كيف أحدث فندق "هوليداي إن" ثورة في أمريكا بالقرن العشرين؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان كيمونز ويلسون ينتقل مع عائلته بالسيارة، من نيويورك إلى واشنطن، عندما خطرت له الفكرة لأول مرة.
واحتاجت عائلة ويلسون للتوقف ليلاً، ولكن كان ذلك في صيف عام 1951، أي لم تكن المرافق إلى جانب الطريق كما هي عليه اليوم.
وحينها كان من الصعب العثور على الموتيلات المناسبة، والتي غالبًا ما تكون باهظة الثمن نظرًا لقلة وسائل الراحة الأخرى المتاحة.
ويتذكر سبنس ويلسون، أكبر أبناء كيمونز أنه "لم تكن هناك إعلانات عن غرف الموتيلات المتاحة كما يحصل اليوم، لذلك كان [والدي] يذهب ليلقي نظرة على الغرفة قبل أنّ نحجزها".
وفي هذه الرحلة البرية على الساحل الشرقي، بدأ كيمونز، وهو رجل أعمال ووالد لخمسة أطفال، يتخيل الإقامة بنُزل بسيط ومناسب للعائلات يوفر كل وسائل الراحة اللازمة.
وبغض النظر عن الولاية أو المنطقة، ومهما كانت ظروف الطريق، يمكن للمسافرين الإقامة في هذه النزل.
وكانت الفكرة بسيطة - بدون بهرجة، فقط مكان إقامة نظيف مع مطعم وحمام سباحة.
ويتيح للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عامًا، والذين يشاركون الغرفة مع والديهم، إقامةً مجانية.
وفي أغسطس/ آب عام 1952، سعى كيمونز ويلسون وراء هذا الحلم، وافتتح أول فندق لعلامة "هوليداي إن" على الإطلاق.
وبعد 70 عامًا، لا تزال العلامة التجارية "هوليداي إن" مستمرة بقوة.
واليوم، أصبحت الفنادق منخفضة التكلفة إلى جانب الطريق شائعة، ولكن في الخمسينيات من القرن الماضي، كان مفهوم كيمونز يُعد "ثوريًا حقًا"، وفقًا لما ذكره روس والتون، وهو مؤرخ لدى مركز جامعة جنوب ميسيسيبي للتاريخ الشفوي والتراث الثقافي.
وقال والتون لـ CNN: "وضع ويلسون حزمة من الأفكار حول نوع وسائل الراحة التي يريدها مسافرو رحلات العمل، فضلًا عن العائلات التي تسعى لقضاء إجازة".
وأضاف: "العناصر التي كانت تُعتبر إضافية في أي مكان إقامة آخر، جعلها (كيمونز) أساسية، وبسعر غرفة معقول للغاية".
إحداث ثورة في مفهوم النزُل
وافتتح كيمونز أول فندق "هوليداي إن" في مدينته ممفيس بولاية تينيسي الأمريكية، وشارك أطفاله بحفل الافتتاح.
ويتذكر سبنس أنّ عمدة المدينة، الذي كان من المفترض أن يأتي ويقطع الشريط، لم يحضر، إذ يقول: "لم يكن أبي سعيدًا بذلك"، حينها اقترحت والدته بأن يقوم هو وإخوته الأربعة بقطع الشريط.
وأعقب إنشاء فندق "هوليداي إن" الأول ثلاثة فنادق أخرى في ممفيس، والتي بنيت بالتعاون مع المؤسس المشارك لكيمونز، رجل الأعمال والاس جونسون.
وبحلول الوقت الذي افتتح فيه فندق "هوليداي إن" الرابع ، أعلنت إحدى الصحف في عام 1960 أن الصورة التي كانت سائدة في ذلك الوقت للنزل، أي "مجموعة الكبائن المتهالكة المتجمعة إلى جانب الطريق"، أصبحت شيئًا من الماضي.
وتبع ذلك افتتاح المزيد من فنادق "هوليداي إن".
ويتذكر جورج فولز، نائب رئيس "هوليداي إن" السابق، عندما كان يسافر على طول الطرق في الولايات المتحدة، ثم عبر البحار لاحقًا، بحثًا عن مواقع محتملة وتقييم جدواها لمنحها حق الامتياز.
وكان يجب على فولز وفريقه التأكد من أن كل موقع يلبي معايير علامة "هوليداي إن" بدقة.
"اللافتة الكبرى"
وأدرك كيمونز ويلسون أن التسويق يُعد الأساس لإطلاق فكرته على أرض الواقع، لذلك كانت قصة منشأ فكرة "هوليداي إن" خلال رحلته العائلية حاضرةً بكل فعاليات العلاقات العامة للعلامة التجارية منذ اليوم الأول.
وكانت الموتيلات تحظى بسمعة سيئة خلال الخمسينيات من القرن الماضي، وأراد كيمونز، تغيير هذه الصورة.
وأكد كيمونز أيضًا على نشأته المتواضعة مع أم عزباء خلال الكساد العظيم في عشرينيات القرن الماضي.
وقد ساعد ذلك أيضًا في أن يكون للسلسلة اسمًا جذابًا، يُنسب إلى المهندس المعماري للعلامة التجارية إيدي بلوستاين، الذي حفر اسم "هوليداي إن" على رسومات التصميم الخاصة به لأول فندق أنشئ في ممفيس.
واستلهم بلوستاين هذا الإسم من فيلم موسيقي أنتج عام 1942، الذي يحمل الإسم ذاته.
ونجح "هوليداي إن" أيضًا في جذب الضيوف المحتملين من الطريق السريع عبر "اللافتة الكبرى" التي زينت واجهة الفندق بألوان نيون مذهلة صممها الفنانان جين باربر ورولاند ألكسندر.
وكانت اللافتة، التي يبلغ ارتفاعها حوالي 50 قدمًا، تجذب الأنظار بألوانها الأخضر والأصفر والأحمر، وتتزينّ بمصابيح كهربائية وامضة.
ووفقًا لما ذكره سبنس، استخدمت كل لافتة طاقة كافية لتشغيل خمسة منازل سكنية.
وتشير مجموعة فنادق "إنتركونتيننتال"، وهي مجموعة الفنادق التي تمتلك الآن العلامة التجارية "هوليداي إن"، إلى استمرار إرث "اللافتة الكبرى" حتى اليوم.
إنشاء فندق عصري
ودافع فندق "هوليداي إن" عن العديد من المفاهيم التي كانت تُعد استثنائية خلال الخمسينيات، ولكنها أصبحت فيما بعد شائعة، مثل أجهزة التلفاز على سبيل المثال لا الحصر.
وفي عام 1965، أطلقت الشركة نظام "Holidex"، وهو نظام حجز داخلي بواسطة الحاسوب أنشأته شركة المؤسسة الدولية للحواسيب (IBM).
وسمح هذا النظام للضيوف بحجز الغرف على الفور بأي فندق "هوليداي إن" عبر الولايات المتحدة. وفي عام 1965، أصبحت أكبر شبكة اتصالات تجارية محوسبة في العالم.
ويؤكد والتون أنّ "هوليداي إن كانت رائدة بلا منازع في تلك المرحلة، وحصل ذلك بعد مرور عقد من الزمن من تاريخ تأسيس العلامة التجارية".
وفي السبعينيات، عرضت "هوليداي إن" مفهوم "هولدروم" لأول مرة، وهو عبارة عن مساحة داخلية يتم التحكم في مناخها، وتضم مناطق جذب مثل حمامات السباحة الداخلية.
وفي عام 1972، وصف الجناح الرئيسي المكون من ستة غرف في فندق "هوليداي إن"، في مدينة غايثرسبيرغ بولاية ماريلاند الأمريكية، بأنّه أغلى جناح بذلك الوقت في أي فندق بالولايات المتحدة، حيث بلغ سعر الإقامة فيه 1،400 دولار في الليلة.
وكان الهدف من هذه الغرفة جذب الشخصيات الشهيرة، ويُقال إن هناك مشاهير أقاموا فيها، بينهم المغنية الأمريكية شيريل لابييري، المعروفة باسم شير.
وقدمت سلسلة فنادق "هوليدي إن" أيضًا وسائل راحة أكثر عملية في الموقع، بما في ذلك الصيدليات، ومحلات الملابس، ومتاجر بيع الهدايا.
ومع مرور الوقت، تطورت العلامة التجارية في ظل منافسة فنادق أخرى مثل "شيراتون" و"ماريوت".
عهد جديد
وبعد تقاعد كيمونز في عام 1979، مرّت فنادق "هوليداي إن" بفترات كثيرة من الصعود والهبوط.
واليوم، تحت إشراف مجموعة فنادق "إنتركونتيننتال"، يتواجد حوالي 1200 فندق "هوليداي إن" حول العالم.
وتتواجد العديد من الشركات التابعة، بما في ذلك فندق "هوليداي إن إكسبريس"، الذي يقدم نسخة مجردة من تجربة "هوليداي إن".