محاميان حوّلا مزرعة من القرن السادس عشر في توسكانا إلى فيلا الأحلام.. لماذا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بدأ المحاميان ستيفان لويس وكريستشن سكالي فصلًا جديدًا ومثيرًا من حياتهما، كمالكَين لمزرعة تعود للقرن السادس عشر، في مقاطعة توسكانا الشهيرة بإيطاليا.
اشتريا هذا العقار عام 2021، وقاما بأعمال التجديد حتى استحال فيلا فاخرة مكونة من ثماني غرف نوم، افتتحاها للضيوف هذا الصيف، وباتت متاحة للإيجار بالكامل.
يتردّد كل من سكالي ولويس عليها أيضًا عندما يزوران إيطاليا، ويخطّط الثنائي للعيش فيها بعد التقاعد.
"ماذا لو عشنا في الريف؟"
يتحدّر جدّ سكالي من مدينة ريجيو كالابريا في إيطاليا، ولطالما تبادرت إلى ذهنه فكرة شراء عقار في موطن عائلته. فرغم ترعرعه في ضواحي كليفلاند، إلا أنه لطالما كان محاطًا بعائلة إيطالية كبيرة، فجدّاه "أنجبا ثمانية أطفال، ولديهما قرابة 50 حفيدًا يجتمعون أيام الأحد، لتناول وجبات الطعام التي تعدها جدتي".
في عام 2016، بدأ سكالي يتابع دروسًا باللغة الإيطالية لتعزيز معرفته التي اكتسبها خلال سنوات الكلية الأربع. كما بدأ يتردّد مع لويس بانتظام على إيطاليا، لا سيّما منطقة توسكانا. ساهمت هذه الرحلات بإثارة رغبتهما في امتلاك عقار والتقاعد هناك، رغم أنّ لويس استغرق وقتًا أطول قليلاً ليتقبل الفكرة.
وشرع الثنائي بمهمة البحث عن عقارهما المنشود عام 2019، على الإنترنت، مع التركيز على فلورنسا. لكنهما سرعان ما اكتشفا أن المبلغ الكبير الذي رصداه ويتراوح بين 1.5 و2 مليون دولار أمريكي، لا يكفي لشراء شقة كبيرة في المدينة، لاستضافة العائلة، والأصدقاء الزوار، وإقامة التجمعات الكبيرة السعيدة، الشبيهة بتلك التي كانت تقام في منزل جدّي سكالي.
فأعادا تركيز بحثهما على ذلك الجزء من إيطاليا المعروف بمدنه الجميلة، وقلاعه القديمة، ومزارع الكروم التي تنتج بعضًا من أفضل أنواع النبيذ في العالم. لكن الجائحة أثّرت على خططهما، حيث لم يُسمح للويس، الذي لم يكن مواطنًا إيطاليًا، بدخول البلاد للانضمام إلى سكالي، الذي حصل على جنسيته عبر عائلته، عام 2019.
لكن في ربيع 2021، حصل سكالي على إذن من القنصلية الإيطالية لإحضار لويس إلى إيطاليا، حيث شرعا مجددًا بمهمة العثور على منزل "أحلامهما". وأعادا تقييم رؤيتهما لعقارهما المستقبلي وقررا تأجيره، ما يعني أنهما سيدخلان أيضًا في صناعة الضيافة.
«منظر مذهل حقًا»
وقعا على مزرعة حجرية تعود للقرن السادس عشر معروضة للبيع، استخدمت سابقًا كنقطة مراقبة للدفاع عن الوادي بين مدينتي سيينا وفلورنسا، تبلغ مساحتها 1.2 فدان تقريبًا وتحتوي أيضًا على مسبح ودار ضيافة مستقلة.
يقع العقار هذا، الذي كان يُعرف سابقًا باسم Antico Podere Marciano، قبالة طريق متعرّج على أحد التلال، ويبعد حوالي 45 دقيقة خارج فلورنسا، وكان عبارة عن مبيت وإفطار (Bed & Breakfast) ريفي مُدار عائليًا.
يتذكر سكالي قائلاً: "لقد وقعنا على الفور في حب هذا المنزل. فكلما نظرت إلى الخارج رأيت كروم العنب، والتلال المليئة بالقلاع والأبراج والمنازل الحجرية، وعلى مسافة بعيدة، تلحظ أبراج سان جيمينيانو، البلدة الصغيرة المجاورة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرون الوسطى. لذا فهو مجرد منظر مذهل حقًا".
اشتريا المزرعة بسعر نهائي قدره 1.7 مليون دولار.
"حافظ على سحر توسكانا الأصلي"
يوضح سكالي أنهما أعادا تسمية العقار بعد استلام المفاتيح، وأطلقا عليه اسم فيلا أردوري، لأنّ كلمة "Ardore الإيطالية تعني الحماس، وعمومًا العاطفة المُحبة، وArdore هو اسم البلدة الصغيرة التي تتحدّر منها عائلة جدَّي سكالي في منطقة ريجيو كالابريا. يحمل الاسم معنى خاصًا بالنسبة لنا لأنه يجسد تاريخ عائلتنا ومشاعرنا تجاه المكان".
وبقدر حماسهما، شعر المحاميان بالإرهاق من حجم العمل الهائل الذي يتعيّن عليهما القيام به: من صيانة الكهرباء وتحسينها إلى السباكة على مستوى العقار، وهدم المطبخ والحمامات في المبنى الرئيسي، وإعادة بناء المجمع، إضافة إلى تكييف الهواء في جميع أنحاء العقار، وإضافة نظام إنترنت عالي السرعة، متشابك مع الأقمار الصناعية. بالإضافة إلى ذلك، قاما بتحويل حظيرة سابقة إلى منتجع صحي خاص: واحة مريحة تضم جاكوزي يتّسع لـ10 أشخاص، وأسرّة استرخاء، وساونا، وحمّام بخار تركي.
في الواقع، فإن تكلفة هذه التجديدات الشاملة والراقية قاربت 2.5 مليون دولار، تتجاوز بكثير كلفة العديد من أصحاب العقارات المتفائلين في إيطاليا، مثل مخطّطات بيع المنازل الشعبية التي تبلغ قيمتها يورو واحد، والتي أطلقها عدد من القرى الصغيرة في جميع أنحاء البلاد في الآونة الأخيرة، في محاولة لتنشيط الاقتصاد المحلي.
لكن لويس وسكالي يفخران بشدة بحقيقة أنهما لم يفكرا قط بإشراك مستثمرين معهما. ولفت سكالي إلى "أنّ هذا كان مشروعنا، وهذا منزلنا الذي سنتقاعد فيه، وكان وجود مستثمرين سيعقد الأمر. تخليت عن الكثير من اهتماماتي بالشركة واستخدمت ذلك كأموال أولية".
وتعاون الثنائي مع مهندسٍ معماري بارز من فلورنسا، ماسيمو بييراتيلي، لتحقيق رؤيتهما، وقوامها "الحفاظ على سحر توسكانا الأصلي للمكان، مع عصرنته"، بحسب سكالي، بالإضافة إلى المقاول والطاقم. لكنهما ظلّا موجودين باستمرار مع حرصهما على أن يبقى أحدهما في الموقع طوال فترة أعمال التجديد لضمان بقاء كل شيء على المسار الصحيح.
معايير صارمة
وبعد مركمة خبرتهما في هذا المجال من خلال تجديد ثلاثة عقارات أخرى معًا في لوس أنجلوس، لم يكن سكالي ولويس غريبين على ضغوط المهمة المقبلة. ومع ذلك، فإن التغلب على الاختلافات الثقافية أضاف تحديًا فريدًا آخر لعملية التجديد الشاملة.
إذ سرعان ما تعلما بشكل مباشر المفهوم الثقافي الإيطالي المتمثل في "بيانو، بيانو"، والذي يعني، كما يوضح سكالي، "خطوة بخطوة، وهو حقًا أسلوب الحياة في إيطاليا". لا أحد يتعجّل لفعل أي شيء. الأمر الوحيد الذي يحفزهم هو الضغط، لكن فقط إذا كان مبرّرا".
وقال سكالي: كان علينا أيضًا تعديل توقعاتنا وتفكيرنا وعقليتنا الأمريكية، خصوصًا في كاليفورنيا".
لكي نكون واضحين، فإن الإقامة في Villa Ardore تجربة مسجلة على قائمة الكثير من المستكشفين. تتفاوت الأسعار بحسب الرزمة المختارة، لكنها تبدأ بالمجمل من 6900 دولار في الليلة للفيلا بأكملها التي تتّسع لحد 18 ضيفًا. ترتفع الكلفة عند الرغبة بالحصول على عروض خاصة مثل الرحلات الثقافية والمعمارية، أو "La Dolce Vita"، وهو مسار نسّق بعناية فائقة للسيارات الفاخرة.
كما يمكن حجزها لإقامة حفلات الزفاف، أو خلوات الشركات الصغيرة. حتى أنه في الإمكان إنشاء مسارات وأنشطة تناسب كل رغبات الضيوف، سواء تلقي دروس بصنع البيتزا في الفناء الخارجي لمكان الإقامة، أو جولة قيادة في تلال كيانتي المتموجة في سيارة فيات 500 قديمة.