ثنائي كندي في المكسيك: كيف وجدا السعادة في واقع يفوق الأحلام؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد سنوات من السفر معًا، اعتاد بروك وريك غازر الكنديان، الإقامة في أماكن مثيرة للاهتمام.
كانا يبيتان في بيت ضيافة بسان ميغيل بالمكسيك يملكه زوجان من نبراسكا، عندما سألت بروك عمّا ستكون عليه حالهما في حال انتقالهما (من كندا) وافتتاح فندق للمبيت والإفطار (B&B) خاص بهما.
وقالت بروك لـCNN عن تلك الليلة التي لا تُنسى من عام 1986: "كنت أراقب (المالكين) وأفكر، ’هؤلاء الناس يتمتعون حقًا بحياة رائعة، لذا أود أن أفعل هذا يومًا ما‘".
الحلم بالانتقال إلى بلد جديد
وبعد مرور أكثر من عشر سنوات، انتقلا إلى الدولة الواقعة في أمريكا الشمالية لتحقيق هذا الحلم.
كان الثنائي، المتزوجان منذ 38 عامًا، قد عاشا في الخارج سابقًا، واستمتعا بالسفر معًا، "لذلك لم تكن فكرة الخروج من البلاد غريبة عنهما".
ومع ذلك، لم يتخذا قرارًا بترك حياتهما في كالغاري، ألبرتا، وفتح فندقهما الخاص إلا بعدما خسرت بروك وظيفتها كمندوبة صيدلانية، في عام 1996.
كان ريك غير واثق من "جدوى امتلاك فندق للمبيت والإفطار في أي مكان"، لذلك قررا تجربة الأمر في منزلهما كاختبار.
وأشارت بروك أثبتت التجربة أنها "ناجحة للغاية".
كانا يربيان كلب خروف ضعيف "لن ينتقل بسهولة"، لذا قرّر الزوجان الانتظار بضع سنوات قبل أن يغامرا. لكن إلى أين يتوجهان؟
أوضحت بروك أنّ معاييرهما تمركزت حول "العيش في مكان دافئ بالقرب من الشاطئ" في حال قررا تغيير حياتهما.
فكر الثنائي بتايلاند كوجهة بداية، لكنهما فكرا بأنه "لطالما قضينا وقتًا ممتعًا في كل مرة زرنا فيها المكسيك". وبدآ يبحثان بجدية عن "مكان مناسب لهما في المكسيك". وفي نهاية البحث اقتنعا بذلك، فضلاً عن كونه الخيار الأكثر جدوى من الناحية المالية.
وقالت: "في المكسيك، كان بوسعنا الدفع للمساعدة، ولمدبرة منزل وبستاني، بالإضافة إلى عامل ماهر عند الحاجة".
كانا واثقين جدًا من قرارهما، رغم قلق أصدقائهما وعائلتيهما.
بيع الممتلكات
وأشار ريك إلى أنّ "المكسيك لم تخفهما أبدًا، فضلًا عن أنّ تعلّم اللغة الإسبانية أسهل بكثير من تعلم اللغة التايلاندية".
ما أن توفي كلبهما، شعر الزوجان أخيرًا بأنهما على استعداد لمغادرة كندا.
كانا يأملان بداية، بتأجير منزلهما لمدة ستة أشهر، إلا أن بروك وريك قررا في النهاية بيعه.
وأضافت: "لقد قمنا بالتأجيل (الانتقال إلى المكسيك) لأشهر عدة إضافية من أجل بيع المنزل.. ثم غادرنا".
وفي فبراير/ شباط 1999، غادرا كالغاري، ألبرتا، وتوجها إلى المكسيك.
وشرح الزوجان أنّهما أمضيا ستة أشهر بالحد الأدنى يستكشفان البلاد، واقتصر بحثهما على ساحل المحيط الهادئ في المكسيك، من أجل العثور على المكان المثالي لفندقهما، وفي النهاية قررا الذهاب إلى هواتولكو، وهي مدينة ساحلية في أواكساكا.
وأضافت: "هواتولكو مكان مرح نوعًا ما. لقد تم تطويره من قبل الحكومة، التي تعرض الأراضي للبيع بشكل دوري. لكن كان علينا فقط الانتظار".
في الأثناء، سافر بروك وريك، اللذان كانا يبلغان من العمر 49 و54 عامًا، إلى غواتيمالا لدراسة اللغة الإسبانية.
قال ريك: "عندما عدنا بعد 10 أيام، قاموا بإجراء عملية بيع، وقدمنا عرضًا على عقارين. وحصلنا على واحد منهما وكنا سعداء للغاية".
اشترى الزوجان الأرض مقابل 75 ألف دولار في أغسطس/ آب 1999، وبدآ بوضع خطط لبناء فندق مبيت وإفطار (B&B) مكوّن من ستة غرف ضيوف ويطل على خليج تيجونسيتو.
استغرقهما الأمر بعض الوقت للحصول على الأوراق المناسبة والعثور على مهندس معماري، وتسارعت الأمور عند "بدء العمل".
وأشار الثنائي إلى أن الناس اعتقدوا أن تحقيق ذلك كان مستحيلا في هذه المنطقة، لكنهما أرادا افتتاح فندقهما.
كانت مدينة هواتولكو تشهد تطورًا سياحيًا حديثًا نسبيًا.
واستذكرت بروك كيف لاحظت بسرعة أن الكنيسة المحلية "ليس لها أبواب".
وقالت: "كانت الأمر غريبًا بعض الشيء، واكتشفنا بعد حوالي ثلاثة أيام أنّ عمر البلدة نفسها يبلغ تسع سنوات فقط".
ولفتت إلى أن "الحكومة أقامت البنية التحتية وبدأت المدينة تتشكل للتو، لذلك لم يتم الانتهاء من بناء الكنيسة".
بناء الأحلام
وفقًا لبروك وريك، كان السكان المحليون مرحبين جدًا وأشعروهما بالراحة على الفور.
وهذا "أحد أسباب اختيارنا للمكسيك.. أنّ الناس هنا لطيفون جدًا"، وفق بروك.
لقد افتتحا فندق المبيت والإفطار الخاص بهما، Agua Azul la Villa، في يناير/ كانون الثاني 2002. وبلغت التكلفة الإجمالية للبناء حوالي 350 ألف دولار.
وجدا أسلوب حياتهما الجديد بإدارة فندقهما رائعًا، وهما من استمتعا كثيرًا بالسفر بسبب الناس الذين صادفوهما خلال ترحالهما.
ولفتت بروك إلى أنّ "الناس قصدوهما. نلتقي بأشخاص رائعين من جميع أنحاء العالم. لقد أحضر كل شخص مثير للاهتمام شيئًا ما إلى مائدة الإفطار لدينا".
العقبات؟!
أكد الثنائي أن الأمور لم تكن دومًا سلسة عندما يتعلق الأمر بعملهما، ومرّت سنوات عانيا فيها، لكنهما تمكنا من الاستمرار بالعيش "بشكل مقتصد".
اكتشف الزوجان أن أموالهما حققت أكثر مما اعتقدا في المكسيك، لكن الأمر استغرق منهما بعض الوقت للتغلب على بعض الاختلافات الثقافية. فالأمور المتصلة بالوقت وجدولة المواعيد في البلاد شكّلت أحد أكثر الجوانب تحديًا بالنسبة لهما.
لكن بالمجمل "أجد أن الناس رائعون للغاية، وممتعون للغاية، ومهتمون".
من جهة ريك الذي يعاني من مرض في القلب، يقول إن ما يذهله دومًا مدى جودة الرعاية الطبية التي يتلقاها.
الاختلافات الثقافية
وأوضح أنّ "هناك ثقافة رعاية لن يجدها في كندا".
بعد عيش حياة سعيدة في هواتولكو لمدة عقدين، قرّر الزوجان بيع فندقهما والانتقال إلى مدينة أكبر بسبب مشاكل ريك الصحية.
فهو خضع للعديد من عمليات الدعامات الجراحية، ولم يعثرا على طبيب قلب في هواتولكو أو بالقرب منها.
"لحسن الحظ، اشترينا التأمين الطبي منذ سنوات".
وحرصًا على البقاء في المكسيك، اختار الزوجان الانتقال إلى ميريدا، وهي مدينة أكبر بكثير تقع في ولاية يوكاتان وتضم المزيد من المرافق الطبية.
وخلصت بروك التي كتبت مذكرات بعنوان "House of Blue Water" حول تجربتهما في هواتولكو: "في الخمسين من العمر، شعرنا بأننا خالدان لكن في غمضة عين، يمكن أن يتغير ذلك".
وتابعت: "لا أندم على الوقت الذي قضيناه في هواتولكو. في الواقع، كان أفضل وقت في حياتنا. وأفتقد الجمال الطبيعي الذي أحاط بنا. لكن علينا أن نكون عمليين".
يعيش الزوجان في ميريدا، المعروفة بهندستها المعمارية الإسبانية الاستعمارية، وثقافة المايا التقليدية، منذ عام 2021، ويقولان إنهما يشعران بالسعادة لوجودهما هناك.