كرم عنب "سري" وسط باريس.. ما سرّ النبيذ الذي ينتجه؟

نشر
4 دقائق قراءة
يقع كرم Clos Montmartre في وسط باريس، وهو آخر بقايا منطقة صناعة النبيذ القديمة.Credit: Stevens Tomas/ABACA/Shutterstock

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في صباح ضبابي من شهر أكتوبر/ تشرين الأول، يجمّع صانع النبيذ فينسان بولينور فريقه بين صفوف الكروم المثقلة بالعنب، لقضاء اليوم في قطف الثمار من الفروع المزروعة بعناية وتكديسها في شاحنات جاهزة للعصر.

يتكرّر هذا المشهد بجميع أنحاء فرنسا في هذا الوقت من العام، حيث تحصد البلاد المكوّنات التي تمنح نبيذها شهرة بين خبراء النبيذ في العالم. لكن بولينور وأفراد طاقمه ليسوا في مناطق صناعة النبيذ الكلاسيكية أي في بوردو، أو بورغوندي، أو لانغدوك، أو لوار، بل في وسط العاصمة الفرنسية باريس.

محتوى إعلاني

يقع "كلو مونمارتر" على الجهة الشمالية من حي مونمارتر الفني المزدحم الذي تعلوه كاتدرائية القلب المقدس المهيبة. وهو عبارة عن كرم صغير وخلاب يضم حوالي 2000 كرمة منتجة للعنب في قلب العاصمة الفرنسية.

أما العنب فهو من بقايا الأيام التي كان فيها حي مونمارتر بمثابة قرية جميلة محاطة بكروم العنب. رغم أن هذه الكروم تقع إلى الشمال أكثر وتتعرض بحد أدنى لأشعة الشمس مقارنة بمصانع النبيذ الفرنسية الأكثر شهرة. واختفت تدريجيًا عندما أصبحت جزءًا من باريس في عام 1860.

لكن، بقي تقليد زراعة الكروم في مونمارتر على قيد الحياة. واليوم يُعد Clos Montmartre قطعة أرض صغيرة خلابة متوارية بعيدًا عن فوضى المدينة على مقربة من متحف مونمارتر. في كل شهر من أكتوبر/ تشرين الأول، يجتمع البستانيون الباريسيون جنبًا إلى جنب مع عشاق النبيذ الحضريين لحصاد هذا العنب.

يتم بيع هذا النبيذ الذي يتم إنتاجه على دفعات صغيرة في المقام الأول بالمزاد العلني، مع حصيلة تقل عن 2000 زجاجة سنويًا. تذهب جميع العائدات لتمويل البرامج الاجتماعية للدائرة الثامنة عشرة، وهي المنطقة المتنوعة في باريس التي يقع فيها الكرم.

ويُوضح إريك لوجويندر، عمدة الدائرة الثامنة عشرة: "كانت مونمارتر منطقة فقيرة للغاية حتى خمسينيات القرن العشرين، ولطالما كان الناس يشعرون بالتضامن هنا. ولهذا السبب من المهم جدًا بالنسبة لنا حتى الآن الحفاظ على هذه التقاليد والروح التي نشأت بها هذه التقاليد".

وأوضح بولينور أن "العمل بالكروم في باريس أمر استثنائي، لا سيما في مونمارتر. وحقيقة أن مبيعات النبيذ تذهب لأعمال خيرية، تعزز من هذا السحر".

العمل مع الطبيعة

يتولى فينسنت بولينور رعاية مزرعة الكروم في كلو مونمارتر. وتستعين سيلفيان ليبلاتر، خبيرة النبيذ المقيمة هناك، بخبرتها لصناعة أنواع نبيذ جيدة.Credit: Kiran Ridley/Getty Images; CNN

مع استمرار الحصاد، تتجه شاحنات العنب المحملة إلى أسفل تلة مونمارتر، وتحديدًا إلى مبنى بلدية الدائرة الثامنة عشرة. وفي الطبقة السفلية من هذا المبنى الحكومي الفخم، يقع قبو نبيذ مجهول تقريبًا، حيث تتم معالجة العنب من مزارع الكروم بالمدينة، وتعبئته لصنع النبيذ.

تنتظر سيلفيان ليبلاتر، خبيرة النبيذ المقيمة في كلو مونمارتر، بالقبو لمعالجة العنب. وبصفتها صانعة النبيذ المسؤولة عن هذه العملية، فإنها تعلم أنها ليست بالمهمة البسيطة، فضلًا عن موقع الكرم البارد، فإن التربة في العاصمة الفرنسية خفيفة ورملية، ما يعني أنها تفتقر إلى الخصوبة.

لكن بصفتها خبيرة زراعية وخبيرة في صناعة النبيذ، فإنها مستعدة للتحدي.

ومن خلال العمل الجاد والخبرة التي تتمتع بها لوبلاتر، يبدو أن النبيذ من مونمارتر يكتسب شهرة كبيرة.

تستخدم لوبلاتر مقاربة شخصية، فتختار أصنافًا تتكيف بشكل أفضل مع تربة باريس، وتصمّم طرق المعالجة وفقًا لحصاد العنب. وبالاستفادة من المعرفة التي اكتسبتها من عملها في مزارع الكروم حول العالم، تقول إنها تحاول جعل النكهات غنية من خلال العمل مع الطبيعة عوض العمل ضدها.

تنتج لوبلاتر وفريقها النبيذ الأحمر والوردي. حيث يتميّز كلاهما بلونهما الغني وخصائصهما العطرية العالية. 

ورغم أن غالبية أنواع النبيذ تُباع بالمزاد العلني، إلا أنه لا يزال يمكن الحصول على زجاجة من النبيذ الأحمر مقابل 35 يورو (حوالي 39 دولارًا)، وزجاجة من النبيذ الوردي مقابل 30 يورو (حوالي 32 دولارًا). 

نشر
محتوى إعلاني