وجهة يونانية تُلقب بـ"جزيرة إنستغرام" لجمالها تعاني من أسوأ موسم سياحي.. ماذا حدث؟

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: Xavier Duvot/Hans Lucas/AFP/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبدو أن هناك بركانا على وشك الثوران في سانتوريني، لكنه ليس بركان "كالديرا" الشهير عالميًا.

وفي هذه الجزيرة اليونانية المذهلة، تجذب المنازل البيضاء المبهرة والكنائس ذات القباب الزرقاء والبحر الفيروزي بشكلٍ فريد نحو 3.4 مليون زائر سنويًا، وهو عدد يفوق عدد المقيمين الدائمين في سانتوريني بكثير، فيبلغ عددهم 20 ألفًا تقريبًا.

محتوى إعلاني

ويتدفق نحو 17 ألف راكب من سفن الرحلات البحرية إلى الجزيرة خلال موسم الذروة، متجهين مباشرة إلى مناطق شهيرة، مثل العاصمة فيرا، ومدينة أويا على طرفها الشمالي الغربي، التي تشتهر بمشهد غروب الشمس المذهل.

 واكتسبت الوجهة لقب "جزيرة إنستغرام" بسبب جمالها الذي لا يحتاج إلى "فلتر" (تعديل).

تتجول حشود من السياح في شوارع فيرا، عاصمة سانتوريني، في 19 يوليو/تموز.Credit: Aris Oikonomou/AFP/Getty Images

وتزخر الشوارع الضيقة المرصوفة بالحصى والشرفات الواقعة على جانب الجرف بالسياح الذين يسعون لالتقاط صور "سيلفي" أثناء غروب الشمس، بينما يشعر السكان المحليون بالانزعاج وهم يمارسون أنشطتهم اليومية.

ولكن عندما يحل المساء، تختفي الحشود، ويشكو البعض من تحول الجزيرة من ساحة "تايمز سكوير" إلى مدينة أشباح.

هذا المزيج المتقلب أدى إلى تزايد السخط على الجزيرة الواقعة في بحر إيجه، التي تشكلت مناظرها الطبيعية الوعرة نتيجة لثوران بركاني حدث في عام 1600 قبل الميلاد تقريبًا.

وضع حد أقصى للزوار في عام 2025

أصبحت جزيرة سانتوريني مشهورة في عصر منصات التواصل الاجتماعي لدرجة أنها حصلت على لقب "جزيرة إنستغرام".Credit: Aris Oikonomou/AFP/Getty Images

واقترح عمدة سانتوريني، نيكوس زورزوس، وضع حد أقصى لركاب السفن السياحية، ليبلغ 8 آلاف راكب يوميًا.

وهذه الخطوة مدعومة من رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي قال لوكالة "بلومبرغ" إنّه من المقرر تطبيق الإجراء العام المقبل.

وكانت الاحتجاجات المناهضة للسياحة بمثابة نقطة سياسية لافتة في أوروبا هذا الصيف، مع اندلاع المظاهرات في إسبانيا وهولندا وغيرهما.

وأصبحت السياحة المفرطة كلمة منتشرة في قطاع السفر خلال السنوات الأخيرة، حيث تكافح الوجهات الشعبية لموازنة احتياجاتها من الأموال التي ينفقها الزوار ، مع جودة حياة سكانها، والحفاظ على بيئة مرغوبة ومستدامة للجميع.

وفي سانتوريني، لا يقتصر الأمر على كثرة السياح فحسب وفقًا للبعض.

"الجزيرة خالية"

صورة لتجمع الحشود في أويا، على الطرف الشمالي الغربي من الجزيرة، في 30 يونيو. وتشتهر القرية بأنها تشهد أفضل غروب للشمس في الجزيرة بأكملها .Credit: Xavier Duvot/Hans Lucas/AFP/Getty Images

من جانبه قال جيانلوكا شيمنتي، وهو منظم رحلات محلي ومقيم في سانتوريني منذ 18 عامًا: "لا وجود للسياحية المفرطة. ما أراه هو نقص في المنشآت".

وفي حين تمتلئ منصات التواصل الاجتماعي بصور الازدحام الشديد في مناطق الجذب السياحي بالجزيرة خلال أوقات الذروة، إلا أن المشهد في بقية الوقت مختلفة تمامًا، حسبما ذكره شيمنتي.

وأضاف: "الحقيقة هي أن الجزيرة خالية.. إنّه أسوأ موسم على الإطلاق".

ويشكل شهرا يوليو/ تموز وأغسطس/ آب موسم الذروة السياحي في سانتوريني، لكن مراكز المدينة تصبح مهجورة بعد الساعة التاسعة مساءً، ولم تقترب المطاعم والفنادق حتّى من سعتها الاستيعابية.

ورغم أنّ ركاب السفن السياحية محل تقدير، وكذلك الزوار الذين يقيمون لفترة أطول والذين يأتون إما عن طريق القارب أو الطائرة، لكن شيمنتي يرى أن السكان المحليين  يشعرون بأن عليهم التنازل عن شيء ما.

وفي منتصف القرن العشرين وأواخره، كانت سانتوريني وجهة هادئًة يتنقّل فيها السكان على ظهور الحمير، ويزرعون فيها الطماطم والعنب لإنتاج النبيذ.

والآن تتعرض البنى التحتية القديمة للجزيرة لضغوط شديدة، بينما يتعرض الميناء الرئيسي في فيرا لضغوط خاصة.

وفي حال لم يرغبوا في المشي لمسافات طويلة وشديدة الانحدار، فإن التلفريك يعد الخيار الوحيد لركاب السفن السياحية للوصول من الميناء القديم إلى وسط المدينة، حسبما أشار شيمنتي، و"من الطبيعي أن يكون لديك طابور إذا كانت السفن السياحية قادمة في الوقت ذاته".

ومع ذلك، عندما تختفي الحشود، قال شيمنتي: "الفنادق الآن تشغل  أقل من 30% من سعة إشغالها خلال موسم اعتيادي"، والشركات الأخرى في الجزيرة تتعرض لضربة مماثلة.

وقال: "المشكلة هي أنّ منصات التواصل الاجتماعي تُظهر مشهدًا مختلفًا تمامًا عن الواقع". 

وفي حين أن العديد من السياح سيزورون الجزيرة هذا العام، إلا أن هناك أيضًا العديد من الآخرين الذين ينفرون من سمعتها المزدحمة، ولا يعتبرونها وجهة للإقامة لفترات أطول على مدار العام.

الحاجة إلى التنويع

 وفي الأول من أغسطس/ آب، أعلنت رابطة خطوط الرحلات البحرية الدولية (CLIA)، وهي هيئة تجارية عالمية، أنّها التقت بوزير الشؤون البحرية اليوناني، كريستوس ستيليانيدس، لمناقشة الأزمة، بما في ذلك طرق تحسين وتطوير البنية التحتية للموانئ والخدمات.

ولا يقتصر ازدهار السياحة في اليونان على سانتوريني، إذ ارتفعت عائدات السياحة الوطنية بنسبة 16% خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، وفقًا لتقارير وكالة "رويترز".

ومن المتوقع أن يحطم عام 2024 الرقم القياسي لزوار البلاد، الذي وصل عددهم العام الماضي إلى 33 مليون شخص.

من جهتها ، أفادت ماريا ديليجياني، المديرة الإقليمية لرابطة خطوط الرحلات البحرية الدولية في شرق البحر الأبيض المتوسط، في بيان: "في الآونة الأخيرة، حظي نمو السياحة في اليونان باهتمام كبير، وخاصة فيما يتعلق بجزيرتي سانتوريني وميكونوس". 

كما أكدت على التزام خطوط الرحلات البحرية بالحفاظ على الحد الأقصى للزوار البالغ 8 آلاف راكب، وقالت إنّ هناك اهتماما قويا بتنويع مسارات الرحلات اليونانية لتخفيف الضغط عن أكثر الأماكن شعبيةً.

وأشارت رابطة خطوط الرحلات البحرية الدولية إلى تركز نحو ثلثي سياحة الرحلات البحرية في اليونان حاليًا في بيرايوس، وسانتوريني، وميكونوس.

ويقول شيمينتي: "تتمتع سانتوريني بأحد أهم المواقع الأثرية في أوروبا حاليًا. لماذا لا تنظم السفن السياحية جولات إلى المواقع الأثرية؟ إذا قسمت الناس إلى ثلاثة أجزاء من الجزيرة، بحيث يقومون بأنشطة متعددة في أوقات مختلفة، فسيحظون بالوقت للاستمتاع، ولن تكون هناك حشود في أي جزء من الجزيرة".

نشر
محتوى إعلاني