إسبانيا باتت موطن هذا الأمريكي ولم يندم.. والسبب جائحة كورونا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إن الانتقال إلى مدينة مشمسة تطل على البحر الأبيض المتوسط في إسبانيا لا يعكس دومًا أسلوب حياة أكثر استرخاءً، رغم من أن القيلولة تعتبر ميزة إضافية. فالإقدام على هذه القفزة قد يحقق أهدافًا حلمت بإنجازها في المكان الذي تحبه..
وما عليك سوى أن تسأل ماثيو كو عن ذلك.
عقب الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت على وظيفته في قطاع الفنادق، أعاد محامي العقارات والشركات البالغ من العمر 60 عامًا من ويناتشي بواشنطن الأمريكية، النظر في خططه المستقبلية. لقد ترك وظيفته بشركة في هونغ كونغ لعلامة تجارية فندقية كبرى وانتقل إلى أوروبا.
وبين جميع المدن التي زارها كو وعاش فيها خلال مسيرته المهنية، ضمنًا هونغ كونغ وسنغافورة وسياتل وشيكاغو، اختار مدينة برشلونة الإسبانية الهادئة. ولم يندم على خياره هذا.
وأوضح أنه لطالما "كانت الرحلات إلى دول البحر الأبيض المتوسط وجهتي المفضلة. لم أستطع الاكتفاء من دول مثل تركيا، وإسبانيا، وإيطاليا، واليونان. عندما أحدثت تداعيات الركود الكبير تغييرات في مكان عملي بالشركة، قررت أن الوقت قد حان لطي صفحة تلك الحياة، ومتابعة اهتمامات جديدة تشمل تعلم لغة أجنبية.
أدت هذه الخطوة إلى ما هو أكثر بكثير من مجرد مهارات اللغة الإسبانية. وعلّق: "ما بدأ استراحة أو إجازة، تحول إلى فصل جديد من حياتي في أوروبا ومساعي في مجال ريادة الأعمال المتعلقة بالاستثمار العقاري والتصميم".
"اختبر" كو إيقاع وحجم فالنسيا ومدريد، حيث عاش في شقق مستأجرة في المدينتين لبعض الوقت، قبل أن يستقر على عقد إيجار أطول في برشلونة.
عمل كمستشار للمجموعة الفندقية عينها لسنوات عدة في هونغ كونغ فيما كان يدرس اللغة الإسبانية، وبدأ بشراء وتجديد الشقق. لكن مع بداية جائحة "كوفيد-19" في مطلع عام 2020، عمل على ترسيخ جذور أكثر استدامة في برشلونة، التي مثّلت "مكانًا أكثر متعة للتخلص من الجائحة مقابل الخضوع لإغلاق صارم في هونغ كونغ".
وأكد أنه "لم أنظر إلى الوراء. أعلم الآن أن كاتالونيا أصبحت موطني".
جعل من إسبانيا وطنًا
كانت عودته إلى برشلونة في يوليو/ تموز 2020، في ذروة الجائحة، الخيار الطبيعي بالنسبة له، المزيج الصحيح بين الثقافة والطعام والطقس وأسلوب الحياة.
وفي عام 2021، جعل هذه الخطوة أكثر ديمومة من خلال شراء شقة بمساحة 90 مترًا مربعًا (حوالي 970 قدمًا مربعًا) في مبنى حديث يعود تاريخه إلى منتصف عشرينيات القرن الماضي، في حي سان أنتوني النابض بالحياة في برشلونة. ودفع 400 ألف يورو (حوالي 435 ألف دولار) وقام بتجديده مقابل 125 ألف يورو (حوالي 135 ألف دولار).
قام بتجديد المكان، وهدم الجدران الداخلية وجمع الغرف لإنشاء غرفة نوم كبيرة مع منطقة حمام ذات مخطط مفتوح، وغرفة تبديل الملابس. تحتوي الشقة المكونة من غرفة نوم واحدة وحمام ونصف على شرفتين وتراس خلفي صغير.
تُعد أرضيات البلاط الأصلية للشقة نقطة محورية.
في هذا الصدد أعرب كو عن وقوعه بحب البلاط ما أن دخل الشقة للمرة الأولى. و"كجزء من عملية التجديد، قمت بتنظيف البلاط وتلميعه لاستعادة بريقه الأصلي. أسعى جاهداً للاحتفاظ بالعناصر الأصلية عندما أقوم بتجديد عقار ما".
كو، الذي يعيش في الخارج منذ عام 2006، لا يشعر بالحنين إلى الولايات المتحدة، حيث يزورها بضع مرات في السنة.
ولفت إلى أنه "يفتقد الجبال والبحيرات في شمال غرب المحيط الهادئ، وبالطبع عائلتي. بخلاف ذلك، لا أفتقد أي شيء حقًا ويمكنني العثور على كل ما أحتاجه في برشلونة. لقد تكيفت مع أسلوب العيش في إسبانيا. لا أستطيع أن أتخيل العودة إلى الولايات المتحدة في هذه المرحلة".
لقد استحوذت برشلونة على مدينة كو بأجواءها النابضة بالحياة والصغيرة، التي يمكن الوصول إليها مع مزيج من المغتربين والسكان المحليين، وهي مدينة "تنبض بالنشاط، وتعد بالاكتشاف في أي يوم، أو مساء تقريبًا، من الأسبوع".
ويقول إنه لا توجد مدينة أخرى على البحر الأبيض المتوسط تتمتع بالطابع العالمي مثل برشلونة، والحي الذي يعيش فيه عبارة عن مزيج من أكشاك السوق والمتاجر، حيث أصبح السكان وأصحاب المتاجر المحلية أصدقاء جدد له.
ووصف مغادرته المبنى بأنه "قبل وصولي إلى زاوية الشارع الأولى، أكون حييت ستة أشخاص". وأضاف كو: "إنه مجتمع حقيقي، وأشعر بأنني جزء من هذا المجتمع".
إطلاق مشروع جديد
كان أسلوب الحياة البطيء في برشلونة وطقس البحر الأبيض المتوسط الدافئ من النقاط الإضافية التي دعمت قرار كو بفتح شركته الخاصة، VistaFutura، في عام 2022، لمساعدة المغتربين الآخرين على العثور على منزل، وتسهيل عثورهم على المهندسين والمعماريين والبنائين المحليين.
وقال: "لقد أتيحت لي الفرصة لاحقًا في حياتي لأفعل ما أريد فعله حقًا، في مكان أحب أن أعيش فيه".
ومع ذلك، كان الانتقال ليس بالعملية السهلة. كان عليه أن يعرف أولاً كيفية العيش في إسبانيا بشكل قانوني.
وأشار إلى انه اجتاز "إجراءات التأشيرة وحصلت على إقامتي بمفردي من خلال قراءة القوانين ومنتديات المهاجرين (طريقة رائعة لتحسين لغتي الإسبانية)، والوقوف في طوابير للحصول على المعلومات، والاتصال بالقنصلية الإسبانية".
وقال إنه قام ببعض "المنعطفات الخاطئة"، وكانت العملية تستغرق وقتًا طويلاً.
"ومع ذلك، فقد أصبحت تجربتي الخاصة حافزًا لي لبدء مشروعي الخاص لدعم الآخرين الذين يسعون للانتقال إلى برشلونة".
حصل كو على تأشيرة إقامة دائمة (Residencia Larga Duración)، ما يسمح له بالعمل والإقامة في إسبانيا بشكل دائم. ويقول إنه ليس من الصعب حصول مواطنين أمريكيين آخرين عليها، الأمر الذي يتطلب فقط بعض الاجتهاد في تجميع الأوراق والصبر لإكمال الملف.
إيقاع الحياة في إسبانيا
لقد التقط بسرعة الإيقاع اليومي والعادات السهلة في إسبانيا.
خلال النهار، يقصد السوق المحلية لشراء المنتجات الطازجة لتناول طعام الغداء. ثم يستسلم للقيلولة المميزة، ويستأنف عمله في فترة بعد الظهر، ثم يخرج لتناول المقبلات (تاباس) المسائية مع الأصدقاء ومشاهدة الأفلام الإسبانية لصقل مهاراته اللغوية.
عطلات نهاية الأسبوع مخصصة للانغماس في حب التجول، والقفز على متن قطار أو حافلة للقيام بنزهة ساحلية أو جبلية في سفوح جبال البيرينيه حيث يقيم كو في نزل نموذجي مريح.
قد تكون الشركة التي أنشأها بمثابة وظيفة الأحلام، لكنها لا تخلو من التحديات والمواقف المضحكة، خصوصًا عند التعامل مع العملاء الأمريكيين المدمنين وتيرة الحياة السريعة، فلا يستطيعون التعامل مع نمط الحياة الإسباني البطيء.