تُشبه قطع الأحجية.. كيف ستبدو شوارعنا الذكية في المستقبل؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بحلول عام 2050، من المتوقّع أن يصل عدد السّيارات في شوارعنا إلى 3 مليارات مركبة. ومع توقّع عيش غالبية سكّان العالم في المدن الحضرية بحلول ذلك الوقت، سيتواجد طلب متزايد على الشّوارع الذكيّة.
ويجب أن تكون طرقنا مبتكرة تمامًا مثل السّيارات نفسها.
وتستكشف CNN عدّة طرق ممكنة لتطوير تقنيّات الشّوارع الذكيّة.
بنى تحتيّة مدعومة بالذّكاء الاصطناعي
وقال المؤسّس والرّئيس التّنفيذي لشركة "Hayden AI"، كريس كارسون: "نلاحظ فرصًا هائلة للذّكاء الاصطناعي لتحسين إيصال الخدمات ونوعيّة الحياة للأشخاص الذين يعيشون، ويعملون، ويلعبون في المدن".
ويقع مقر الشّركة في الولايات المتحدة، ويرصد برنامج الإدراك المدعوم بالذّكاء الاصطناعي التّابع للشركة البيانات الوصفيّة من شوارع المدينة ويحلّلها.
وفي عام 2022، استُخدِم البرنامج بالتّعاون مع "New York City Transit" لرصد المركبات المركونة بشكلٍ غير قانوني في مسارات الحافلات.
وأضاف كارسون أنّ أجهزة الاستشعار التي تعمل بالذّكاء الاصطناعي في المدن ترصد كل شيء، من سرعة السّيارات، والازدحام المروري، إلى طراز السّيارات الموجودة على الطريق.
ويمكن لأجهزة الاستشعار تحليل تدفّق حركة المرور، وتحسينه، وتقليل الازدحام، والحوادث في الوقت الفعلي.
وأكّد كارسون: "ستُحدِث هذه التّكنولوجيا ثورةً في كيفيّة قيام مخطّطي المُدُن وقادة التّكنولوجيا ببناء مُدُن الغد الذكيّة".
ويُحذّر أستاذ التّخطيط الحضري ومدير مختبر "Senseable City Lab" التّابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كارلو راتي، من عمل أوجه التّحيز الكامنة في الذّكاء الاصطناعي، وانعدام الشفافية ضد مصالح المواطنين.
ولكنّه يقرّ بأنّ التدفّق غير المسبوق للبيانات سيساعد في إبلاغ الحكومات بشأن كيفيّة تحسين الحياة الحضريّة.
طرق لشحن مركبتك
وستكون حوالي نصف السّيارات على الطريق كهربائيّة بحلول عام 2050.
وسيعني الانتقال من السّيارات التي تعمل بالبنزين إلى السّيارات الكهربائيّة زيادة الطلب على البنى التحتيّة المخصّصة للشّحن.
وتُعد شركة "Magment" الألمانيّة الناشئّة للتّكنولوجيا من الشّركات الرّائدة في مجال الشّحن اللاسلكي، مع تطويرها منصّات لنقل الطّاقة مصنوعة من مواد مُعاد تدويرها لدمجها مع أسطح الطّرق.
ونظريًا، ستسمح الشّوارع الكهربائيّة للسّيارات الكهربائيّة بالشّحن أثناء القيادة.
وقد يساعد تطبيق هذه التقنيّة في تهدئة المخاوف بشأن الرّحلات الطويلة، والتي تمنع السّائقين من استخدام السّيارات الكهربائيّة.
ورأى راتي أنّ "مسارات الشّحن تُعد عنصرًا مهمًا للتّحول إلى وسائل النّقل الكهربائيّة، وإزالة الكربون من نظام النّقل"، محذرًا في الوقت ذاته من أنّ نجاح هذه التقنيّات على المدى الطويل غير معروف، وأنّها ستكلّف مبالغ ضخمة.
"واقي شمس" خاص بالرصيف
وستضطر تكنولوجيا الشّوارع الذكيّة إلى محاربة آثار تغيّر المناخ في المستقبل أيضًا، وتتعرّض المناطق الحضرية لها بشكلٍ خاص.
وتُحاصَر الحرارة بين المباني وتتفاقم بسبب التّلوث، ويخلق ذلك ما يسمى بتأثير الجُزُر الحراريّة الحضريّة.
وفي فينيكس بولاية أريزونا الأمريكيّة، تعمل الحكومة المحليّة على تطوير تقنيّة لمكافحة ذلك.
ويُعد برنامج "Cool Pavement Pilot" طريقة لمكافحة ارتفاع درجات الحرارة في واحدة من أكثر البيئات الحضريّة حرارةً في الولايات المتحدة.
وتتضمّن العمليّة رش معالج مائي للإسفلت فوق الرّصيف الموجود بالفعل.
وأوضحت ممثلة عن إدارة النّقل في الشّوارع بمدينة فينيكس، هيذر مورفي أنّه "يعمل كواقي شمس خاص للطّريق، وتقوم خصائصه العاكسة بعكس الحرارة بدلاً من الاحتفاظ بها".
ومنذ تنفيذه، ادّعت المدينة أنّ المشروع شهد انخفاض درجة حرارة سطح الرّصيف بمقدار 10.5 إلى 12 درجة فهرنهايت.
ولكن يشكّ راتي بذلك.
وبينما تم الاجماع على أنّ الأرصفة ذات الألوان الفاتحة تعكس الحرارة، جادل راتي بأنّ بعض الأبحاث تُشير إلى أنّ الهواء يمكن أن يصبح أكثر سخونة نتيجةً لذلك.
شوارع أشبه بالأحجية
وصُمّمت الطّرق المصنوعة من وحدات جاهزة بحيث يمكن تفكيكها وإعادة تجميعها بسرعة مثل قطع الأحجية.
وستسمح الطّبيعة المتنقّلة لطّرق المدن تلك بالتكيّف بسرعة مع أنماط حركة المرور، أو احتياجات البناء، أو حالات الطّوارئ.
وتُستخدم تلك الطّرق بالفعل كممرّات للدّراجات والمشي سيرًا على الأقدام في بلجيكا وهولندا بفضل شركة "PlasticRoad".
وبينما توجّه الأرصفة التقليديّة مياه الأمطار إلى المجاري، تتمتّع الكتل البلاستيكيّة المُعاد تدويرها من خلال "PlasticRoad" بقنوات مجوّفة من الدّاخل لاستخلاص المياه، وتصفيتها، وتخزينها، أو نقلها مباشرةً إلى التّربة.
ويمكن وضع الأنابيب والأسلاك الكهربائيّة داخل هذه القنوات أيضًا.
وقال المدير الإداري للشّركة، جيروين أودشورن: "تعتقد شركة PlasticRoad أنّ الطريقة المستدامة الوحيدة للمضي قدمًا في مجال البنى التحتيّة، تتمثل بزيادة إعادة استخدام المواد لأقصى قدر".
ولا يُعتبر البلاستيك المُعاد تدويره أكثر استدامة من الأرصفة العاديّة فحسب، بل قد يكون أكثر متانة أيضًا.
وفي الهند، لم تُظهِر نسخة مبكّرة من الطرق البلاستيكية أي علامات على التّآكل حتّى بعد مضي 10 أعوام من بنائها، وفقًا لدراسة أُجريت في عام 2012.
كما شاركت شركة "Carlo Ratti Associati"، وهي شركة التّصميم العالميّة التّابعة لراتي، في تطوير نموذج أولي لوحدات الطّرق.
ويمكن نقل الكتل السداسيّة أو استبدالها في غضون دقائق لتغيير وظيفة الطّريق.
ومن المحتمل أنّ تتطلّب مدن المستقبل المكتظّة بالسّكان بنى تحتيّة مرنة مثل هذه الطّرق.