سباق مع الزمن..عائلة كندية تسافر حول العالم قبل فقدان أطفالها لبصرهم

نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كانت ميا، ابنة الثنائي الكندي، إيديث ليماي، وسيباستيان بيليتيير،  تبلغ من العمر 3 أعوام فقط عندما لاحظ أهلها أنها كانت تعاني من مشاكل في الرؤية لأول مرّة.

محتوى إعلاني

وبعد أعوام قليلة من اصطحابها لمقابلة أخصائي عيون، شُخّصت ميا، وهي الأكبر سنًا بين 4 أطفال، بالتهاب الشبكية الصباغي، وهي حالة وراثية نادرة تُسّبب فقدان، أو تدهور الرؤية بمرور الوقت.

محتوى إعلاني

وبحلول ذلك الوقت، لاحظ كلا من ليماي، وبيليتيير، اللذين تزوجّا منذ 12 عامًا، معاناة اثنين من أبنائهما، وهما كولين، ولوران ويبلغان من العمر 7 أعوام، و5 أعوام على التوالي، من الأعراض ذاتها.

قرر ثنائي كندي السفر مع أطفالهما الأربعة حول العالم بعد تشخيص ثلاثة منهم بحالة وراثية نادرة تؤدي إلى فقدان البصر، أو تدهوره بمرور الوقت.Credit: Edith Lemay

وتم تأكيد مخاوف الثنائي عند تشخيص الأولاد بالاضطراب الوراثي ذاته في ​​عام 2019، بينما قيل لهما إن ابنهما الآخر، ليو، البالغ من العمر الآن 9 أعوام، لا يعاني من تلك الحالة.

وقالت ليماي: "لا يوجد شيء يمكن فعله حقًا"، موضحةً عدم وجود حل، أو علاج فعّال لإبطاء تقدّم التهاب الشبكية الصباغي.

وأضافت الأم الكندية: "لا نعلم مدى سرعة تطوره (المرض)، ولكننا نتوقع أن يُصابوا بالعمى تمامًا بحلول منتصف عمرهم".

ذكريات بصرية

بدأت رحلة هذه العائلة في ناميبيا. Credit: Edith Lemay

وبمجرد استيعابهما للخبر، ركّز الثنائي اهتمامهما على مساعدة أطفالهما في بناء المهارات التي سيحتاجون إليها لشق طريقهم في الحياة.

وعندما اقترح طبيب ابنتهما ميا غمر الطفلة بـ"الذكريات البصرية"، أدركت ليماي أن هناك طريقة رائعة حقًا لفعل ذلك من أجلها، وبقيّة أولادها.

صورة جماعية للعائلة في تركيا. Credit: Edith Lemay

وفكّرت ليماي: "لن أُريها فيلًا في كتاب، بل سأصطحبها لرؤية فيلة حقيقية"، مؤكدةً أنها ستسعى إلى ملء ذاكرتها البصرية بأفضل وأجمل الصور.

وسرعان ما بدأت ليماي مع زوجها بالتخطيط للسفر حول العالم مع أطفالهما لعام كامل.

ورُغم سفر الثنائي معًا بشكلٍ متكرّر قبل إنجاب أطفالهما، إلا أن الذهاب في رحلة طويلة كعائلة لم يكن ممكنًا من قبل.

قرر الثنائي السفر لصنع "ذكريات بصرية". Credit: Edith Lemay

وأوضح بيليتيير، الذي يعمل في مجال التمويل: "مع ظهور التشخيص، أصبحت لدينا حاجة ملحّة".

وكان من المقرّر للأسرة المكوّنة من 6 أفراد السفر في يوليو/تموز من عام 2020، مع تخطيطها لمسار مُفصّل يتضمّن السفر عبر روسيا برًا، وقضاء بعض الوقت في الصين.

مغامرة كبيرة

يتمتّع الأطفال بالفضول، وسهولة التكيّف في البلدان الجديدة. Credit: Edith Lemay

ومع ذلك، إلا أن العائلة أُجبرت على تأخير رحلتها بسبب قيود السفر الناجمة عن جائحة "كوفيد-19"، ما أدّى لمراجعة مسار الرحلة لمرّات لا تحصى.

وعند مغادرة مونتريال في مارس/آذار من عام 2022، كانت العائلة قد وضعت القليل من الخطط.

وقالت ليماي: "غادرنا بالفعل بدون مسار مُخطَط"، موضحة: "كانت لدينا أفكار بشأن الأماكن التي نرغب بزيارتها، ولكننا نستمر بالتخطيط مع مضينا قدمًا".

زادت أهمية السفر بالنسبة للعائلة عند تشخيص الأطفال بالتهاب الشبكية الصباغي. Credit: Edith Lemay

وقبل الانطلاق، ابتكرت العائلة قائمة أمنيات خاصّة بالسفر.

ووفقًا لما ذكرته ليماي، أرادت ميا ركوب الخيل، بينما أراد لوران شرب العصير أثناء امتطاء جمل، وقالت: "كان الأمر محددًا ومضحكًا للغاية آنذاك".

وبدأت العائلة رحلتها في ناميبيا، حيث اقتربت من الفيلة، والحمير الوحشية، والزرافات قبل التوجّه إلى زامبيا، وتنزانيا، ثم السفر إلى تركيا حيث أمضى أفرادها شهرًا كاملًا.

ولاحقًا، توجّهت العائلة إلى منغوليا قبل الانتقال إلى إندونيسيا.

وإلى جانب رؤية المناظر الجميلة بينما لا تزال رؤيتهم قويّة نسبيًا، يأمل الثنائي أن تساعد الرحلة الأطفال على تطوير مهارات تأقلم قوية.

وتوثّق العائلة رحلتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع نشرها لتحديثات منتظمة عبر حساباتها في موقعي "فيسبوك"، و"إنستغرام".

تحديات مستقبلية

تُخطط الأسرة للعودة إلى ديارها في مدينة كيبيك الكندية في مارس/آذار المقبل. Credit: Edith Lemay

ويعترف كلا من ليماي وبيليتيير أن التشخيص سيبقى هاجسًا لديهما، ولكنهما يركزان على العيش في اللحظة الراهنة، وتوجيه طاقاتهما نحو أشياء إيجابية.

وبينما تُخطط الأسرة للعودة إلى ديارها في مدينة كيبيك الكندية في مارس/آذار المقبل، إلا أنها تحاول عدم التفكير بالمستقبل البعيد.

وفي الواقع، تُعد القدرة على العيش في الوقت الراهن من الأشياء الرئيسيّة التي تعلمتها الأسرة خلال الأشهر القليلة الماضية.

وأشار بيليتيير إلى أن الرحلة "فتحت أعيننا على الكثير من الأشياء الأخرى، ونرغب حقًا بالاستمتاع بما لدينا، والأشخاص الذين يُحيطون بنا".

وأكّد بيليتيير أن العائلة لا تزال تأمل بألا يُصاب الأطفال الثلاثة بالعمى أبدًا.

ولكن في الوقت الحالي، يبذل الثنائي قصارى جهدهما لضمان قدرتهما على التعامل مع كل ما قد يحمله المستقبل.

وقال بيليتيير: "نأمل أن يجد العلم حلاً"، مضيفًا: "نحن نشعر بالتفاؤل بذلك، ولكننا نريد التأكّد من أن أطفالنا لديهم الجهوزية لمواجهة أي تحديات".

نشر
محتوى إعلاني