أمريكية تترك كاليفورنيا لصالح العيش في المكسيك..كيف تروي تجربتها؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بدأت علاقة حبها مع المكسيك في سن مبكرة، ولم ينم شغف مارجوري سكوراس بالبلد إلا مع مرور الوقت.
خلال مرحلة مراهقتها، زارت مصممة الديكور الداخلي من ولاية كاليفورنيا الأمريكية، عمها الذي يعيش في ولاية باها كاليفورنيا المكسيكية لأول مرة، وواظبت على زيارته بانتظام خلال فترة العشرينيات من عمرها.
وقالت سكوراس التي درست فن ما قبل كولومبوس في جامعة كاليفورنيا، لـCNN: "هكذا بدأ كل شيء بالنسبة لي".، مضيفة: "لقد كان الأمر رائعًا".
حلم حياتي
مع تطور مهنة سكوراس وتكوين أسرة، أصبحت زياراتها أقل تكرارًا، لكن عاطفتها للبلد استمرّت.
وبينما أنها عاشت في كاليفورنيا لأجيال، أصبحت سكوراس تشعر بخيبة أمل متزايدة من الحياة هناك، وبدأت تغازلها فكرة الانتقال إلى بلد مختلف بمجرد تخرج ابنتها من المدرسة الثانوية، وتوجهها إلى الجامعة.
وقالت: "لقد أصبح العيش هناك (في كاليفورنيا) معقدًا، وصعبًا، ومكلفًا بشكل متزايد. وكانت نوعية الحياة تتراجع".
فكرت بالانتقال إلى جزيرة كورفو في اليونان، حيث التقت بزوجها برونو باردافيد، أو بالسفر إلى وجهات أخرى في أوروبا، لكنها قرّرت في النهاية العدول عن قرارها ذلك.
في يوليو/ تموز 2014، وجدت سكوراس نفسها مجددًا في المكسيك، وقصدت مدينة ميريدا في يوكاتان، الوجهة التي سمعت عنها الكثير، لكنها لم تزرها أبدًا.
وروت كيف أنها وزوجها قاما بالتردّد إلى المدينة، لمعرفة كيف يبدو عليه أسلوب العيش فيها، وأنهما في غضون 45 دقيقة، قررا أنهما يريدان العيش هناك، إذ قالت: "لقد كان أمر غريبًا جدًا. لم يحدث قبل ذلك في حياتي".
وما أن عادا إلى المنزل، بدأت سكوراس بالبحث عن عقار في ميريدا عبر الإنترنت، واشترت مبنى أثري يعود إلى القرن التاسع عشر، في مقابل 210 آلاف دولار بعد أربعة أشهر.
ووصفت المنزل الذي أقاما فيه بأنه كان عبارة عن منزل كبير وفق المعايير المحلية.
وتابعت "لكن يمكنك شراء منازل أقل مساحة لقاء القليل من المال، وهذا أمر مذهل. لقد تغير كل هذا تمامًا [الآن]".
انتقل الزوجان إلى ميريدا رسميًا، في عام 2017.
وأشارت سكوراس إلى أن الأمر "كان أشبه بالخيال. لقد قرأت كل تلك الكتب عن الأشخاص الذين يقدمون على ذلك. ودأبت مع ابنتي على مشاهدة فيلم تحت شمس توسكانا سنويا".
ويتحدث كل من سكوراس وزوجها المولود في الأرجنتين، اللغة الإسبانية ما سهّل عليهما عملية الانتقال.
اللغة الإسبانية
ويعني التمتّع بالقدرة على التحدث باللغة أنّ الزوجين كانت لديهما القدرة على التواصل مع السكان المحليين بسهولة نسبيًا، ما كان بمثابة "بوابة لحياة أكثر إثارة للاهتمام"، بحسب ما ذكرته سكوراس.
وأضافت: "نحن نستمتع كثيرًا بقضاء الوقت مع المكسيكيين عوض التردّد على مجتمع المغتربين الذين لا يتحدثون الإسبانية".
ووصفت سكوراس سنواتهما القليلة الأولى في ميريدا بأنها "ساحرة"، موضحًة أن المدينة كانت تجذب المبدعين من جميع أنحاء العالم في ذلك الوقت. وأعربت عن مشاعرها قائلة: "لقد كان الأمر رائعًا حقًا".
وبينما أن الانتقال إلى الحياة في المكسيك كان سهلاً للغاية بالنسبة لسكوراس، ولكنها تعترف بأن المقاربة التي تتبعها البلاد في التعامل مع الزمن بمثابة أمر لطالما عانت منه، لافتة إلى أن "الوقت غير موجود وفق مفهومك ومفهومي".
وقارنت بأهمية الوقت في موطنها، قائلة: "العيش في الولايات المتحدة يسير بشكل أو بآخر مثل الساعة في كل شيء".
ورأت أن زوجها باردافيد تكيّف بسرعة مع هذه المقاربة التي كانت أكثر صعوبة بالنسبة لها، إذ لفتت إلى أنه "هنا (المكسيك)، يُعتبر الاستعجال أمرًا وقحًا، بالمعنى الحرفي للكلمة. ويجب أن أذكر نفسي بذلك".
عندما استقرت في المكسيك، بدأت سكوراس، التي كانت منذ فترة طويلة من محبي الموضة المكسيكية، بشراء فساتين قديمة من ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لارتدائها، وغالبًا ما كانت تتلقى الثناء على الملابس.
وقرّرت افتتاح متجر بالقرب من منزلها لعرض مجموعة من الفساتين، وكذلك بعض منتجاتها الخاصة، في عام 2019.
ثم انتشرت جائخة فيروس كورونا، وتغيّر شكل كل شيء مرة أخرى.
اتصال موسيقي
في عام 2021، اشترت سكوراس وزوجها قطعة أرض مساحتها حوالي 40 ألف متر مربع في دزيمول، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 3000 نسمة، وباعا منزلهما في ميريدا.
وعندما شرعا ببناء مجمع سكني في دزيمول، لاحظ الزوجان أن هناك بعض الأقسام المحرومة للغاية في المنطقة، وأرادا إيجاد طريقة لمساعدة الأطفال المحليين بطريقة ما.
وقالت سكوراس: "لقد جئنا إلى هنا واعتقدنا أنه يتعين علينا المغادرة للحصول على حياة أفضل، ولكن هذه ليست وجهة النظر السائدة هنا على الإطلاق".
وتابعت: "سيكون هناك طفل يريد الخروج من هذا المكان لرؤية عالم أكبر، فكيف يمكننا المساعدة في جعل ذلك حقيقة"؟
واكتشفا أن الموسيقى والرياضة من النشاطات المحببة في المكان، حيث أطلق الزوجان مدرسة "Kookix Music School" غير الربحية، التي تقدم دروسًا موسيقية مجانية للأطفال من جميع الأعمار في سبتمبر/ أيلول 2021.
وقاما بتمويل المشروع بأنفسهما، إذ أوضحت سكوراس: "لقد أنفقنا نصف كمية الأموال التي ادخرناها لبناء منزل هنا على ذلك. لأننا شعرنا أن هذا هو الأمر الصحيح الذي ينبغي فعله".
وبينما دخلت سكوراس المكسيك بتأشيرة مؤقتة، إلا أنها الآن مقيمة دائمة، وتقدم حاليًا طلبًا للحصول على الجنسية المكسيكية، إذ أوضحت: "أنا أحب هذا البلد. أحب الناس. وسأكون فخورة للغاية إذا قبلوني بينهم. سنكتشف ذلك قريبا".
في عام 2022، عُرضت مجموعة سكوراس من الفساتين المكسيكية في متحف الفن الشعبي في يوكاتان بميريدا، وهو ما وصفته بأنه "تجربة رائعة وساحرة".
العواصف الاستوائية
ورغم أن الحرائق والزلازل والانهيارات الأرضية كانت مصدر قلق دائم لها أثناء وجودها في كاليفورنيا، إلا أن العيش في المكسيك لا يعني بالضبط أن سكوراس تمكنت من وضع الكوارث الطبيعية وراءها، إذ أشارت إلى أن الأعاصير والعواصف الاستوائية شديدة القوة.
أما فيما يتعلق بتكلفة المعيشة، فقد اعتبرت سكوراس أن كلفة الغاز أقل في المكسيك، ولكن أسعار البقالة قد تتفاوت، حيث تكون أسعار بعض المتاجر الكبرى شبيهة بتلك الموجودة في الولايات المتحدة.
غالبًا ما تتلقى سكوراس اتصالات من أشخاص آخرين يفكرون باحتمالية الانتقال إلى المكسيك لفترة من الوقت، حيث تقوم بتشجيعهم على ذلك، إذ قالت: "لقد غيرت حياتنا بطرق عدة ذات معنى، لم يكن ممكنًا أن نحلم بها أو نتخيلها".
بعد سبع سنوات من مغادرتهما كاليفورنيا إلى المكسيك، أصبح تقدير سكوراس وزوجها للبلاد وشعبها أقوى من أي وقت مضى.
وبينما تقوم بالسفر إلى الولايات المتحدة مرتين سنويًا تقريبًا، لكن ليس لديها أي خطط للعودة إلى موطنها الأصلي، آملة في البقاء بالمكسيك لأطول فترة ممكنة.