منذ أكثر من 40 ألف عام يقصد السياح هذه الكهوف بأوروبا.. لماذا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُعد السّياحة في أوروبا قديمة جدًا. ومنذ القرن الـ18، أصبحت وجهات مثل البندقيّة وروما محطّات سياحيّة أساسيّة في إيطاليا، بينما تميّز العصر الكلاسيكي بعجائب الدّنيا السّبع الشّهيرة.
ولكن لا يمكن مقارنة هذه الوجهات مع كهوفٍ تقع في جنوب إسبانيا زارها البشر لأكثر من 41 ألف عام.
و"كويفا دي نيرخا"، أو كهوف "نيرخا"، عبارة عن سلسلة من الكهوف الممتدّة على مسافة 3 أميال بالقرب من نيرخا في مقاطعة ملقا.
و"اكتُشِفت" الكهوف لأوّل مرّة منذ آلاف الأعوام، عام 1959، من قِبَل 5 أصدقاء كانوا يبحثون عن الخفافيش.
واليوم، يمكن للزّوار القيام بجولة مدّتها 45 دقيقة في "المعرض العام" لمشاهدة تشكيلات خياليّة من الهوابط، والصّواعد، وغيرها من التّكوينات المتشكّلة نتيجة الرّواسب المعدنيّة.
لكن قبل آلاف الأعوام، كانت أهداف الزّيارات روحيّة أكثر.
وحتّى الآن، اكُشِفت 589 لوحة تعود لعصور ما قبل التّاريخ داخل هذه الكهوف (لا يمكن للزّوار اليوم زيارة تلك المناطق لأسباب تتعلّق بالحفظ).
كما استُخدِمت مساحاتها للطّقوس الجنائزيّة أيضًا.
وفي دراسة جديدة نشرت في مجلّة "Scientific Reports"، توصّل باحثون من جامعة "قرطبة" إلى أن الزيارات تعود إلى أبعد ممّا كان متوقعًا، وأنّها "استضافت" أكبر عدد من الزيارات ما قبل التّاريخ مقارنةً مع أي كهف أوروبي يتزيّن بأعمال فنيّة تعود للعصر الحجري القديم .
ووجد الباحثون أدلّة على زيارات تعود إلى ما قبل 41،291 عامًا، وهو أبكر ممّا كان يُعتقد سابقًا بـ10 آلاف عام.
تقنيّات حديثة
واستخدَمت الدّراسة أحدث تقنيّات التّأريخ بواسطة الكربون، وهو أمر لم يستخدم قبلًأ في الكهوف.
وكتب المؤلّفون في الدّراسة أنّه لدى معاينة الأنشطة ما قبل التاريخ في الكهوف تقليديًا، "يصعب تحديد ما إذا كانت البقايا (مثل الفن الصخري، أو بقايا النّيران، أو المصنوعات البشرية) نتيجة زيارات فرديّة أو متكرّرة".
ومع ذلك، تمكّن الخبراء من استخدام التّأريخ الكربوني في الكهف لتحديد عمر بقع السّخام على الجدران، وبقع الفحم التي خلّفتها النّيران على الأرض، والأهم من ذلك، المشاعل التي استخدمها الزوّار لإضاءة الطّريق.
وبحسب المؤلفين، حدّدت العملية "35 ألف عام من الاستيطان البشري، و"73 مرحلة على الأقل من الزّيارات المختلفة.. بين العصر الحجري القديم الأعلى، وعصر ما قبل التّاريخ الحديث".
جمال غامر رُغم قِدَمِها
وقالت المؤلفة الرئيسيّة للدّراسة، ماريان مِدينا، لـCNN: "أكثر ما أدهشني هو توثيق الدّخان المتحجر من فترة ما قبل التاريخ في الصّواعد، ومستوى الدّقة الذي قد يقدّمه الأمر لنا بشأن عدد الزّيارات".
وأشارت مِدينا من جامعة "بوردو"، إلى زيارة الأشخاص الكهوف في العصر الحجري القديم، أي بداية العصر الحجري، لصنع الفن.
وفي وقتٍ لاحق، في العصر الحجري الحديث تحديدًا، والعصر النّحاسي، زاره الأفراد "للقيام بأنشطة جنائزيّة".
ومهما كان سبب دخولهم، ترى مِدينا أنّ الزوّار القدامى أُصيبوا بالذّهول من الكهوف بحد ذاتها.