هل سنحلق بطائرات تعمل بالبراز في المستقبل القريب؟

نشر
6 دقائق قراءة

ملاحظة المحرر: "نداء الأرض" عبارة عن سلسلة تحريرية من CNN تلتزم بتقديم التقارير حول التحديات البيئية التي تواجه كوكبنا، والحلول لمواجهتها. أبرمت رولكس عبر مبادرة "الكوكب الدائم" شراكة مع شبكة CNN لزيادة الوعي والمعرفة حول قضايا الاستدامة الرئيسية وإلهام العمل الإيجابي

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في السباق لصناعة وقود الطائرات البديل والمستدام، أصبحت بعض الشركات أكثر ابداعًا. وسمعنا عن الطائرات التي تعمل بزيت الطهي، ولكن ماذا عن وقود الطائرات المصنوع بالكامل من البراز البشري؟

وقد ابتكرت شركة "Firefly Green Fuels"، وهي شركة طيران مقرها غلوسترشير بالمملكة المتحدة، هذا الأمر بالتحديد.

وبينما لا يُعَد وقود الطيران المستدام (SAF) جديدًا، إلا أنّ فكرة استخدام مياه الصرف الصحي، وهي نفايات متوفرة لا يمكن تجنبها، تُعتَبَر جديدة.

هل يمكن أن يكون هذا مستقبل السفر الجوي حقًا؟

وحتى الآن، شكّلت مياه الصرف الصحي موردًا غير مستغل عندما يتعلق الأمر بوقود الطيران المستدام، ولكن رأى الرئيس التنفيذي لشركة "Firefly"، جيمس هايجيت، أنّها فرصة ضائعة.

تعالج مياه الصرف الصحي وتُحوّل إلى نفط خام خلال عملية تسمى التسييل الحراري المائي. Credit: Firefly Green Fuels Ltd.

وشرح هايجيت لـCNN: "هناك الكثير منها، وهي موجودة بكل مكان في العالم، وليس هناك حقًا أي استخدام جيّد لها حاليًا، ما يجعلها مادة ذات قيمة منخفضة للغاية".

وتُعد الشركة امتدادًا لـ"Green Fuels"، والتي عملت على تطوير أنواع وقود منخفضة الكربون منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21.

معالجة البراز

وقود الطيران المستدام (SAF) ليس جديدًا، ولكن تُعتَبَر فكرة استخدام مياه الصرف الصحي جديدة. Credit: Firefly Green Fuels Ltd.

ولتحويل النفايات البشرية إلى وقود صالح للاستخدام، تستخدم شركة "Firefly" طريقة تُدعى التسييل الحراري المائي، وهي مفيدة للنفايات الرطبة.

ومن خلال الدمج بين الضغط العالي والحرارة، تحول العملية مياه الصرف الصحي إلى فحم حيوي غني بالكربون (مسحوق يمكن استخدامه كسماد للمحاصيل)، ونفط خام.

وحتّى الآن، كان الإنتاج على نطاقٍ صغير في مختبر.

ولكن النتائج المبكرة واعدة، إذ وجد تحليل مستقل أجراه باحثون بجامعات في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أنّ المادة الناتجة مطابقة تقريبًا لوقود الطائرات الأحفوري النموذجي.

ووفقاً لتحليل دورة الحياة أجرته جامعة "كرانفيلد" في المملكة المتحدة، تتمتّع المادة ببصمة كربونية أقل بنسبة 90% مقارنةً بوقود الطائرات النموذجي.

وتتطلع "Firefly" إلى زيادة الإنتاج في الأعوام القادمة، وتتوقع تقديم طلب هذا العام لإجراء عملية تأهيل الوقود لدى هيئة "ASTM International" للمعايير.

وبعد ذلك، ستبدأ الشركة في بناء منشأة معالجة في المملكة المتحدة يأمل هايجيت أن تكون جاهزة للعمل قبل عام 2030، وقادرة على التعامل مع 100 ألف طن من النفط الخام الحيوي سنويًا، أو إنتاج نحو 40 مليون لتر من وقود الطيران المستدام.

ذكر هايجيت أنه لوضع ذلك في الاعتبار، تكفي تلك الكمية لـ800 رحلة جوية من العاصمة البريطانية لندن إلى مدينة نيويورك الأمريكية،.

وأضاف أنّ هذا الوقود سيكون أكثر تكلفة من الكيروسين التقليدي الذي تستخدمه الطائرات، وأرخص من أنواع الوقود الحيوي الأخرى من ناحية الإنتاج.

أسّس جيمس هايجيت شركة Firefly Green Fuels بهدف تطوير الوقود الحيوي منخفض الكربون. Credit: Firefly Green Fuels Ltd.

ومن المفترض أن يكون الحصول على مياه الصرف الصحي سهلاً، بحسب ما ذكره هايجيت، مضيفًا أنّ "Firefly" تجري بالفعل محادثات مع عدد من شركات مرافق المياه في المملكة المتحدة، ولكنه يعترف أنّ تمويل مرافق المعالجة قد يشكل تحديًا.

ومع ذلك، تُعد كمية مياه الصرف الصحي أمرًا لا يمكن زيادته.

ويقدّر هايجيت أنّه في حال استخدام جميع نفايات الصرف الصحي القابلة للاستخدام في المملكة المتحدة لصنع وقود الطائرات، فهي ستلبي 5% فقط من حاجة المملكة المتحدة لوقود الطائرات.

ولذلك، يجب استخدامه جنبًا إلى جنب مع المواد الأولية الأخرى لوقود الطيران المستدام، مثل زيت بذور اللفت.

مصدر لا يمكن الاستهانة به

ورُغم محدوديته، من المرجّح أن يلعب الوقود الحيوي دورًا كبيرًا في مستقبل الطيران.

وأقلعت أول رحلة جوية تجارية عبر المحيط الأطلسي تعمل على وقود الطيران المستدام بنسبة مئة بالمئة، والمصنوع من نفايات زيوت الطهي، والدهون الحيوانية، من لندن إلى نيويورك في نوفمبر/تشرين الثاني.

ورأت مديرة السياسات في "Aviation Environment Federation"، وهي منظمة غير ربحية في المملكة المتحدة تراقب التأثير البيئي للطيران، كيت هيويت، أنّ مياه الصرف الصحي حل محتمل مثير للاهتمام، ولا يجب الاستهانة به.

ولكنها حذّرت من أنّه كما هو الحال مع جميع أنواع وقود الطيران المستدام، فهو سيُنتج الكمية ذاتها من انبعاثات الكربون عندما تحلق الطائرة، فضلًا عن أنه لا يحل مشكلة خطوط نفاث الطائرات التي تساهم أيضًا بشكلٍ كبير في الاحتباس الحراري الناتج عن الطيران.

وأوضحت هيويت: "حتّى تكون لدينا فرصة للانتقال ممّا نحن عليه اليوم إلى قطاع طيران صافي الصفر بحلول عام 2050، نحتاج إلى التركيز حقًا على حلول حقيقية، وقابلة للتطوير، وخالية من الانبعاثات".

وأضافت: "قد يكون هناك دور محدود لبعض أنواع الوقود البديلة هذه على المديين القصير والمتوسط".

نشر
محتوى إعلاني