اليوم الذي سبقت فيه السيارة الكهربائية الطائرة.. لماذا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لم تكن بالمهمة السّهلة رؤية طائرة Elektra Trainer الصغيرة من مسافة بعيدة. فرغم هيكلها البرتقالي اللامع، كانت الطائرة الصغيرة ذات المقعدين أشبه ببقعة داكنة صغيرة في سماء ملبّدة بالغيوم تزداد قتامة مع مرور الوقت.
إلى ذلك، ضمنت محرّكات الطائرة الكهربائية اقترابًا شبه صامت، ولم تقدّم أي أدلة حول موقعها.. وفجأة اقتربت فاصطفّ أعضاء فريق E-Flight Challenge لمشاهدة الطائرة التي تعمل بالبطارية تهبط برشاقة على جزيرة نورديرني، قبالة الساحل الشمالي الغربي لألمانيا.
سبق هبوط الطائرة موعد غروب الشمس ببضعة دقائق، في 29 أغسطس/ آب، مسجلّا بذلك نهاية سباق E-Flight Challenge 2023، الذي وضع طائرة Elektra Trainer التي تعمل بالبطارية في مواجهة سيارة رياضية من شركة Lucid Motors Air، وهي كهربائية أيضًا.
وكانت الطائرة والسيارة غادرتا في وقت سابق من ذلك اليوم من غيلنهاوزن، مطار عشبي يبعد نحو 300 كيلومتر (186 ميلًا) جنوبًا من فرانكفورت-أم-ماين، في سباق للوصول أولًا إلى الجزيرة.
وكان الغرض من هذه المغامرة التي ابتكرتها مجموعة من هواة التنقل الكهربائي، عرض القدرات المتزايدة لهذه التكنولوجيا الواعدة وسريعة التطور.
الطريق طويل أمام الطيران الكهربائي
في الإمكان القول إن سباق E-Flight Challenge استمد إلهامه من أيام الطيران الأولى.
من قفزة لويس بليريو عبر القناة الإنجليزية في عام 1909، إلى عبور تشارلز ليندبيرغ الشهير منفردًا عبر المحيط الأطلسي في عام 1927.. صُنع تاريخ الطيران في معظمه على خلفية التحديات التنافسية التي أنجزها الرواد الشجعان.
وبعد مرور قرن من الزمن، وصلت روح الاكتشاف هذه إلى مجال الطيران الكهربائي، الذي ما زال قطاعًا صغيرًا في مجال هذه الصناعة يسعى إلى توسيع قدراته.
وفيما أصبحت السيارات الكهربائية سائدة في جميع أنحاء الكوكب، وتشكّل أكبر شريحة من مبيعات السيارات في بلدان مثل النرويج، إلى أنّ الأمر مغاير للطيران الكهربائي.
تختلف متطلبات الطاقة تمامًا حتى لأصغر الطائرات مقارنة بالسيارات. فتكنولوجيا البطاريات الحالية لم تصل بعد إلى مستويات كثافة الطاقة المطلوبة لتشغيل طائرات أكبر من الفئات الأصغر في رحلة قصيرة. فطائرة Elektra Trainer المستخدمة من قبل فريق E-Flight Challenge لا يمكنها أن تقلّ أكثر من شخصين كحد أقصى.
فالبطاريات المتوفرة راهنًا في السوق لا تكفيها من حيث الطاقة. وإضافة مجموعات بطاريات أكبر لا تنسحب على الطائرة، لأن ذلك يزيد الوزن بشكل كبير ما يؤدي إلى إضعاف الأداء بشكل خطير.
حتى أنّ شركة Heart Aerospace السويدية الناشئة التي تعتبر واحدة من أكثر مطوري الطائرات الكهربائية طموحًا، وحصلت على طلبات واستثمارات من United Airlines وغيرها من اللاعبين البارزين في الصناعة، أعلنت عام 2022، أنها ستتخلى عن الدفع الكهربائي النقي للطائرات التي تقوم بتطويرها. وكان ذلك من أجل اعتماد المقاربة الكهربائية الهجينة التي ستسمح لها بتطوير طائرة تتّسع لما يصل إلى 30 مقعدًا، وهي ما زالت صغيرة مقارنة مع معايير الصناعة.
التكنولوجيا لم تبلغ هذا المستوى بعد
كما أعلنت شركة Tecnam الإيطالية لتصنيع الطائرات، التي شاركت مع Rolls-Royce وشركة الطيران الإقليمية النرويجية Widerøe في إطار مشروع طائرة كهربائية عام 2021، تعليق مشروع الطائرات الكهربائية الخاص بها هذا الصيف، وذلك بعد ثلاث سنوات من البحث، بحجة أن تكنولوجيا البطاريات لم تنضج بما فيه الكفاية.
لكنّ مجموعة كبيرة من الإعلانات الأخيرة، هذه المرة من مطوّري البطاريات، توفّر أسبابًا قوية للأمل.
فقد أعلنت شركة CATL الصينية، الشركة الرائدة عالميًا في مجال تكنولوجيا البطاريات، في أبريل/ نيسان 2023، أنها طورت بطارية بقدرة 500 واط في الساعة لكل كيلوغرام، ما يمثّل خطوة مهمة إلى الأمام. إذ تعادل هذه القدرة ضعف ما هو متوفر حاليًا تقريبًا في السوق، أي حوالي 270 واط في الساعة لكل كيلوغرام.
وتبع هذا الإعلان آخرَ، بعد بضعة أيام، صدر عن شركة Cuberg الفرعية لشركة البطاريات السويدية العملاقة Northvolt التي تتخذ من كاليفورنيا مقرًّا لها، حول التقدم بتطوير جيل جديد من بطاريات الليثيوم المعدنية التي أظهرت في الاختبار أنها توفّر 380 واط/ ساعة لكل كيلوغرام، أي بزيادة قدرها 40%.
لكن تحويل الطائرات الأكبر حجمًا للعمل على الكهرباء، مثل طائرات إيرباص A320 وبوينغ 737 التي تقوم بمعظم الرحلات الجوية في أيامنا هذه، ما زال احتمالًا بعيد المنال.
التطلّع إلى المستقبل
إحدى الشركات التي تنتظر بفارغ الصبر وصول الطائرات الكهربائية، هي شركة الطيران الخاص Air2E ومقرها برلين، التي دعمت E-Flight Challange. ويحب مؤسسها ومديرها التنفيذي، نوربرت ويرل، إجراء مقارنة بالسنوات الأولى للسيارات الكهربائية.
وقال: "قبل أن تصبح تسلا اسمًا مألوفًا كما هو الواقع الآن، أطلقت سيارة رودستر التي لم تكن ناجحة تمامًا، لكن هذا الأمر مهّد الطريق، وأظهر أنه يمكن صنع سيارات كهربائية رائعة".
ويأمل ويرل بأنّه في حال حققت الطائرات الكهربائية تخفيضات في التكاليف، فسوف تتمكن أيضًا من استيعاب بعض نت حركة المرور البرّية.
هذا الافتراض الذي يُبني عليه بعض رواد الأعمال الحالات التجارية لشركات النقل الجوي الإقليمية الجديدة التي تعمل بالطاقة الكهربائية.
اليوم الذي سبقت فيه السيارة الطائرة
في هذا السياق، كان سباق E-Flight Challenge بمثابة توضيح لتحديات الطيران الكهربائي، لكن لما قد يكون واعدًا مستقبلًا أيضًا.
في حين أنّ الطائرة ستكون قادرة على الاستمرار في مسار مستقيم نسبيًا عبر البر والبحر إلى نورديرني، كان فريق البر يعتمد على المدى المعلن عنه لسيارة لوسيد إير الذي يصل إلى 500 ميل، وغياب حدود السرعة على الامتدادات الطويلة من الطريق السريع الألماني.
كان مقررًا أن يكون النطاق، بشكل غير متوقع تمامًا، بمثابة كعب أخيل لفريق الطائرة.
لكن طائرة Elektra Trainer اضطرت إلى التوقف في منتصف الطريق تقريبًا، وقضت ساعتين ونصف الساعة على الأرض لإعادة شحن بطارياتها في مطار أورلينغهاوزن. وخسرت في نهاية المطاف، السباق.
ما أن وصلت السيارة إلى محطة العبارات على الساحل الشمالي لألمانيا، وباتت جاهزة للإبحار إلى الجزيرة، انتهت اللعبة. توجه فريق شركة لوسيد موتورز إلى مطار نورديرني عند الساعة 6.13 مساءً. بالتوقيت المحلي، بعد سبع ساعات على انطلاقها، ووصلت الطائرة بعد حوالي ساعة.