كشف أسرار مومياء "الصبي الذهبي" بالمتحف المصري بالقاهرة

نشر
5 دقائق قراءة
Credit: Courtesy Frontiers Press

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما تُوفي صبي بعمر المراهقة قبل 2300 عام في مصر، خضع لعملية تحنيط متقنة، وزُيّن بـ49 تميمة حماية وقناعًا ذهبيًا لإرشاده في الحياة الآخرة، بحسب المعتقد المصري القديم.

محتوى إعلاني

واكتشف الباحثون التمائم التي وضعت بترتيب منمّق بين طيات اللفائف الكتانية وداخل تجويف مومياء "الصبي الذهبي"، وذلك باستخدام التصوير المقطعي المحوسب لفك الرفات رقميًا بشكل آمن، من دون المساس بعمل القدماء المصريين.

محتوى إعلاني

وعُثر على هذه المومياء ملفوفة بالكامل بالكتان في عام 1916، داخل مقبرة تُسمى نجع الحساي، والتي استُخدمت خلال الفترة بين حوالي 332 و30 قبل الميلاد، بمدينة إدفو في محافظة أسوان، جنوبي مصر.

دفن الصبي الذهبي داخل تابوت مزخرف (على اليمين) وعثر عليه مرتديًا قناعًا ذهبيًا (على اليسار).Credit: Courtesy Frontiers Press

وبقيت المومياء غير مفحوصة عند اكتشافها، ونُقلت إلى قبو المتحف المصري بالتحرير في العاصمة المصرية القاهرة، حيث بقيت لأكثر من قرن من الزمن، حتى فُحصت لأول مرة في عام 2015، وفقًا لبيان نشرته وزارة السياحة والآثار المصرية عبر "فيسبوك".

وعندما أجرى الباحثون مسحًا ضوئيًا للمومياء، اكتشفوا وجود 49 تميمة بـ 21 تصميمًا مختلفًا، بما في ذلك تميمة على شكل لسان من الذهب وُضعت داخل فم، ليتمكن الميت من التكلّم في الحياة الآخرة، وتميمة من الذهب لجعران القلب موجودة داخل الصدر، والتي اعتقد المصريون القدماء أنها يمكنها أن تساعد في الانتقال إلى الحياة الآخرة.

وضعت التمائم بين طيات اللفائف الكتانية وداخل تجويف المومياءCredit: Ministry of Tourism and Antiquities- Egypt/facebook

وأوضح التصوير المقطعي أن الصبي توفي عن عمر يناهز 15 عامًا، وكان يرتدي قناعًا ذهبيًا، وصدرية مصنوعة من الكارتوناج، بالإضافة إلى صندل من النسيج.

وقد خضعت المومياء لعملية تحنيط متقنة، إذ أزيلت جميع أعضاء الجسم باستثناء القلب، الذي يظهر في صور الأشعة، واستُبدل الدماغ بالحشوات والراتنج.

رحلة إلى الحياة الآخرة

وآمن المصريون القدماء بالبعث والحياة الآخرة الأبدية بعد الموت، لكن الوصول إليها يتطلب رحلة خطيرة عبر العالم السفلي. وحرص المحنطون على تجهيز الجثث لهذا العبور، ويبدو أن الصبي الذهبي كان مجهزًا بشكل جيد لرحلته الأخيرة، وفقًا لدراسة نُشرت الثلاثاء، في مجلة "Frontiers in Medicine".

وقالت مؤلفة الدراسة، الدكتورة سحر سليم، وهي الأستاذة بكلية الطب بجامعة القاهرة في بيان: "نظهر هنا أن رفات هذه المومياء زيّنت على نطاق واسع بـ 49 تميمة، بأسلوب منمّق في ثلاثة أعمدة بين اللفائف الكتانية وداخل تجويف المومياء. وتشمل هذه التمائم عين المعبود حورس، والجعران، وتميمة أخيت في الأفق، والمشيمة، وعقدة إيزيس والريشتان، وغيرها. وكان العديد منها مصنوعًا من الذهب، بينما كان بعضها مصنوعًا من أحجار شبه كريمة، أو من الطين المحروق، أو القيشاني. وكان الهدف منها حماية الجسد وإعطائه الحيوية في الحياة الآخرة".

كانت المومياء ترتدي صندلًا أبيضًا من النسيج.Credit: Courtesy Frontiers Press

وتكلّل السطح الخارجي للمومياء بنبات السرخس، وكانت ترتدي صندلًا أبيضًا من النسيج. 

وأوضحت سليم أنه "ربما كان المقصود من الصندل تمكين الصبي من الخروج من التابوت، إذ بحسب طقوس المصريين القدماء في كتاب الموتى، كان على الميت أن يرتدي صندلاً أبيض اللون ليكون تقياً ونظيفاً قبل أن يتلو آياته".

واعتقد قدماء المصريين أن النباتات والزهور تتمتع بتأثيرات مقدسة ورمزية، إذ كانت باقات من النباتات والزهور توضع بجانب المتوفى وقت الدفن، حسبما أشارت إليه سليم.

كشف التصوير المقطعي عن وجه الصبي الذهبي، الذي لم يُر منذ 2300 عام.Credit: Courtesy Frontiers Press

ورغم أن التصوير المقطعي لم يُوضّح سبب الوفاة، إلا أنّه كشف عن طول المومياء، الذي بلغ 128 سنتيمترًا، وعن وجهها، الذي كان بيضاوي الشكل، ويتمتع بأنف صغير، وذقن ضيقة.

ولا تزال هوية المومياء غير معروفة، إلا أن حالتها الصحية الجيدة، وأسنانها سليمة، إلى جانب الطقوس الجنائزية العالية المقام والتمائم التي حظيت بها، والتي تشير إلى أنها كانت تتمتع بمكانة اجتماعية رفيعة، وفقًا لما أشارت إليه الدراسة.

ومن خلال جمع البيانات باستخدام الأشعة المقطعية، تمكن الباحثون من طباعة نسخة ثلاثية الأبعاد من جعران القلب.

تم العثور على تميمة لجعران القلب من الذهب داخل تجويف صدر المومياءCredit: Courtesy Frontiers Press

وشرحت سليم أن جعران القلب مذكور في الفصل الـ30 من كتاب الموتى، على أنّه غرض مهم في الآخرة عند الحكم على الميت.

وتابعت: "يقوم جعران القلب بإسكات قلب الميا حتى لا يشهد ضده في الحياة الآخرة. ويُوضع داخل تجويف الصدر أثناء التحنيط ليحل محل القلب، إذا كان الجسم قد حُرم من هذا العضو".

Credit: Ministry of Tourism and Antiquities- Egypt/facebook

ونقلت مومياء الصبي الذهبي إلى قاعة العرض الرئيسية بالمتحف المصري، وسيتم إحاطتها بصور مقطعية ونسخة من جعران القلب، لتقديم مزيد من المعلومات حول عملية التحنيط، والطقوس الجنائزية عند المصريين القدماء.

وكتب الباحثون في الدراسة: "كان الهدف من عرض المومياء إضفاء الطابع الإنساني عليها لتعليم الأشخاص المعاصرين عن الحياة في العصور القديمة".

نشر
محتوى إعلاني