تحفة معمارية تزيّن قريبا أفق "مدينة المستقبل" في قطر..كيف ستبدو؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبدو أن أفق مدينة لوسيل الجديدة في قطر سيحصل على إضافة لافتة للأنظار، بمتحف ومركز للفنون يتميز بتصميم دائري مذهل.
ومن المقرر أن يبدأ البناء في وقت لاحق من هذا العام، وسيبلغ ارتفاع متحف لوسيل 30 مترا موزعة على 5 طوابق. أما مساحة المبنى فستبلغ 11 ألف متر مربع على موقع يزيد حجمه عن 10 أضعاف هذا الحجم، وسيشمل مناطق للمعارض الفنية ومساحة "مركز أبحاث" للمناقشات حول القضايا العالمية.
وتقع مدينة لوسيل، التي يُطلق عليها اسم "مدينة المستقبل" في قطر، على بعد حوالي 10 أميال شمال العاصمة القطرية الدوحة. وقد بدأ بناء مدينة لوسيل في عام 2006، وتُعد المدينة سريعة النمو موطنًا لإحدى ناطحات السحاب الأكثر شهرة في البلاد، أي أبراج كتارا.
واستضاف ملعب لوسيل، أحد التحف المعمارية الأخرى، نهائي كأس العالم لكرة القدم 2022.
ومن المتوقع أن تكون المدينة عند اكتمالها قادرة على استيعاب 200 ألف ساكن.
من جانبه، يشير المهندس المعماري جاك هيرتسوغ إلى أن أجزاء كثيرة من تصميم المتحف مستوحاة من الهندسة المعمارية والثقافة الإسلامية، فضلاً عن البيئة المحيطة.
ويوضح أن شكل الهلال، الموجود في جميع أنحاء الثقافة الإسلامية، كان عاملاً رئيسياً عند تصميم المبنى.
وفي الداخل، سيرشد "شارع" على شكل هلال الزوار عبر المتحف.
ويقول هيرتسوغ : "إنه (الهلال) يعد جزءا من هوية بعض السلالات الحاكمة الإسلامية، ولكن أيضًا بطريقة أكثر واقعية، فهو عبارة عن منحنى شارع لا ترى نهايته بالضبط. وهذا يعد تفصيلا مهما بالنسبة لنا".
ولا يُعتبر المؤسس المشارك لشركة الهندسة المعمارية السويسرية، هيرتسوغ آند دي ميورون، غريبًا عن عالم المتاحف، إذ عملت شركته سابقًا على تصميم متحف "+M " في هونغ كونغ ومتحف بيريز للفنون في مدينة ميامي الأمريكية، بالإضافة إلى استاد بكين الوطني لدورة الألعاب الأولمبية لعام 2008، ومتحف تيت مودرن في لندن.
ويأمل هيرتسوغ أن لا يتناسب هذا المشروع مع أفق مدينة لوسيل فحسب، بل أيضا مع بيئته المحيطة من الرمال، والصخور، والبحر، إذ سيُبنى المتحف على جزيرة المها، وهي قطعة أرض مستصلحة قبالة الساحل مباشرة، وتعد جزءا من ساحل قطر الذي يقول هيرتسوغ إنه يتغير باستمرار.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، شهد موقع المتحف حفلا بمناسبة وضع حجر الأساس، وكُشف النقاب مؤخرًا عن تصميمات جديدة للمبنى.
وسيتكون غالبية الهيكل من مواد محلية، ليس فقط للإشارة إلى فكرة ربط المتحف بالأرض التي ستحيط به، ولكن أيضًا لدواعٍ بيئية، إذ يوضح هيرتسوغ: "نريد أن نجعل من هذا المبنى بمثابة مساهمة على المستوى البيئي".
ومن المقرر أن يحتوي المتحف أيضًا على مساحات خضراء، مع أشجار ونباتات محلية، في حين أن الألواح الشمسية والإدارة الفعالة لاستخدام المياه ستعوض جزئيًا انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتقلل من استهلاك المياه.
الفن الاستشراقي
وسيتضمن المبنى قاعات مختلفة للمعارض المنتظمة والأعمال الفنية الاستشراقية، وهو نوع من الفن الذي بلغ ذروته في شعبيته خلال القرن التاسع عشر، ويمثل تصوّر الغرب لمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط في ذلك الوقت، وغالبًا ما يقدم المنطقة كمكان للجمال والإثارة.
ستتمثّل أبرز عناصر المساحة الفنية في أربع "غرف مرساة"، كل منها مستوحاة من الهندسة المعمارية الكلاسيكية القادمة من أربعة أقطاب تمثّل ثقافة العالم الإسلامي. وستكون المرساة الشمالية مستوحاة من إسطنبول، والجنوبية من القاهرة، والغربية من سرقُسطة في إسبانيا، والشرقية من أصفهان.
وستكون هناك غرف مخصصة للحوار، بدءًا من المناقشات بين العلماء وحتى استضافة الوساطات بين العالميين. وخلال السنوات الأخيرة، تولت قطر دور الوسيط في الصراع الأوكراني والحرب بين إسرائيل وحماس.
كما وُصف المتحف بأنه "سوق متعدد الطبقات"، وهي فكرة ترتبط بالأسواق التقليدية الموجودة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وبالنسبة لهيرتسوغ، يُعتبر إرث متحف لوسيل أحد الاعتبارات الرئيسية وراء تصميمه، إذ يقول: "اهتمامي الوحيد هو أن أفعل شيئًا يمكنه أن يستمر لأجيال عديدة".
ويضيف: "من المهم أن تمتلك المدن هذه المتاحف لأنها تجتذب أجيالاً جديدة وتقدّم الفن كأداة لرؤية العالم بطريقة مختلفة. يمكن للناس تبادل المناقشات حول الفن، وحول الأحداث في جميع أنحاء العالم. وأعتقد أن هذا يجعله مختلفًا عن أي متحف آخر نعمل عليه".
ومن المتوقع أن يكتمل متحف لوسيل في عام 2029.