800 دولار بالساعة.. ما سبب الكلفة المرتفعة لهذه التجربة السياحية في أوغندا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تُعَد بوتسوانا وناميبيا وجنوب إفريقيا محطات توقّف أساسية لمن يتوقون إلى اختبار أفضل تجربة للحياة البرية تقدّمها إفريقيا.
لكن هناك دولة واحدة تُنسى بسهولة عندما يتعلّق الأمر بقضاء الوقت في البرية الحقيقية والاقتراب من الطبيعة، وهي أوغندا.
تتمتع هذه الجوهرة الواقعة شرقيّ أفريقيا بكل ما يلزم لعشاق الحياة البرية.
وببساطة، إنّها غير مُقدّرة كما يجب وتنتظر الاستكشاف،
وتُعد غابة بوندي المنيعة موطن أكبر عدد من الغوريلا الجبلية بالعالم، حيث يجوب أكثر من 500 منها الغابات الكثيفة. وتبلغ رسوم الدخول إليها 800 دولار للمقيمين الأجانب الراغبين بالانطلاق في رحلة مدتها ساعة واحدة فقط من أجل لقاء مجموعة من الغوريلا التي اعتادت على البشر هناك.
ويقود هذه الرحلة اليومية التي تضم مجموعة صغيرة تتألف من ثمانية أشخاص، خبراء من هيئة الحياة البرية في أوغندا، يرشدونهم إلى واحدة من 18 مجموعة من الغوريلا الجبلية المعتادة على الناس.
موقع لا مثيل له
تعمل شركة "Volcanoes Safaris" في المنطقة منذ أكثر من 25 عامًا، وفي يوليو/ تموز 2024، افتتحت رابع نزل فاخر لها في أوغندا. يقع "Kibale Lodge" في موقع لا مثيل له، إذ يطل على جبال "روينزوري" من الغرب وقناة "كازينغا" من الجنوب.
ويتألف من ثماني غرف فقط، ويصنّف بأعلى مستوى من السياحة البيئية في أوغندا، حيث تبدأ الأسعار من 1،200 دولار للشخص الواحد في الليلة. ومع ذلك، تبذل الشركة قصارى جهدها للحديث عن كيفية الاعتماد على المعرفة والمهارات المحلية لإنشاء أعمالها واستدامتها.
في نزل "Kibale"، وبالتعاون مع معهد جين غودال لتنظيم برامج التوعية المجتمعية، تعمل تحديدًا على بناء جيل جديد من القيادات النسائية في مجال الحفاظ على البيئة. وقال مؤسس "Volcanoes Safaris"، برافين مومان، إنّ التعلّم من السكان المحليين كان أمرًا حيويًا طوال بناء النزل.
وأضاف كيفن جيمس، الرئيس التنفيذي للعمليات لدى شركة "Volcanoes Safaris": "يتألف فريق البناء الداخلي في Volcanoes من مهندسين، ومصممين للمفروشات والتنجيد يعيشون في المجتمعات المحيطة بنزل الشركة".
مستقبل أفضل
ورغم نجاح هذا العمل، فإنّ إحدى أكبر القضايا المحيطة بالسياحة المستدامة في أوغندا تتمحور حول "لاجئي الحفاظ على البيئة". فقد تم إبعاد قبيلة "باتوا" قسراً من منتزهات غابتَي غاهينغا وبويندي الوطنيتين عند إنشائهما في عام 1991.
وفيما انتعشت أعداد الغوريلا في هذه المناطق، أصبح هؤلاء الصيادون وجامعو الثمار، وهم من أقدم القبائل الأصلية في القارة بأكملها، نازحين داخل بلادهم. ولم يتم دفع أي تعويضات لهم، وتبع ذلك سنوات من النبذ. ومع عدم اعتياد القبيلة على أساليب الزراعة التقليدية، واجهت الاضطهاد والتمييز أينما حلّت.
ورأى جيمس: "نعتقد أن التركيز على الحفاظ على البيئة والسياحة يجب أن يعتمد على المجتمعات المحلية".
وتابع: "لن يكون السكان المحليون داعمين للسياحة والحفاظ على البيئة إلا إذا حصلوا على فائدة ملموسة. فهم بحاجة إلى تأمين الطعام، والتعليم للجيل التالي، وتطوير حياتهم. وإذا كانوا جزءًا من سلسلة السياحة البيئية والحفاظ على البيئة ويشاركون في نجاحها، فسيكون لديهم الحافز لحماية الحياة البرية والمنتزهات".
في نزل "غاهنيغا" (Gahinga Lodge) التابع لشركة "Volcanoes"، هناك مستوطنة رسمية تمتد على 13 فدانًا لقبيلة "باتوا"، ويعيش فيها مئة شخص من 18 عائلة.
وتوجد مساحة للزراعة، ومركز متخصصة للتدريب وتمرير الطقوس القديمة إلى الجيل الحالي، وفرصة للضيوف للتعرف من كبار وزعماء القبائل بشكل مباشر على نمط حياتهم. إنها تجربة قوية وتظل خالدة في الأذهان لفترة طويلة بعد الزيارة.
الجودة لا الكمية
لا شك أنّ نموذج السياحة عالية الجودة ذات الأسعار المرتفعة لديه القدرة على النجاح عند النظر إليه من زاوية الاستدامة، على الأقل عندما يتعلق الأمر بالطبيعة. ويتضح ذلك في أعداد الغوريلا الجبلية تحديدًا.
فوفقًا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، فاق عدد الغوريلا الجبلية الألف في عام 2018، عندما تم إجراء آخر تعداد، ويمثل ذلك ارتفاعًا من العدد الذي بلغ 680 غوريلا في عام 2008.
ويُعتقد أنّ هذا نتيجة مباشرة لرحلات الغوريلا المكلفة التي تخضع لرقابة شديدة.
أما الأموال التي يتم جمعها من الرحلات المكلفة، فهي تسمح لهيئة الخبراء البرية في أوغندا، والسلطات الأخرى، بتخصيص تكاليف حماية أكبر للغوريلا الجبلية من الصيادين غير القانونيين، والحد من الخسارة المدمرة للموائل.
ورغم أن مثل هذه التكاليف قد تبدو باهظة، فإن البديل أمر لا يستطيع المشغّلون تحمّله، لاسيما عندما تكون البيئة هشة للغاية، وضرورة الموازنة بين احتياجات المجتمعات المحلية يعتبر أمرًا حيويًا جدًا.
ووفقًا لشركة "Responsible Travel" التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، فإن فرض أسعار مرتفعة وحراسة التجربة بشكل كبير أمر أساسي.
وأفادت الشركة: "عندما يتعلق الأمر بغوريلا الجبال، فإن انخفاض أعداد السياح والقيود الشديدة ليست مجرد خدعة، بل إنها ضرورة لمنع إزعاج الغوريلا أو إصابتها بالأمراض".
ورغم أنه يكن السفر بتكلفة زهيدة نسبيًا على هامش هذه التجربة، إلا أن العديد من الزوار يجعلون هذا النشاط جزءًا من مغامرتهم، ويؤدي السعر المرتفع عادةً إلى توجيه الأموال لدعم البيئة المعرضة للخطر.