سياحة النوم..كيف تحاول الفنادق مواكبة آخر صيحات قطاع السفر؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يبدو الذهاب في إجازة بمثابة طريقة غير اعتيادية إلى حد ما لمحاولة تحسين عادات نومك.
لكن سياحة النوم تزداد شعبيتها منذ عدة سنوات، مع تزايد عدد الإقامات التي تركّز على النوم بالفنادق والمنتجعات في جميع أنحاء العالم.
وازداد الاهتمام بهذا النوع من السياحة بشكل كبير منذ الجائحة، إذ سلّطت العديد من المؤسسات البارزة اهتمامها على أولئك الذين يعانون من الحرمان من النوم.
وعلى مدار الـ 12 شهرًا الماضية، افتتح فندق "بارك حياة نيويورك" جناح "Bryte" للنوم الترميمي، وهو جناح بمساحة 900 قدم مربع يضم وسائل الراحة المعززة للنوم، في حين أطلقت فنادق ومنتجعات "روزوود" مؤخرًا مجموعة من الخلوات تُسمى "Alchemy of Sleep"، والمصممة "لتعزيز الراحة".
وفي أوائل عام 2020، افتتح أول فندق يركّز على النوم في لندن، أي فندق "Zedwell"، والذي يتميز بغرف مجهزة بعازل صوت مبتكر.
وأنشأت الشركة السويدية المصنّعة للأسرة، "Hastens"، أول فندق سبا للنوم في العالم يحمل اسم علامتها التجارية، وهو عبارة عن فندق بوتيكي يتكون من 15 غرفة، في مدينة كويمبرا البرتغالية.
تأثير الجائحة
إذا، لماذا أصبح النوم فجأة محط اهتمام كبير لقطاع السفر؟
وتعتقد الباحثة والمؤلفة المشاركة لكتاب "النوم من أجل النجاح"، ريبيكا روبينز أنّ هذا التحوّل كان قادمًا منذ وقت طويل، لا سيما فيما يتعلق بالفنادق.
وتقول: "يحجز المسافرون غرف الفنادق بحثًا عن مكان للنوم"، قبل الإشارة إلى تركيز قطاع الفنادق فيما مضى على عناصر تنتقص من النوم بشكل أساسي.
وتضيف: "غالبًا ما يربط الناس بين السفر والوجبات السريعة، وإطالة مواعيد النوم، ومناطق الجذب، والتجارب أثناء السفر، على حساب النوم".
أما الآن، فقد أصبح هناك تحوّل كبير في وعينا الجماعي بتحديد العافية والرفاهية كأولوية.
ويبدو أن الجائحة قد لعبت دورًا أساسيًا في هذا التحوّل.
ووجدت دراسة، نُشرت في مجلة "Journal of Clinical Sleep Medicine" أنّ نسبة 40% من أكثر من 2،500 بالغ مشارك بالدراسة أبلغوا عن انخفاض جودة نومهم منذ بداية الجائحة.
إعطاء النوم أولوية
ولاحظت معالجة التنويم المغناطيسي والتأمل، مالميندر جيل، تغيرًا في المواقف تجاه النوم.
وتقول جيل لـCNN: "ليس من المفاجئ أن النوم بمثابة جانب مهم من حياتنا، إذ يمكن لقلة النوم أن تسبب الكثير من المشاكل المختلفة في الجسم، والصحة النفسية كذلك".
وتعاونت جيل مع فندق Belmond في لندن، لإنشاء خدمة خاصة تلبي احتياجات الضيوف الذين يعانون من مشاكل النوم أُطلق عليها "Sleep Concierge".
وتشمل الخدمة تسجيلًا صوتيًا للتأمل يحث على النوم، وقائمة وسائد مع خيارات تلبي احتياجات الضيوف الذين قد يفضلون النوم على ظهورهم أو على جانبهم، وخيار بطانية ثقيلة، ومشروب شاي وقت النوم معد خصيصًا للخدمة، إضافة إلى رذاذ وسادة معطر.
الممارسات التي تحفز النوم
وتميل أيضًا أنواع البرامج أو الخلوات التي تركّز على النوم، والمقدمة من قبل الفنادق والمنتجعات إلى التباين، حيث تقترب المؤسسات المختلفة من هذا المفهوم بطرق مختلفة.
وعلى سبيل المثال، تقدم العلامة التجارية الفندقية الفاخرة "Six Senses" مجموعة متنوعة من برامج النوم، والتي تتراوح من ثلاثة إلى سبعة أيام أو أكثر، في عدد من منشآتها، في حين أطلق فندق "Brown's Hotel" بلندن مؤخرًا برنامج "Forte Winks"، وهي تجربة لمدة ليلتين مصممة خصيصًا لمساعدة الضيوف على "النوم الهادئ".
ومن جانبها، توضح دانييلا مور، كبيرة مديري العلاقات العامة لمجموعة فنادق روكو فورتي، التي تملك فندق "Brown's"، أنّ "النوم يعد مهمًا للغاية"، وتضيف: "لاحظنا وجود اتجاه في سياحة النوم، والعافية بشكل عام، بعد إجراءات الإغلاق بسبب كوفيد-19".
وتضيف: "لذلك أردنا أن ننتهز الفرصة لعرض فندق Brown's كفندق يهتم بأن يحصل الضيف على أفضل وقت للنوم ليلاً".
وبالنسبة إلى جيل، فإن ظهور المزيد من هذه الأنواع من التجارب يعد إشارة إلى أنّ "مفهوم السهر لإنجاز الأعمال" يتعرض للتحدي، وأن الناس بدأت في الحصول على فهم أعمق لمدى أهمية النوم.
ولكن، هل يمكن لتجارب السفر قصيرة المدى التي تركز على النوم أن يكون لها تأثير طويل المدى على النوم الكلي للشخص؟
ووفقًا لما ذكرته روبينز، فإن تجارب السفر التي تتمحور حول "استراتيجيات النوم الصحي"، والتي تهدف إلى تزويد الضيوف بالأدوات التي يحتاجونها لتحسين نومهم قد تكون مفيدة للغاية، شرط أن يشارك خبير طبي أو علمي مرموق بطريقة ما للمساعدة في تحديد ما إذا كان هناك أمر آخر يؤثر على جودة النوم لدى الشخص.
وتشرح: "إذا جرّب شخص ما أحد هذه البرامج، ولم يلحظ أي تقدم، فقد يكون ذلك بسبب إصابته باضطراب في النوم لم يتم علاجه"، مشيرة إلى حالات مثل توقف التنفس أثناء النوم، أو متلازمة تململ الساق، أو الأرق كأمثلة محتملة.
وتضيف: "لهذا السبب، من المهم التأكد من تعاون الفنادق مع العلماء والمهنيين الطبيين الذين يمكنهم نقل هذه الاستراتيجيات بعناية".
واتخذ فندق "Mandarin Oriental"، في مدينة جنيف السويسرية، هذه المبادرة من خلال التعاون مع "CENAS"، وهي عيادة نوم طبية خاصة في سويسرا، لتنظيم برنامج مدته ثلاثة أيام يدرُس أنماط نوم الضيوف من أجل تحديد اضطرابات النوم المحتملة لديهم.
ورغم أن غالبية المؤسسات والخبرات التي تركز على النوم تميل إلى أن تندرج ضمن قطاع السفر الفاخر، تعتقد روبينز أن جميع الفنادق والمنتجعات يجب أن تجعل النوم أولوية.
ومع استمرار نمو سياحة النوم، تتطلع روبينز إلى رؤية "من الذي يواصل حقًا الريادة والتفكير بشكل خلاق في هذا المجال"، مؤكدةً أن هناك طرقًا لا حصر لها لم تُستكشف بعد حتى الآن عندما يتعلق الأمر بالسفر وعلم النوم.