على متن أفضل غاطسة بالعالم..رحلة استكشافية تهدف لكشف أسرار مياه جزر المالديف
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بالنسبة للكثيرين، أول ما قد يتبادر إلى الأذهان عند ذكر "جزر المالديف"، يتمثل بصفوف من الفلل الفخمة العائمة فوق الماء المنبثقة من أرصفة خشبية طويلة، أو شواطئ رائعة تحيط بها رمال بيضاء مذهلة.
ولكن، رغم أنّ جزر المالديف تُعد واحدة من أكثر الوجهات المرغوبة حول العالم لقضاء العطلات، وتُعتبر بمثابة وجهة الأحلام للغواصين، يقول العلماء إنّهم يجهلون الكثير حول نُظمها البيئية تحت الماء.
والآن، تعاونت حكومة جزر المالديف مع معهد الأبحاث البحرية البريطاني "Nekton"، لكشف بعض تلك الألغاز من خلال إطلاق رحلة استكشافية طموحة إلى المياه غير المستكشفة في البلاد.
وتخطط مهمة "Nekton Maldives"، التي تنطلق ابتداءً من 4 سبتمبر/ أيلول المقبل وتضم فرقًا من العلماء من جزر المالديف وخارجها، لإجراء أبحاث مكثفة تحت عمق 30 مترًا باستخدام غاطستين عاليتي التقنية - إحداها يمنكها الغوص حتى عمق ألف متر.
ويتمثل الهدف بمساعدة جزر المالديف على إدارة تأثير أزمة المناخ العالمية.
وأوضح بيان صادر عن معهد "Nekton": "تتألف جزر المالديف من نسبة 99% من المحيطات ونسبة 1% فقط من اليابسة، تجلس على ارتفاع متر ونصف المتر فوق سطح البحر. ونتيجة لذلك، تواجه البلاد تهديدًا متزايدًا في ارتفاع مستوى البحار".
وجاء في البيان: "ولكن، مع التسلّح بمزيد من المعرفة بما تحتويه مياههم، يمكن أن يبدأ العمل في حماية الكائنات التي تعيش هناك والبيئة التي تعيش فيها، مما يجعل البلاد بدورها أكثر قدرة على تحمّل تغير المناخ".
ولفت المعهد إلى اختيار 10 علماء بحريين من جزر المالديف ليكونوا أول "رواد بحار لجزر المالديف" لقيادة أكثر من 30 عملية غوص داخل الغواصات لاستكشاف أعماق مياه البلاد.
وسيقود أول رحلة غوص فريقٌ مكون من النساء بالكامل.
ومن جانبها، قالت قائدة الفريق المالديفي شافية نعيم، المدير العام لمعهد المالديف للبحوث البحرية، في بيان: "نحن نحدد موقع وصحة ومرونة الشعاب المرجانية لدينا، وخاصة النظم البيئية الأعمق التي لا نعرف عنها سوى القليل، بحيث يمكن تحديد الموائل الرئيسية لحمايتها وإدارتها".
وأضافت: "تساعد الشعاب المرجانية التي تحيط بجزرنا المرجانية على تقليل الآثار الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة وتيرة وشدّة العواصف، وتشكّل أساس اقتصاداتنا وسبل عيشنا وقوتنا".
مهمة مدّتها 35 يومًا
وستنقل سفينة "RV Odyssey"، وهي سفينة استكشافية، علماءً من جزر المالديف، والمملكة المتحدة، والهند، وجنوب أفريقيا في مهمة تستغرق 35 يومًا عبر مساحة المياه الشاسعة للبلاد.
وتحتوي السفينة على غاطستين، يمكن لكل منهما حمل قبطانًا واثنين من العلماء.
وستُستخدم الغواصتين إلى جانب لأنظمة الآلية والمستقلة وأكثر من اثنتي عشرة تقنية بحثية لجمع البيانات.
وأشار المعهد في البيان إلى أنّ إحدى الغاطستين، أي "Aurelia" المملوكة لشركة "REV Ocean"، خضعت لتجارب بحرية واسعة النطاق قبالة سواحل برشلونة هذا الصيف، وتُعتمد الآن كأكثر المراكب تقدّمًا في العالم من نوعها.
وبالنسبة لما سيحدث في المهمة التي تستغرق 35 يومًا، سيقوم علماء الأحياء البحرية وعلماء البيانات ومنتجو الأفلام بجمع عينات من الأنواع وتنفيذ عمليات رسم خرائط مكثفة وتسجيل حالة الشعاب المرجانية حول جزر المالديف.
وتقول جامعة أكسفورد، التي تشارك في المهمة، إنّ العلماء سيبحثون أيضًا في كيفية تكيّف حياة المحيط مع الارتفاع التاريخي لمستويات سطح البحر الناجم عن ذوبان الجليد من العصر الجليدي الأخير، واستكشاف "الشعاب المرجانية غير المحمية إلى حد كبير في منطقة عميقة من المياه تُعرف باسم Rariphotic Zone، والتي تُعد بمثابة ملاذ للكائنات البحرية في المياه الضحلة".
وأضافت في بيان أنها ستحقق أيضًا في الوفرة النسبية لـ 40 نوعًا من أسماك القرش و 18 الشَّفنِين البحري، التي تحتل قمة السلسلة الغذائية في محيط جزر المالديف، وتشكّل مؤشرًا حاسمًا لصحة المحيطات.
دعم تنمية السياحة المستدامة
ولكن، ما علاقة كل هذا بالسياحة في جزر المالديف؟
وتتكون البلاد من 26 جزيرة مرجانية مليئة بأكثر من 1000 جزيرة تحتلها عشرات المنتجعات، وجميعها موزعة على أكثر من 90 ألف كيلومتر مربع.
ووفقًا للبنك الدولي، استقبلت جزر المالديف أكثر من 1.3 مليون سائح في عام 2021، أي حوالي نسبة 80% من مستويات عام 2019. وتشكّل السياحة حوالي 28% من ناتجها المحلي الإجمالي.
ويمكن أن يدعم توثيق حالة مياه البلاد تنمية السياحة المستدامة.
وأوضحت الإحاطة الإعلامية لمعهد "Nekton" أن "صحة الشعاب المرجانية أساسية لأكبر قطاعين في الاقتصاد المالديفي، أي السياحة والثروة السمكية".
وإلى جانب الفوائد الاقتصادية التي توفرها الشعاب المرجانية، فهي تمثل خط الدفاع الأول ضد الأمواج والعواصف، التي أصبحت أكثر تواترًا وشدة، وفقًا لما ذكره البيان.
وتُعتبر حماية الأنواع البحرية التي تعيش هناك أمرًا حيويًا أيضًا، لأنها "تؤدي إلى محيط أكثر صحة، ودعم مصايد الأسماك المستدامة ونمو السياحة"، بحسب الإحاطة الإعلامية، التي تشير إلى أن سياحة أسماك شيطان البحر (مانتا راي) تولّد أرباحًا تقدّر بنحو 15 مليون دولار أمريكي سنويًا.