"قصر القلوب".. إليكم أسرار أعظم فندق في بودابست

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: Four Seasons Gresham Palace Budapest

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عكست قصة قصر غريشام بشكل وثيق قصة المدينة التي بُني فيها خلال القرن الماضي.

وشُيّد القصر بمطلع القرن العشرين في بودابست، وسرعان ما أصبح أشهر عنوان في العاصمة المجرية. 

وبعد أن شهد حربين عالميتين، عانى القصر من الإهمال في ظل الحكم الشيوعي قبل أن ينهض بشكل مهيب مرة أخرى في يونيو /حزيران في عام 2004 ليُصبح أحد أفخم الفنادق في المدينة، وربما حتى في وسط أوروبا.

محتوى إعلاني
يطل قصر جريشام على جسر السلسلة الذي يربط بين بودا وبست، ضفتي العاصمة المجرية، منذ أكثر من قرن.Credit: Four Seasons Gresham Palace Budapest

هذا الصيف، يحتفل المبنى، الذي يُعد أحد أرقى الأمثلة على تصميم فن العمارة الحديث (الفن الجديد) في بودابست، بمرور عقدين من الزمن في أحدث تجسيد له تحت اسم "Four Seasons Gresham Palace" (فورسيزونز قصر غريشام)، وهو فندق فاخر يتمتع بإطلالات بانورامية على نهر الدانوب العظيم.

ويمثّل الاحتفال بالذكرى السنوية علامة فارقة جديدة في الحفاظ على هذه الجوهرة المعمارية التي كانت سابقة لعصرها، عندما بُنيت وكانت بمثابة احتفال بالعصر الذهبي الفكري الذي نشأت فيه.

وصُمم قصر غريشام في الوقت الذي برزت فيه بودابست كواحدة من أكبر مدن أوروبا بعد توحيد بودا الثرية في القرن التاسع عشر على أحد ضفتي نهر الدانوب مع مدينة بست سريعة التطور على الجانب الآخر، واستيعاب بلدة أوبودا القريبة.

تتمتع العديد من غرف الفندق بإطلالات على نهر الدانوب المهيب.Credit: Four Seasons Gresham Palace Budapest

وفي ذلك الوقت، كان جسر السلسلة هو الرابط الرئيسي عبر النهر، ولذلك تقرّر بناء القصر على جانب بست ليكون بمثابة حارس البوابة.

وقال جوزيف لازلوفسكي، وهو مدير برنامج دراسات التراث الثقافي في جامعة أوروبا الوسطى لـ CNN: "بعد توحيد بودا وبست وأوبودا في عام 1873، أصبحت بودابست مدينة عالمية كبيرة، وعاصمة أوروبية". 

وتابع لازلوفسكي: "اتصلت بودا وبست لفترة طويلة فقط عن طريق جسر السلسلة، وبالتالي كانت ساحة سيتشيني في نهاية الجسر على جانب بست واحدة من أبرز الأماكن العامة، حيث يطل قصر غريشام عليهما".

كان القصر في السابق بمثابة مكان للاستراحة للمثقفين في بودابست.Credit: Four Seasons Gresham Palace

وكان بناء قصر غريشام في عام 1906 بمثابة قصة حب، ويُعرف أيضًا محليًا باسم "قصر القلوب".

ويقال أن المعماري زسيجموند كويتنر أضاف الزخارف على شكل القلبوب المنحوتة في المبنى بسبب حبّه لمستأجرة القصر المستقبلية.

وهناك حكاية أخرى أكثر ترجيحًا تقول إن القلوب مستوحاة من علاقة عاطفية بين الكونتيسة إيرما سيشيني وتوماس غريشام، وهو الإنجليزي الذي كان وراء بناء القصر.

ويُقال إن غريشام أهدى سيشيني قلادة على شكل قلب، طلبت نسجها في قماش القصر.

يُعرف الفندق محلياً باسم "قصر القلوب".Credit: Four Seasons Gresham Palace

وبمساعدة شريكه جوزيف فاجو، قام كويتنر، الذي فاز بتكليف من شركة "Gresham Life Assurance" لبناء القصر، بتقديم مثالًا بارزا على فن العمارة على طراز الفن الجديد، ممزوجا بلمسة طليعية لفيينا وباريس بتلك الحقبة.

وبُني القصر ليعكس عظمة الإمبراطورية النمساوية المجرية القوية في ذلك الوقت، مع تصميمات داخلية فاخرة وأعمال زخرفية حديدية ذات تفاصيل دقيقة.

وتم استدعاء رسام الزجاج وصانع الفسيفساء الشهير ميكسا روث لإنشاء فسيفساء زجاجية خارجية مزخرفة، ونوافذ زجاجية ملوّنة.

ولم يكن القصر انتصارًا معماريًا فحسب، بل كان أيضًا مركزًا للابتكار التكنولوجي، حيث تميز بنظام تدفئة مركزي، ونظام رائد لاستخلاص الغبار.

ويضم المبنى أيضًا رواقًا للتسوق على شكل حرف "T" بسقف زجاجي، وهو مفهوم جديد في بودابست في أوائل القرن العشرين.

يضم الفندق 179 غرفة وجناحًا.Credit: Four Seasons Gresham Palace Budapest

وعند اكتمال بنائه، أصبح قصر غريشام على الفور العنوان الأكثر رواجًا في بودابست، كمكان للسكن للأثرياء، وموقع للتسوق من المحلات التجارية والمقاهي الحصرية في الطابق الأرضي.

طوال تاريخه، كان القصر بمثابة مركز ثقافي في بودابست، حيث يضم مقهى غريشام فينيتسيا الشهير وملهى بوديوم، المعروف بعروضه الساخرة والجريئة أحيانًا من الناحية السياسية.

ومع ذلك، فإن حصار السوفييت لبودابست في عام 1944 ترك المبنى متضررًا بشدة، وأدى التأميم اللاحق في ظل الحكم الشيوعي في عام 1948 إلى مزيد من التدهور.

ورغم المعاناة خلال زمن الحرب وتحمّل عقودًا من الإهمال، يبدو أن روح القصر بقيت سليمة حتى عام 2001، عندما شرعت مجموعة الفنادق الفاخرة "فور سيزونز" في مشروع طموح مدته ثلاث سنوات لاستعادة روعة المبنى الأصلي مع دمج الفخامة الحديثة.

وقد اجتمع فريق من كبار المهندسين المعماريين ومصممي الديكور الداخلي والحرفيين المجريين في هذا المشروع.

وكان المهندس المعماري غابور كروبا مسؤولاً عن إعادة بناء القصر بالكامل،  إلى جانب فنان الترميم ميكلوس سينكيرالي.

وقال زينكيرالي في ذلك الوقت: "لقد استغرقت العملية آلاف الساعات لفريق فريد من الأساتذة المدربين تدريبًا عاليًا من مجموعة متنوعة من الحرف لنحت هذه الجوهرة الرائعة على طراز الفن الجديد".

وأضاف: "لقد وُلد قصر غريشام من جديد ليكون بمثابة جوهرة التاج ذات الجمال المتفرد الذي يكمل جسر السلسلة الرائع لدينا".

ومنذ إعادة افتتاحه في عام 2004، قدم فندق "Four Seasons Gresham Palace" للزوار ملاذًا مجهزًا جيدًا، حيث يوفر 179 غرفة وجناحًا مع إطلالات بانورامية على نهر الدانوب أو مناظر المدينة.

وتتميز مساحاته الداخلية، بدءًا من الردهة الكبيرة وحتى المنتجع الصحي الموجود في الأعلى، بأجواء ملكية.

صممت حانة MÚZSA بالفندق لنقل الزوار إلى أيام مجد بودابست في مطلع القرن العشرين.Credit: Csaba Barbay/Four Seasons Gresham Palace Budapest

وقال تيبو دريج، المدير العام للفندق لـCNN : "يُعد قصر غريشام من بين المباني الأكثر شهرة في بودابست، واليوم، من خلال وجوده، وموقعه الفريد، وهندسته المعمارية، فإنه يشكل الصورة التي تقدمها المدينة لأي سائح يرغب في استكشافها".

نشر
محتوى إعلاني