بطل بيئي في مهمة لإنقاذ أكثر بحار العالم تعرضاً للصيد الجائر..من هو؟

نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بألوانه الزرقاء الكريستالية وشواطئه الممتدة وخلجانه البكر، يُعد "ساحل الفيروز" إحدى عجائب تركيا الطبيعية.

محتوى إعلاني

وعلى طول البحر الأبيض المتوسط، يمتد الشاطئ الجنوبي الغربي للبلاد على مساحة أكثر من 600 ميل، ولطالما تناقل الناس أخبارًا عن جماله، وقدرته على جذب السياح من جميع أنحاء العالم.

وبينما تبدو مياهه المتلألئة جذابة على السطح، فإن الحياة تحت السطح تُعد أقل جاذبية.

وخلال العقود الأخيرة، أصبحت المنطقة شديدة النضوب بسبب الصيد الجائر، والصيد غير القانوني، وتنمية السياحة، وتغير المناخ.

خلال العقود الأخيرة، تضاءلت أعداد مجموعات الأسماك المحلية ودمرت الموائل الحرجة لفقمة الراهب المتوسطية المهددة بالانقراض والسلاحف البحرية ضخمة الرأسCredit: Zafer Kizilkaya

ودُمرت الموائل الحرجة للسلاحف البحرية ضخمة الرأس وفقمة الراهب المتوسطية المهددة بالانقراض، ما أدى إلى تهديد مناطق تكاثر أسماك القرش الرملية، وتدمير مجموعات الأسماك المحلية.

وتُبذل الجهود لإحياء المنطقة، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى ظافر كيزيلكايا، وهو رئيس ومؤسس جمعية الحفاظ على البحر الأبيض المتوسط "Akdeniz Koruma Derneği".

ويُنسب إليه الفضل في الضغط على الحكومة التركية بنجاح لبناء شبكة من المحميات البحرية التي تمتد لأكثر من 300 ميل على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط.

وقد مُنح كيزيلكايا جائزة "جولدمان" للبيئة المرموقة لجهوده في حماية المحيط.

ظافر كيزيلكايا هو أول تركي يفوز بجائزة "جولدمان" للبيئة.Credit: Goldman Environmental Prize

وتُمنح هذه الجائزة سنويًا لـ6 نشطاء بيئيين على مستوى القاعدة الشعبية، في كل قارة من قارات العالم.

وبدأت مهمة كيزيلكايا في عام 2007، بعد رحلة استكشافية للغوص في خليج جوكوفا، وهو خليج يبلغ طوله 62 ميلاً في وسط ساحل الفيروز.

وعاد كيزيلكايا إلى وطنه تركيا بعد عدة سنوات من العمل كباحث بحري ومصور تحت الماء في إندونيسيا، وصُدم من هول التدهور البحري.

وكان من المفترض أن يشهد هذا الجزء أغنى تنوع حيوي على الساحل التركي، لكنّه كان قاحلًا، حسبما ذكره كيزيلكايا لـCNN، إذ قال: "كان الأمر أشبه بوقوع حرب نووية تحت الماء: لم تكن هناك حياة، كانت الصخور عارية، ولم تكن هناك طحالب بحجم كبير".

وشهدت أجزاء كثيرة من ساحل الفيروز والبحر الأبيض المتوسط تدهوراً مماثلاً.

شباك الصيد المهملة (في الصورة) تشكّل أيضًا خطرًا على الحياة البحريةCredit: Zafer Kizilkaya

ووفقًا لما ذكرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يُعد البحر الأبيض المتوسط من بين أكثر البحار التي تتعرض للصيد الجائر في العالم، حيث يعج بأساطيل الصيد ذات النطاق الصناعي مثل الشباك الجرافة المحوطة وسفن الصيد.

وأدى القضاء على الحياة البحرية إلى الإضرار بسبل عيش الصيادين المحليين.

وأشار كيزيلكايا إلى أن "مجتمعات الصيد الصغيرة أصيبت بحالة من الذعر".

وإدراكًا لحجم المشكلة، قرّر كيزيلكايا أن هذه هي اللحظة المناسبة للعمل، وشرع في محاولة إقناع الصيادين المحليين وأصحاب المصلحة الآخرين بأن مناطق حظر الصيد والمناطق المحمية يمكن أن تساعد في عكس هذه الاتجاهات.

ويعترف كيزيلكايا أن الحصول على موافقة الصيادين شكّل التحدي الأكبر، ولكن بسبب الوضع الرهيب بدأ بعضهم في الاستماع له.

في عام 2012 ، أنشأ كيزيلكايا أول منطقة محمية بحرية يديرها المجتمع المحلي في خليج جوكوفا.Credit: Goldman Environmental Prize

وفي عام 2012، أنشأ كيزيلكايا أول منطقة محمية بحرية في تركيا يديرها المجتمع المحلي في خليج جوكوفا.

وأوضح كيزيلكايا أنه حتى تنجح المنطقة المحمية، يجب تطبيق مناطق حظر الصيد بشكل فعال.

وقام كيزيلكايا بتدريب الصيادين المحليين كحراس بحريين يمكنهم مراقبة المياه بحثًا عن الصيد غير القانوني وإرسال تنبيهات إلى خفر السواحل التركي.

كما تم تجهيز السكان المحليين بكاميرات، يمكن أن توفر أدلة مقبولة في قضايا المحاكم.

إدراج سمكة الأسد ضمن قوائم الطعام

انتشرت سمكة الأسد الغازية عبر الموائل الصخرية الساحلية في تركياCredit: Zafer Kizilkaya

ونظرًا لارتفاع درجة حرارة البحر المتوسط بسبب تغير المناخ، تسبح الأسماك الاستوائية الغازية مثل سمكة الأسد، عبر قناة السويس.

ويشكّل هذا النوع تهديدًا للنظام البيئي، إذ يفترس الأنواع المحلية، بينما هنالك القليل من الكائنات فقط التي يمكنها افتراسه.

وبهدف التعامل مع هذه المشكلة، اتخذ كيزيلكايا نهجًا جديدًا، حيث تواصل مع بعض أشهر الطهاة في تركيا ووضع أمامهم تحديًا يتمثل في ابتكار وصفات لذيذة، باستخدام الأسماك الغازية كمكون رئيسي.

وشجّع المطاعم في جميع أنحاء تركيا على البدء بتقديم أطباق مثل سمكة الأسد مع رقائق البطاطس.

وبفضل عمله، حقق النظام البيئي البحري لخليج جوكوفا عودة مثمرة.

Credit: Zafer Kizilkaya

ووفقًا لما ذكرته مؤسسة "Blue Marine" الخيرية التي تسعى للمحافظة على المحيطات، فقد زاد عدد الأسماك لكل متر مربع بمعدل عشرة أضعاف منذ تطبيق مناطق حظر الصيد في عام 2012، وزاد دخل الصيادين المحليين بنسبة 400%.

وقال كيزيلكايا: "أصبح خليج جوكوفا نموذجًا رائعًا للحفاظ على البيئة"، مضيفًا أن نجاحه ساعده في إقناع الحكومة التركية بتوسيع شبكة المحميات البحرية باتجاه الجنوب الشرقي على طول 310 أميال من الساحل التركي.

Credit: Aysegul Dinckok

ويأمل كيزيلكايا أن تضيف جائزة جولدمان للبيئة زخماً لمهمته، وأن يكون عمله قد ألهم الناس حول الأزمة تحت الماء، وما يمكن القيام به لحلّها.

وأوضح أن "المحيطات مهملة للغاية، لأن لا أحد يضع رأسه تحت الماء"، لافتًا إلى أن "هذا التظام يعمل لصالح أنواع مثل الأسماك، وأسماك القرش، وفقمة الراهب، وحتى البشر. فإذا كان ذلك ممكنًا هنا، فلما لا نجرّب ذلك بأماكن أخرى"؟

نشر
محتوى إعلاني