"المدينة الخضراء" الأوزبكستانية غنية بآثار تروي عن عظمة تيمورلنك

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: saiko3p/iStockphoto/Getty Images <strong>Amir Timur Memorial: </strong>Timur was born on the outskirts of today's Shakhrisabz in 1336. This grand monument to the late leader -- one of three in Uzbekistan -- is less than 500 meters from the palace. <stro

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --شهرسبز تعني "خضراء" أو "الخضرة" باللغة الفارسية.  وتقع هذه المدينة التاريخية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف نسمة في منطقة قشقداريا في أوزبكستان، وتبعد حوالي 55 ميلاً (88 كيلومترًا) جنوب سمرقند، إحدى الوجهات الأكثر شعبية في البلاد.

محتوى إعلاني

وقالت فيروز، معلمة لغة ومرشدة سياحية لمدينة شهرسبز: "هنا بدأ تاريخنا".

محتوى إعلاني

وُلد مؤسس أوزبكستان، الأمير تيمور، المعروف أيضًا باسم تيمور أو تيمورلنك، في ضواحي شهرسبز الحالية، عام 1336.

لقد كان حاكماً قويًا، أينما توجهت في أوزبكستان يُذكر اسمه دومًا قبل اسم جنكيز خان الذي كان صدفة والد زوجته، أو سواه من الشخصيات الشهيرة الموجودة في المنطقة عبر التاريخ، مثل الإسكندر الأكبر، أو العابرون مثل ماركو بولو وابن بطوطة.

ازدهر أسلوب تيمور في الهندسة المعمارية الذي يُطلق عليه اسم "تيموري" تيمنًا به، وهو السبب الرئيسي وراء قدوم الزوار إلى أوزبكستان، وقد ازدهر هذا النمط الهندسي خلال فترة حكمه بين عامي 1370 و1405.

ربما كان يدوّن ملاحظاته خلال عهد والد زوجته الذي كان يوسّع إمبراطوريته، ويغزو الدول المجاورة مثل أرمينيا، وأذربيجان، والعراق، وإيران، والهند، لكنه كان أيضًا مؤيدًا قويًا للتعليم والعلوم والفنون. وقد بنى مراكز مهمة للتعليم على طول طريق الحرير التاريخي الذي يعبر أوزبكستان.

لا تزال مدارسه ومساجده الدينية الرائعة المكسوة بالبلاط الأزرق والذهبي مثيرة لإعجاب العالم اليوم، ويمكن رؤية الكثير منها في المركز التاريخي لمدينة شهرسبز المدرجة على قائمة اليونسكو.

شهرسبز هي موطن أحد المعالم الأثرية الثلاثة الرئيسية للأمير تيمور، في أوزبكستان.Credit: Andrey Khrobostov/Alamy Stock Photo

عبور ممر تاختا كاراتشا

لا يمكن الوصول إلى شهرسبز من سمرقند إلا بالسيارة عبر ممر تاختا كاراتشا، المعروف أيضًا باسم كيتوب، أو أمان-كوتان، حيث يصل الطريق المتعرج شديد الانحدار إلى ارتفاع 1650 مترًا (5400 قدم)، وفي الخلفية مشهد الثلوج التي تغطي سلسلة قمم جبال زرافشان.

عند الانطلاق من سمرقند تصعد بثبات عابرًا بكروم العنب وحقول القطن، حتى يصبح المسار طريقًا مزدحمًا، غير مسموح للحافلات والشاحنات الكبيرة عبوره بسبب منحنياته المتعرجة، مع إنشاء الأسواق في العديد من الأماكن على طول الطريق. 

بمجرد عبور الممر، بالتوازي مع امتداد الوادي الأخضر الشاسع في الأسفل، تقع على مجموعة مختارة من المطاعم التي تتمتع بمناظر خلابة، وتقدّم أسياخ لحم الشاشليك في كل مكان لتناول طعام الغداء.

معالم المركز التاريخي

تتوفر جولات خاصة منظمة من خلال شركات مثل GetYourGuide، التي تقدم رحلات يومية إلى شهرسبز من سمرقند.

وقالت جوليا راندو، مديرة المبيعات في الشركة: "باعتباره أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، فإن شهرسبز تضم ثروة من العجائب المعمارية التي يجب على أي مسافر يزور أوزبكستان مشاهدتها، حيث يمكن للزوار تجربة مزيج من الثقافة المنغولية والتركية".

وأضافت أنّ "بقايا قصر آق سراي مذهلة بشكل خاص وتقدم لمحة عن الطراز المعماري خلال العصر التيموري". 

بيع التذكارات في مدينة شهرسبز. Credit: Giovanni Mereghetti/Education Images/Universal Images Group/Getty Images

اليوم، كل ما تبقى من القصر واجهتين متداعيتين من البوابة، لكن أطلاله تعكس روعة ما كان. تختلف الآثار بشكل صارخ عن العديد من المعالم التاريخية في بقية أنحاء أوزبكستان التي تمت صيانتها جيدًا بحيث تبدو كما لو أنها بنيت بالأمس.

وأوضحت المرشدة السياحية للقصر،  فيروز، أنه "كان أعظم إنجاز معماري لتيمور، واستغرق إكماله 24 عامًا".

وتابعت: "بلغ ارتفاع بوابة المدخل وحدها 38 مترًا، وعرض القوس حوالي 22 مترًا، وكلها مغطاة ببلاط رقيق، (تؤدي إلى) قصر واسع يناسب الحاكم امتدّ في معظم أنحاء المنتزه.

وعلى بعد أقل من 500 متر، يوجد تمثال حديث لتيمور نفسه يطل على حدائق المنتزه. إنه واحد من ثلاثة تماثيل بنيت في أوزبكستان تكريما للمؤسس الراحل بعدما حصلت أوزبكستان على استقلالها في عام 1994، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.

النصب التذكاري في شهرسبز، الذي يجسد تيمور واقفاً منتصباً، تعتليه علامات الفخر بمكان ولادته. في سمرقند، يُظهر التمثال تيمور جالسًا ويحكم عاصمته، بينما في طشقند يجلس على حصان ويشير نحو إمبراطوريته.

يحتوي مجمع دوروت تيلافت في شهرسبز على ضريح الشيخ شمس الدين كلول.Credit: Yulia Babkina/Alamy Stock Photo

خلف التمثال يقع مسجد كوك جومباز الجميل، مسجد الجمعة المحلي، حيث توفر أشجار القيقب القديمة الظل للمصلين. وخلفها تقع مقبرة تضم قبرًا حميميًا وبسيطًا للغاية كان مخصصًا لتيمور نفسه. لكنه لم يدفن هناك، بل في ضريح كر أمير الضخم والذهبي والرائع في سمرقند.

على الجانب الآخر من الحديقة، مع نوافيرها وأسرتها المبطنة بالريحان (المزروعة لإبعاد الذباب والبعوض)، تقع القبة الفيروزية لمجمع دوروت تيلوفات. يوجد في الداخل مدرسة جميلة، مبلطة في كل مكان، ومقابر مختلفة، ضمنًا مقابر شمس الدين كولال، وهو معلم تيمور الموقر.

القبور مذهلة في بساطتها وتقف في تناقض صارخ ورائع إلى حد ما مع المساجد والمدارس الدينية ذات الزخارف الغنية بالمجمل.

وفي الجوار، يقع فندق خان سابق، وهو نزل كان يرحب بالمسافرين عبر التاريخ، ويقدم لهم ولحيواناتهم مكانًا للاحتماء ليلاً بالإضافة إلى مكان لتبادل الأخبار أثناء بيع بضائعهم. وهو اليوم عبارة عن قاعة للمناسبات ومطعم، ولا يزال مستمرًا بتقديم جزء من مهمته الأصلية بالحد الأدنى.

يوجد على طول جوانب المنتزه العديد من متاجر الحرف اليدوية حيث تقوم النساء المحليات بصناعة أغطية الوسائد والسترات التقليدية، في حين أن معرض الفنون القريب لعزيز أحمدوف لا يوفر فقط فرصة لشراء بعض الأعمال الفنية المحلية، الحديثة والتقليدية، لكن أيضًا الحصول على كوب رائع من القهوة في أرض يغلب عليها شرب الشاي.

ورأى راندو من موقع Getyourguide: "إن شهرسبز مدينة صغيرة نسبيًا، لكن باعتبارها مسقط رأس الفاتح في القرن الرابع عشر، تيمور، تتمتّع بأهمية تاريخية وثقافية غنية، نظرًا لأن تيمور هو أفضل مثال للتأثير المنغولي على العالم".

وما هو مؤكد أنّ رؤية آثارها المهمة ومعرفة المزيد عن تيمور المنتشرة ستساعد على وضع جميع المعالم السياحية الأخرى المنتشرة في جميع أنحاء أوزبكستان وفق جدول زمني تاريخي، ما يعزز فهم الوجهة.

والقيادة عبر الممر تكاد تكون سببًا كافيًا للشروع برحلة جانبية، فالمناظر ببساطة رائعة.

نشر
محتوى إعلاني