“بصقني خارجًا".. مرشد سياحي يسرد تجربته مع فرس نهر "وحشي" في زيمبابوي

نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كان بول تيمبلر يعيش حياة رائعة، وينظم جولات سياحية في زيمبابوي، مع التركيز على رحلات السفاري الفوتوغرافية.

محتوى إعلاني

واستمتع تيمبلر البالغ من العمر 28 عامًا آنذاك بتعريف السياح على الحياة البرية المهيبة في المنطقة، بما في ذلك أفراس النهر المحبّة للمياه، والتي تدافع عن حدود موائلها بدرجة كبيرة.

وقال تيمبلر في مقابلة مع CNN مؤخرًا: "كانت الحياة رائعة حقًا.. حتى واجهت يومًا سيئًا".

محتوى إعلاني

يوم جيّد لرحلة نهرية

نجا المرشد السياحي، بول تيمبلر، من فرس نهر وحشي بعام 1996. Credit: Paul Templer

وفي 9 مارس/آذار من عام 1996، علِم تيمبلر بإصابة صديق له بالملاريا، وكان من المقرّر أن يقوم صديقه بدور المرشد لرحلة سفاري بالزورق في نهر "زامبيزي"، ما جعل تيمبلر يوافق على أخذ محلّه.

وقال تيمبلر: " أحببت تلك المنطقة من النهر، وكانت منطقة أعرفها عن ظهر قلب"، مضيفًا: "كان الجميع يقضي وقتًا رائعًا جدًا".

وتضمنت الرحلة 6 سياح، و3 مرشدين متدربين، بالإضافة إلى تيمبلر، على متن 3 زوارق.

مشكلة محتملة

وفي النهاية، صادفت قواربهم مجموعة من أفراس النهر، ولكن لا يُعد ذلك أمرًا غير متوقع في نهر "زامبيزي" الذي يُعد رابع أطول نهر في أفريقيا.

ولم تنزعج الكائنات المائية في البداية بسبب بقاء المجموعة على بُعد مسافة آمنة.

وذكر تيمبلر أن الخطة انطوت على "التجديف بأمان حول أفراس النهر".

وقاد تيمبلر الزورق، كان يُرشد الزورقين الأخريين، مع توجّهه إلى قناة صغيرة لانتظار الآخرين.

ولكن تأخر الزّورق الثالث عن المجموعة، وخرج عن المسار المخطّط له، ولم يكن تيمبلر متأكدًا من كيفيّة حدوث ذلك.

وقال تيمبلر: "فجأة، كان هناك صوت دوي هائل، ورأيت ظهر الزورق وهو يُقذف في الهواء. وقُذِف إيفانز، المرشد في الجزء الخلفي من الزورق، خارج القارب".

وتمكّن السياح من البقاء في الزورق بصعوبة.

وأضاف تيمبلر: "كان إيفانز في الماء، ولكن التيار سحبه نحو أنثى فرس النهر أم وصغيرها على بعد 150 مترًا.. لذا علمت أنّه كان علي إخراجه بسرعة، ولم يكن لدي الوقت لتوصيل عملائي".

وأمر تيمبلر مرشدًا آخر يُدعى بن بإرجاع العملاء على الزورق الذي تعرّض للهجوم، ونجح المرشد في نقلهم إلى صخرة وسط النهر لا يمكن لأفراس النهر تسلقها.

محاولة إنقاذ

وفي الوقت ذاته، وجّه تيمبلر زورقه للعثور على إيفانز.

ولاحظ تيمبلر موجةً تتّجه نحوه، وأدرك أنّ السبب قد يكون فرس نهر أو تمساحًا كبيرًا جدًا، ما جعله يستخدم المجداف لضرب سطح الماء لإبعاد الكائن المائي، ونجح الأمر بالفعل إذ اختفت الموجة.

وكان تيمبلر يقترب من إيفانز، وكادت أصابعهما تتلامس، ثم انبثق شيء ما من الماء ليفصل بينهما.

وكان ما حدث بعد ذلك مرعبًا وسرياليًا.

وقال تيمبلر: "أصبح كل شي مظلمًا وهادئًا بشكلٍ غريب..واستغرق الأمر بضع ثوانٍ لأفهم ما حصل"، مضيفًا: "شعرت بالماء البارد بنصفي السفلي، ولكن كان الأمر مختلفًا من منطقة الخصر إلى الأعلى، إذ أنّه كان دافئًا، وكان هناك ضغط لا يصدّق أسفل ظهري. وحاولت الحركة ولم أستطع".

وقال تيمبلر: "أدركت أن نصفي السفلي كان داخل حلق فرس النهر".

أفراس النهر والبشر

وأشارت العديد من المصادر عبر الإنترنت إلى مقتل حوالي 500 شخص سنويًا بسبب هجمات أفراس النهر، ولكن لا يزال الرقم المُحدّد غير مؤكّد لحصول بعض الهجمات والوفيات في مناطق نائية جدًا، ولذا لا يتم الإبلاغ عنها.

ورُغم الحاجة لجمع المزيد من المعلومات، وجدت إحدى الدراسات أن احتمال الوفاة نتيجة لهجوم أفراس النهر تتراوح بين 29% و87%، ويفوق هذا العدد احتمال الوفاة جرّاء هجوم لدب أشيب (4.8%)، وسمكة قرش (22.7%)، وتمساح (25%).

"بصقني خارجًا"

وكان احتمال أن يبقى تيمبلر على قيد الحياة ضعيفًا، إذ يعتقد أنّه كان عالقًا بعمقٍ داخل حلق فرس النهر بشكلٍ غير مريح، قائلًا: "بصقني خارجًا".

وبمجرّد سباحته لإنقاذ إيفانز، تعرّض تيمبلر لضربة أخرى، وأصبح نصفه السفلي داخل حلق فرس النهر مجددًا.

وبصق فرس النهر، الذي اتضح أنه كان ذكرًا عدوانيًا، تيمبلر مرّة أخرى.

وبما أنه لم ير إيفانز عندما انبثق إلى السطح مرّة أخرى، افترض تيمبلر أنه جرى إنقاذه، فقرّر السباحة وإنقاذ نفسه.

وأثناء السباحة، توجّه فرس نهر نحوه بفمه المفتوح، وأصبح تيمبلر تحت رحمة فرس النهر مجددًا، إذ بات يُغرقه تحت الماء لينبثق فوق السطح بشكلٍ متكرّر.

ولاحقًا، شبّه أحد السياح المشهد المرعب لفرس النهر بـ"كلبٍ مفترس يحاول تمزيق دمية".

وفي الوقت ذاته، جازف مرشد متدرّب يُدعى ماك بحياته، وتوجه إلى تيمبلر بقاربه لجرّه إلى الصخرة.

موقف صعب

وعرف تيمبلر أنه بحاجة إلى وضع خطة لإبعاد السياح عن الصخرة، وصولُا إلى ضفة النهر، ولكنه احتاج لأخذ استراحة نتيجة الإصابات التي تعرّض لها.

وتم تحميله على متن زورق، وبدأ المرشد بن بالتجديف، وبقي فرس النهر يضرب الزورق.

ونجح بن وتيمبلر في الخروج من النهر، لكن من دون العثور على إيفانز، حيث وُجدت جثته بعد 3 أيام، إذ من المرجح أنه قد غرق في النهر.

وتمكن فريق إنقاذ من نقل البقية بعيدًا عن الصخرة بأمان.

كيف يمكنك البقاء آمنًا؟

وقالت عالمة البيئة، والأستاذ المشاركة في جامعة ولاية سان دييغو، ريبيكا لويسون، لـCNN في مقابلة عبر البريد الإلكتروني: "لا تهتم أفراس النهر في التّعامل مع الأشخاص. وإذا ابتعدت عنها، فسوف تتركك وشأنك. وهي لا تصطاد البشر".

وفي حال أردت مشاهدتها عن قرب، يُفضّل استخدام مناظير جيدة.

وأوصى كبير العلماء، ونائب رئيس حفظ الأنواع، والعلوم في الصندوق الأفريقي للحياة البرية، الدكتور فيليب مورثي، بتجنّب المشي عبر مسارات أفراس النهر المعروفة، والبقاء على مقربة من المجموعة، وعدم الاقتراب من هذه الحيوانات من الخلف.

كما نصح موروثي بإصدار الأشخاص لضوضاء في المناطق المعروفة بوجود هذه الحيوانات، وشرح قائلاً: "من الجيد أن تُدرك هذه الكائنات المائية عن تواجد الأشخاص في المنطقة".

وأوصى موروثي بالتعرف إلى العلامات التي تشير إلى شعور فرس النهر بالاضطراب، مثل فتح الفم بشكلٍ كبير، والتثاؤب بعدوانية.

نشر
محتوى إعلاني