من هي "الشخصية الأبرز في بالي" التي يلجأ إليها السياح والسكان على حد سواء.. ولماذا؟

نشر
8 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من مدوني السفر الذين يقفون عراة لالتقاط الصور على قمم الجبال المقدسة، إلى السيّاح المتهوّرين الذين يقودون الدراجات النارية حول الجزيرة من دون ارتداء خوذات لخوض تجارب خطرة.

محتوى إعلاني

عندما يتعلق الأمر بسوء تصرف السياح في بالي، فإن نيلوه جيلانتيك شهدت على الكثير من هذه الحوادث.

محتوى إعلاني

هذه ليست سوى بعض "أشكال السلوك المرفوض لكنه شائع للغاية"، وفقًا لجيلانتيك، رائدة أعمال محلية التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة، الشخص الذي يلجأ إليه السيُاح والمسافرون الأجانب لدى مواجهتهم مشاكل مع السلطات الإندونيسية.

وقالت لـCNN: "لا يوجد نقص في السيّاح السيئين في بالي، بصراحة لم أعد أملك القدرة على العد".

وأضافت: "ثلاث سنوات من الجائحة جعلتنا نتعامل مع العديد من الأجانب عديمي الاحترام، حتى أنني سمعت عن أشخاص يزورون المعابد ويغسلون أعضاءهم الحساسة بالمياه المقدسة".

وتابعت: "يمكن للأمور أن تصبح بهذه الفظاعة".

جيلانتيك، البالغة من العمر 48 عامًا، ولدت وترعرعت في بالي.

وإسوة بالعديد من سكان جزيرة بالي، كانت شغوفة بالترويج للسياحة الأخلاقية ودعمها في الجزيرة الأكثر شهرة بإندونيسيا.

ولكن مع عودة المسافرين الدوليين بعد سنوات من القيود المفروضة بسبب الجائحة، زادت التقارير حول السلوك المشاغب للسيّاح.

عملت جيلانتيك لدى شركات تسويق رفيعة المستوى في جاكرتا وبالي، غالبًا بالتعاون مع المغتربين الأجانب، ورغم عدم امتلاكها خلفية قانونية، إلا أنّ امتلاكها مزيجًا من المهارات اللغوية الممتازة وعلاقات بارزة على الأرض، إضافة إلى خبرتها في العمل الدولي، دفعت بجيلانتيك إلى تطوير سمعة كوسيطة غير رسمية للسلام على الجزيرة.

ومع ذلك، هناك منطقة واحدة لا تعود فيها محايدة.

قالت: "لقد رأيت وسمعت البعض يتصرفون بوقاحة مع العمال الإندونيسيين، ولن أتردد برفع الصوت ضدهم".

كما أعربت عن طموحاتها السياسية، وخططها للترشح لشغل منصب عضو مجلس الشيوخ عن بالي، المقعد البرلماني الوطني، العام المقبل.

صورة لسائحين يستقلان دراجة نارية بدون ارتداء خوذ في باليCredit: Agung Parameswara/Getty Images

توسطت جلانتيك بين الأجانب سيئي السلوك في بالي والسكان المحليين المتضررين لسنوات.

وتشير إلى أنّها تفعل ذلك بصفة غير رسمية ومجانًا.

وغالباً ما تتلقّى "تقارير" من المستخدمين على "إنستغرام" يُعلمونها بتجاوزات الأجانب.

وقالت: "يحب الناس اللجوء إليّ طلباً للمساعدة بدلاً من الذهاب إلى السلطات لأنهم يعلمون أنني سأستجيب دومًا وأساعد بالتوسط بغية حلّ المشاكل".

وأضافت: "أتلقى أيضًا رسائل من الأجانب على إنستغرام، الذين يتصرفون بشكل سيء ويواجهون المشاكل مع السلطات. لذا أستمع إلى الجانبين وأتخذ قرارًا بشأن ما يمكنني فعله للمساعدة".

سواء من خلال التواصل مع المحامين، أو عقد اجتماعات غير رسمية، أو جلسات لشرب القهوة مع ضباط الشرطة المحليين والمسؤولين الحكوميين، تحاول جلانتيك "تحقيق التوازن" بين الأجانب والسكان المحليين للحفاظ على السلام عند وقوع مشكل، لكنها تقول إن الأمر ليس سهلاً.

وقالت: "تعتمد بالي كثيرًا على السياح الدوليين، والكثير منهم يأتون إلى إندونيسيا ونعاملهم بالحب والاحترام، لكن عليهم معرفة حدودهم إذا كانوا يريدون اعتبار بالي بيتهم الثاني، وليس هذه الحال دومًا".

وأضافت: "إذا لم نتعلم كيفية التعايش بسلام، فسيكون هناك عواقب لذلك". 

"ربما تكون الشخصية الأهم في بالي"

لفتت مدونة سفر ألمانية، في الثلاثينات من عمرها، رفضت الكشف عن هويتها لأسباب تتعلّق بالخصوصية، لـCNN، أنّ جيلانتيك معروفة في العديد من الأوساط الأجنبية على الجزيرة، بأنّها "الشخص المناسب" عند وقوع مشكلة في هذه الجنة.

وقالت الشابة الألمانية: "ربما تكون (جيلانتيك) أهم شخص في بالي، بعد الحاكم (وايان كوستر)".

ولم تلتقِ مدونة السفر بجيلانتيك من قبل، لكنها تتابعها على إنستغرام، مضيفة أنّ "بالي مكان صغير.. والأخبار السيئة تنتشر بسرعة دومًا. وإذا كان هناك أجنبي يواجه مشكلة فستجد نيلوه جيلانتيك تسعى لإيجاد حل له".

وتابعت: "تبدو (جيلانتيك) صادقة جدًا في جهودها للمساعدة وبالتأكيد هي شخص جيد التعرّف عليه.. ولن تعرف أبدًا متى قد تحتاج إلى مساعدتها".

ذكرت جيلانتيك العديد من الحوادث الأخيرة التي تدخلت فيها للوساطة، بينها مراهق روسي ضبط وهو يرشّ الطلاء على جدار مدرسة محلية في يناير/ كانون الثاني الماضي، وحادثة إقدام سائح روسي، يوري تشيليكين، 24 عامًا، نشر صورة شبه عارية لنفسه التُقطت على جبل أجونغ، أعلى قمة في بالي التي تعتبر أيضًا من أكثر المواقع الدينية قدسية في مارس/ آذار الماضي، أثارت غضبا واسع النطاق .

مواجهًا تهديدات الترحيل، يتواصل تشيليكين مع جيلانتيك عبر "إنستغرام"، طالبًا المساعدة.

وتذكر جيلانتيك: "كان نادمًا ومتعاونًا وصادقًا، وقال إنه على استعداد لتحمل عواقب ما فعله، لذلك وافقت على مساعدته".

بمساعدتها، قام تشيليكين بتسجيل اعتذار عام وشارك في مراسم طقوسية في معبد بدنباسار، حيث التقى بكهنة هندوس وقام بالصلاة.

وذكرت جيلانتيك أن السلوك السيئ لا يسيء فقط إلى السكان المحليين والمسؤولين، بل يعتبر تجاهلًا للآلهة في العقيدة الهندوسية، موضحة سبب وجوب إقامة مثل هذه الطقوس في أعقاب هذه الحوادث.

صورة لشروق الشمس فوق جبل أغونغ المقدس في بالي بتاريخ 18 مايو عام 2023.Credit: Garry Lotulung/NurPhoto/Getty Images

لكن تم ترحيل تشيليكين إلى موسكو في أبريل/ نيسان، من قبل مسؤولي الهجرة ومنع من العودة إلى إندونيسيا مدة ستة أشهر في الحد الأدنى، بسبب الحادث.

وأضافت :"شعب بالي عمومًا متسامح للغاية، لكن هذا لا يعني استغلال ضيافتنا، في نهاية المطاف، يتعلق الأمر بمراعاة قوانين المكان الذي تزوره".

رغم أن السلوك السياح المشاغب ليس ظاهرة جديدة في الجزيرة، إلا أن جهود جيلانتيك للترويج للسياحة الأخلاقية يأتي في توقيت هام.

فقد أصبحت السياحة موضوعًا شائكًا، وقد دفع السلوك السيئ المستمر بين السياح إلى اقتراح قوانين جديدة، منها حظر تسلق الجبال، واستئجار الدراجات النارية للزوار الأجانب. كما تم تعليق ترتيبات السفر من دون تأشيرة لأكثر من 150 دولة كجزء من إعادة تنظيم السياحة.

وقال حاكم بالي، وايان كوستر، خلال مؤتمر عقد مايو/ أيار الماضي: "لن نرحب بعد الآن بالسياحة الجماعية. سنقيد أعداد السياح من طريق تنفيذ نظام حصص.. وسيشجع هذا الجهد على تحويل بالي من السياحة الجماعية إلى السياحة عالية الجودة".

وعلقت جيلانتيك على ذلك، بأنه "يجب أن تكون بالي منفتحة على جميع الراغبين في احترام تقاليدها وانسجامها، نحن بحاجة إلى تحقيق توازن بين الأجانب، والأشخاص في السلطة، والسكان".

وتابعت: "جميعنا نريد بالي أفضل ولكن حظر الناس ليس السبيل. بالي بحاجة إلى السياح وهذا يتعلق (بجعل الأجانب) يحترمون قوانيننا.. وعدم اعتبار كرم ضيافتنا كأمر مسلّم به".

نشر
محتوى إعلاني