737" تابعة لخطوط "دلتا" وهي تحلق مباشرة نحو إعصار "إيرما" لتهبط في بورتوريكو.
وبعيدًا عن الأحداث الكبرى، فإن عدد الأشخاص الذين يتعقّبون الرّحلات الجويّة في ارتفاع مستمر، وأوضح بيتشينك: "نرى الكثير من الأشخاص الذين يستخدمون الموقع لتتبّع أحد أفراد عائلتهم، أو تتبع رحلاتهم الجوية، أو العثور على الرحلة القادمة التي سيكونون على متنها في وقتٍ لاحق من ذلك اليوم للتأكّد من وصول الطائرة".
كيفية حصاد البيانات
ولجمع البيانات، قامت "Flightradar" ببناء شبكتها الخاصة من مستقبلات "ADS-B"، والتي قالت إنها تُعد الأكبر في العالم الآن بوجود حوالي 34 ألف وِحدة منها تقريبًا، كما أنها تغطّي المناطق النائية مثل القارة القطبيّة الجنوبيّة.
وبنت منصة "Flightradar24" حوالي ربع أجهزة الاستقبال بنفسها، ولكن تم تجميع غالبيتها من قبل عشاق الطيران الذين يقدّمون البيانات بشكلٍ تطوعي.
ونظرًا لكون بناء جهاز استقبال يُعتبر رخيصًا نسبيًا، إذ تبلغ كلفة العناصر حوالي 100 دولار، قام الكثير من الأشخاص بالاشتراك منذ أن بدأت "Flightradar24" في فتح شبكتها للجمهور في عام 2009.
وتُعد المجموعة الكبيرة من أجهزة الاستقبال ضروريّة لتتبّع الرحلات الجويّة على مستوى العالم، ولكن هناك مشكلة واضحة في المحيطات، إذ تُصبح الشبكة مبعثرة. إذًا، كيف يمكن الحصول على تغطية فوق المياه المفتوحة؟
ويتم ذلك عن طريق "البحث عن الجزر أينما أمكن ذلك، والتأكّد من وجود أجهزة استقبال هناك"، بحسب ما ذكره بيتشينك.
وأضاف بيتشينك: "لكن في الآونة الأخيرة، لجأنا إلى أجهزة استقبال ADS-B القائمة على الأقمار الصناعية حتّى نتمكّن من تتبّع الطائرات بشكلٍ أفضل فوق المحيط. ومع ذلك، لا يزال مصدر البيانات السائد هو شبكتنا الأرضيّة".
ولا تكون بيانات كل طائرة متوفّرة، ويعتمد ذلك على نوع أجهزة الإرسال والاستقبال المُستخدمة.
ويمكن لأصحاب الطائرات، أو مشغّليها أيضًا، أن يقرروا منع عرض بياناتهم بشكلٍ علني، وهو أمر شائع لدى الطائرات العسكريّة، أو الحكوميّة، أو الخاصّة.