بعمر 72 عاما.. ما الذي دفع مسن أمريكي للانتقال للعيش في إيطاليا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ينجذب معظم الأشخاص الذين يشترون منازل رخيصة في إيطاليا إلى فكرة دفع سعر زهيد مقابل فرصة الهروب إلى مكان أكثر دفئًا يتمتع بطعام أفضل.
ولكن ماذا لو كان ذلك قد يساعدك أيضًا على العيش لفترة أطول؟
هكذا كان تفكير بينجوا توماس، البالغ من العمر 72 عامًا، وهو في الأصل من مدينة كانساس سيتي الأمريكية، الذي اشترى منزلا قديمًا في بلدة لاترونيكو، في منطقة بازيليكاتا بجنوب إيطاليا، على أمل أن يدفعه التغيير في نمط الحياة إلى ما هو أبعد من متوسط العمر المتوقع لفئته العمرية في الولايات المتحدة.
وبطبيعة الحال، كان سعر المنزل أيضا حافزا.
وقرر توماس، المقيم حاليًا في مدينة لوس أنجلوس، شراء منزل مساحته 110 أمتار مربعة في المقام الأول نظرًا لقدرته على تحمل التكاليف، بعد أن تفاوض على خفض سعره إلى 8 آلاف يورو (حوالي 8،662 دولارًا).
وكان توماس متأثرًا أيضًا بقرب البلدة الإيطالية من أفريقيا، حيث يشير إلى مشاركته في مشاريع المساعدات الإنسانية.
ويقول: "كان السبب الرئيسي الذي دفعني إلى إنشاء مكان إقامة في جنوب إيطاليا هو الوصول بشكل أفضل إلى القارة الأفريقية لكي أكون قادرًا على استخدام معاشي التقاعدي لإنشاء، وتمويل، والتواصل، والتطوّع في برامج المساعدات بالقارة الأفريقية".
ويضيف: "أردت مسكنًا لا أضطر إلى إنفاق الكثير لجعله صالحًا للسكن، حتى أتمكن من الحصول على المزيد من المال للمشاريع في أفريقيا".
وانجذب توماس أيضًا إلى نمط الحياة الأكثر صحة والأبطأ في المنطقة، على أمل أن يساعد ذلك في زيادة متوسط عمره المتوقع.
ويقول: "يبلغ متوسط العمر المتوقع في إيطاليا 82.7 عاما، بينما يبلغ في الولايات المتحدة 79 عاما".
وفي الواقع، تقدّر منظمة الصحة العالمية أن متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة أقرب إلى 77 عامًا.
ويشير توماس إلى أنه بالنسبة لأصحاب البشرة السوداء، فإن متوسط العمر المتوقع هو 70 عامًا، مضيفا: "في الولايات المتحدة، أنا قد تجاوزت بالفعل عمري المتوقع بمدة عامين. ولكن في إيطاليا، يمكنني الحصول على 10 سنوات إضافية لعمري".
ويبدو أن دافع توماس للانتقال إلى إيطاليا هو جزء من التحول بعيدًا عن الأسباب الأصلية التي دفعت الناس لشراء المنازل الرخيصة في البلاد، وهي ظاهرة بدأت منذ بضع سنوات عندما سعت المدن المهجورة إلى جذب أشخاص جدد لبث حياة جديدة في مجتمعاتهم.
وفي البداية، كان غالبية المشترين من العائلات الأجنبية والأزواج المتقاعدين الذين يأملون في شراء منزل لقضاء العطلات، وفقًا لرؤساء البلديات الذين يروجون لتلك الخطط.
مع ذلك، يبدو أن ذلك قد تغير بمرور الوقت، حيث يتطلّع الفنانون والناشطون الاجتماعيون الآن إلى القيام بهذه الخطوة.
وتعد بلدة لاترونيكو هي إحدى البلدات التي تجتذب المشترين الأمريكيين بشكل رئيسي بمنازل وإيجارات رخيصة.
ومن بين العقارات المعروضة منازل جاهزة للبيع تصل أسعارها إلى 10 آلاف يورو (حوالي 10،800 دولار) وعقارات متهالكة تحتاج إلى تجديد شامل.
وفقًا لتوماس، كانت عملية الشراء الخاصة به سلسة، وكانت التحديات الوحيدة في الغالب بسبب قيود السفر المرتبطة بجائحة كورونا.
وقد شعر توماس بسعادة غامرة لأن نائب عمدة البلدة السابق، فينسينزو كاستيلانو، الرجل الذي يقف وراء مخطط الإسكان، قام بالإجابة عن استفساراته بنفسه، ودعمه طوال عملية الشراء بأكملها، وقال إن هذه اللفتة كانت سببا في اتخاذ قراره.
وقد خصص توماس، الذي يسافر إلى إيطاليا كل بضعة أشهر منذ شرائه المنزل، ميزانية تبلغ حوالي 20 ألف يورو (حوالي 21،656 دولارًا) لأعمال التجديد، إلى جانب الأثاث والأجهزة.
ويأمل في المساعدة في تطوير مجتمع لاترونيكو من خلال إنشاء مركز للفنون في الطابق الأرضي من منزله في المستقبل.
ويقول: "لطالما اتخذ الفنانون من المباني المهجورة بالمناطق غير مرغوب فيها مسكنا وأعادوا المباني والأحياء إلى الحياة فقط ليتم إزالة المباني التي أعيد إحياؤها حديثًا أو زيادة إيجاراتها من قبل الملاك الجشعين".
ويضيف: "في هذه القرى الأوروبية الصغيرة والأنيقة، لا يضطر الفنانون إلى استئجار مساكنهم، بل يمكنهم في الواقع امتلاك مساحات معيشتهم والاستوديو الخاص بهم".
ويتابع: "وهكذا تعود الحياة إلى القرى ولا يتعرّض الفنانون للسلب من طاقتهم الإبداعية".
وقد تبدو وتيرة حياة لاترونيكو هادئة عند مقارنتها بأسلوب حياة توماس السابق، لكنه يقول إن هذا ما يحبه فيها.
ويقول: "العيش في إيطاليا يمنحني المزيد من الشيء الوحيد الذي يهمني، ويجب أن يكون الأولوية لدى أي كائن حي، أي الحياة حرفيًا".
ويمارس توماس التمارين الرياضية يوميًا، بما في ذلك رياضة الجري لمسافات طويلة فوق تلال لاترونيكو البرية البانورامية، ويقول إنه كان يستمتع ببيئته الجديدة، حتى قبل أن يستقر فيها تمامًا.
وينقسم المنزل الذي اشتراه توماس في عام 2022 إلى مستويين، تبلغ مساحة كل منهما 55 مترًا مربعًا، والطابق العلوي صالح للسكن بالفعل.
ويشرف توماس على معظم أعمال التجديد بنفسه، مستعينًا بشركات محلية للمساعدة في جوانب مثل السباكة، بينما يتولى أصدقاؤه في إيطاليا أعمال الكهرباء.
ويخطط لتركيب حمام في الطابق الأرضي وترميم المدفأة القديمة وفرن الحطب.
يقول: "في الطابق العلوي، سيبقى كما هو، لقد كان بمثابة مكان للعيش بالنسبة لي خلال العامين الماضيين".
ويضيف توماس إنه يأمل في المساعدة في المساهمة في تنمية مجتمع لاترونيكو من خلال استخدام العقار لإنشاء خدمات جديدة وتشجيع الفنانين الآخرين على الانتقال إلى البلدة.