زوجان أمريكيان يحققان "الحلم الإيطالي" ويعيشان في "مكان سحري"
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- سبق عشقهما لإيطاليا وقوعهما في الحب. فالزوجان الأمريكيان آيلين وتوم وينتر منذ حوالي 18 عامًا، أمضيا الكثير من الوقت في هذه الدولة الأوروبية، منفردين أو معًا.
كانت آيلين تتردّد بانتظام على هذا البلد وتقضي شهرًا فيه. وقالت لـCNN : "كنت شغوفة بإيطاليا. لي فيها أصدقاء إيطاليين في جميع أنحاء البلاد".
لطالما حلم الزوجان المقيمان ببولدر، في كولورادو الأمريكية بشراء منزل في إيطاليا.
غير أنهما لم يبدآ بالسعي جديًا لتحقيق رغبتهما هذه إلا في عام 2016، مع تركيز اهتمامهما على المنطقة القريبة من وادي سوزا بمنطقة بييمونتيه، شمال إيطاليا.
بعد حوالي عام من البحث، عثر توم الذي عمل سابقًا في مجال الرياضات الخطرة، على قائمة بيع على الإنترنت تخصّ برجًا يعود تاريخ بنائه إلى 400 عام، واستحال منزلًا لقضاء العطل، في قرية إكسيلّس (Exilles) من للقرون الوسطى.. وهذا الأمر أثار اهتمامه.
الحلم الإيطالي
نظرًا لعدم توافر العنوان، قرّر توم التوجّه إلى إكسيلّس التي تبعد حوالي ساعة أو أكثر عن تورينو بالسيارة، لمحاولة تحديد موقع البرج بنفسه.
لدى وصوله، انبهر توم بالقرية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 250 نسمة، وسرعان ما تعقّب المنزل غير المألوف.
وبعد التحدث إلى بعض السكان المحليين، تمكّن من العثور على المالكة وبدأ إقناعها ببيعه العقار.
وقالت آيلين التي تدير شركة استشارات عقارية: "لقد التقت بنا في اليوم التالي واشترينا المنزل من طريق المصافحة".
اشتريا البرج لقاء 19 ألف يورو (حوالي 21000 دولار) في أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
واجها بعض المشاكل البسيطة أثناء عملية البيع، لاسيّما لجهة فتح حساب مصرفي إيطالي، لكنهما تغلّبا على هذه العقبة بمساعدة محامٍ مقيم في إيطاليا. وبعد انتهاء عملية البيع في مطلع عام 2018، سافر توم إلى إيطاليا من الولايات المتحدة، وباشر أعمال تحويل المنزل المكون من أربع طبقات إلى منزل لقضاء العطل يتلاءم مع تطلّعاتهما.
وروى لـCNN أنه وصوله تزامن مع "عاصفة ثلجية، وكان كل شيء رماديًا ومظلمًا. القرية تنبض حيوية في الصيف، لكنها هادئة جدًا في الشتاء".
وقال في نفسه: "يا إلهي، ماذا فعلت"؟
ولحسن الحظ أن زيارة أحد الأصدقاء رفعت من معنوياته، فركز طاقاته على تمزيق السجاد القديم والمشمّع، وتنظيف المنزل من أجل تجهيزه لأعمال التجديد.
"المكان السحري"
ثمّ لحقت به آيلين، واتفقا مع مهندس معماري للمشروع، ثم تعرفا بسرعة على السكان المحليين، الذين فوجئوا باختيارهما شراء منزل في إكسيلّس، القريبة من منتزه غران بوسكو الوطني.
تشرح آيلين: "السؤال الكبير الذي طرح علينا مرارًا كان: لماذا أنتما هنا؟ هذه قرية يعيش أهلها من الأرض، ويعتاشون من تجارة الخضار والفاكهة والبطاطس".
كانت إجابتهما الدائمة: "لأنه مكان سحري".
وبحسب عائلة وينتر، استغرقت عملية التجديد حوالي ستة أشهر، وبلغت التكلفة الإجمالية حوالي 94 ألف دولار.
أوضح توم: "لقد كان البرج صالحًا للسكن في البداية. لكننا قمنا بتحديثه وجعلناه لطيفًا للغاية".
حول الثنائي الطبقة الأرضية من المنزل التي كانت تحتوي سابقًا على حمام صغير مع مغسلة ومرحاض فقط، إلى حمام كبير مع دش، ومرفق غسيل للملابس.
واستبدلا الدرج بآخر مفتوح لزيادة تسرّب الضوء إلى الداخل، وأضافا نظامًا جديدًا للمياه الساخنة مدعومًا بموقد الحبيبات.
إلى ذلك، قامت عائلة وينتر ببناء مطبخ جديد في الطبقة الثانية من المنزل ملحق بشرفة، في حين تم تحويل المطبخ القديم إلى غرفة معيشة.
وأضاف توم: "إنه مكان صغير جدًا. ليس هناك الكثير الذي يمكنك القيام به. لذا فهي عملية سهلة تمامًا مقارنة ببعض المشاريع الأخرى".
في السنوات التي تلت شراء العقار الذي أطلقا عليه اسم توري بيكولو، قام الزوجان، اللذان يزوران بييمونتيه أربع أو خمس مرات في السنة، بتكوين صداقات قوية داخل القرية، ويقولان إنه تم الترحيب بهما جدًا.
ولفتت آيلين إلى أن "أهل القرية احتضنونا كعائلة"، وتتذكر كيف كانوا يعرّفون عنهما في البداية باسم "لي أمريكاني".
ثمّ اشتريا عقارًا ثانيًا في إكسيلّس ويقولان إن قوة المجتمع تشكّل جزءًا كبيرًا من جاذبية القرية.
وأشار توم إلى أنه "مكان مثير للاهتمام، فهو يتمتّع بتوازن جميل مع الطبيعة، وتم الحفاظ عليه جيدًا. لذا يحق لأهل هذه القرية الشعور بالفخر".
وطوّر الزوجان صداقة وثيقة مع المالكة السابقة للمنزل التي تصفها آيلين بأنها إحدى "أعز أصدقائها في إيطاليا".
ونظرًا لأن عددًا قليلًا من الأشخاص في إكسيلّس يتحدثون الإنجليزية، فقد بذل كل من آيلين وتوم جهدًا كبيرًا لتعلم اللغة، وتسجلا في دورات لغة مكثفة في مدارس اللغات.
وتيرة أبطأ
رغم أنهما مفتونان جدًا بالحياة هناك، إلا أن الزوجين يعترفان بوجود بعض جوانب الحياة التي كان عليهما التكيّف معها، في قرية إيطالية صغيرة .
وأوضحت آيلين: "لقد تعلمنا تفهّم أنه إذا قصدت متجر البقالة يوم الثلاثاء الساعة 10 صباحًا، فقد يكون مغلقًا لأن هذا المتجر المحدّد لديه ساعات عمل خاصة به".
وتابعت: "وأحيانًا تقصد مطعمًا عند الساعة الثامنة مساء فتجده مغلقًا، لأن تقام فيه حفلة عيد ميلاد عائلية. لذلك عليك فقط أن تفهم وتكون قادرًا على التكيف".
وبسبب تباطؤ وتيرة الحياة شتاء، فإن ذلك ساعدهما على أن يصبحا أقل "توترًا".
وينظر توم إلى هذا الأمر كالتالي: "إنه تعديل جيد. تتعلّم كيف تبطّئ من وتيرة حياتك وتصبح أكثر استرخاءً بشأن ما عليك انجازه. وهذا أمر جميل. نحن حقًا ننفصل عن حياتنا عندما نذهب إلى هناك".
ورغم أنّ عائلة وينتر قالا إنهما يرغبان بأن يتمكنا في النهاية من قضاء نصف العام في بييمونتيه، إلا أنهما لا يملكان تأشيرتي إقامة طويلة، فالتأشيرات السياحية تسمح لهما بالبقاء لمدة 90 يومًا فقط في المرة الواحدة.
ومع ذلك، يعتقد توم أنّ الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً قبل أن يصبحا مستعدين للتفكير بالاستقرار في إيطاليا نهائيًا، لافتًا إلى أنهما حريصان على الاحتفاظ بممتلكاتهما في الولايات المتحدة.
وقال توم: "لا أعتقد أننا وصلنا إلى هذه المرحلة بعد"، مضيفًا أن هناك بعض الأمور المتعلقة بالحياة في إيطاليا والتي يجدان "صعوبة" في التعامل معها بشكل دائم، مشيرًا إلى أنه "من الصعب بالنسبة لي أن أخضع للبيروقراطية الإيطالية طوال الوقت، والتداعيات الضريبية علينا. لذا فإن المحادثة المستمرة التي نجريها تدور حول كيفية القيام بذلك".
في الوقت الحالي، يعملان على أن يتمكنا من قضاء أربعة أو خمسة أشهر من العام في إيطاليا، ويقولان إنهما يرغبان بإحضار قطتهما وقضاء المزيد من الوقت في زراعة حديقتهما.
وخلص الزوجان إلى أن "عائدات هذا الاستثمار في الواقع تتمثّل بالتجربة الإنسانية. لقد تجاوز ذلك كل التوقعات التي كنا نتوقعها".