وقعت في حب جنوب إيطاليا من النظرة الأولى.. فتخلّت عن "الحلم الأمريكي"
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مع وفرة أشعة الشمس، والشواطئ الجميلة، وأسلوب الحياة البطيء، لا عجب أن تكون جنوب إيطاليا وجهة سياحية مرغوبة جدًا، فمعظم من يغادرها يحلم بالعودة إليها لعيش التجربة مجددًا.. ما لم يقرّروا بالطبع البقاء إلى الأبد.
هذا ما حدث لميشيل بلاكمون، مستشارة أسلوب حياة تبلغ من العمر 68 عامًا، ووكيلة عقارات فاخرة سابقة من لوس أنجلوس، خلال رحلة مصيرية إلى منطقة بوليا في إيطاليا.
بعد الاستمتاع برحلة في أنحاء إيطاليا ما بعد كوفيد، في عام 2022، توقفت بلاكمون في مدينة ليتشي، الواقعة في كعب حذاء إيطاليا، بناءً على توصية من أحد الأصدقاء. كان حبًا من النظرة الأولى. سحرتها "جوهرة" الباروك في جنوب إيطاليا، المليئة بالقصور الأنيقة والساحات المريحة.
تقول بلاكمون لـCNN: "لم أسافر أبدًا إلى جنوب إيطاليا، لذلك في طريق عودتي إلى فلورنسا بعد كوفيد، أخذت ما اعتقدت أنه إجازة سريعة لمدة أسبوع في بوليا، حيث وقعت في حب الهندسة المعمارية الباروكية، والشواطئ، وأسلوب الحياة العضوي على الفور".. وقرّرت البقاء.
وتابعت: "أخطط للعيش والتقاعد هنا، ولن أعود إلى الولايات المتحدة بالتأكيد الآن"، مؤكدة أنها تعيش "أفضل حياتي هنا في بوليا".
بعد إقامة لمدة أسبوعين في فندق بالحي القديم في ليتشي، بدأت بلاكمون البحث عن مكان أكثر استقرارًا للعيش فيه، وتحوّلت العطلة ببطء إلى أمر آخر. فليتشي أمست حب حياتها.
وتقول بلاكمون بفخر إنها تخلّت عن الحلم الأمريكي من أجل الحلم الإيطالي، حتى أنها كلبها يوركشاير تيرير عبر نصف العالم كي يكون معها.
كلّفتها شقتها الأولى في ليتشي، التي تبلغ مساحتها 400 قدم مربع (قرابة 122 مترًا مربعًا) بأسقف عالية بيضاء على شكل قبة، 350 يورو (حوالي 368 دولارًا) شهريًا، فقط.
وانتقلت أخيرًا إلى منزل أكبر، منزل صغير يتألف من أربع غرف نوم، ومكتب، وحديقة جانبية، وترّاس على السطح يطل على الكاتدرائية، لقاء 800 يورو فقط (842 دولارًا) شهريًا.
فلورنسا الجنوب
تقول إنها تحب أصالة ليتشي، والهندسة المعمارية الجميلة التي تُلقّب المدينة بسببها بـ"فلورنسا الجنوب"، وسهولة الوصول إلى الأكل العضوي لكونها محاطة بالأراضي الزراعية.
تقول: "تتمتع بوليا ببراءة جميلة".
وتسأل نفسها: "هل افتقدت سيارتي الفاخرة، ومواعيد العناية بالأظافر والشعر الأسبوعية، ولجان العقارات الكبيرة؟ أحيانًا. لكن في سن 68، أعيش أصح وأفضل حياة في جنوب إيطاليا".
تقول بلاكمون إنها تخلّت الآن عن حياتها الباذخة في لوس أنجلوس، حيث بحثت عن عقارات فاخرة لعملاء فاحشي الثراء، من أجل عالم أبسط حيث تشعر بالرضا عن الذات والسعادة. لكنها لا تزال تساعد الآخرين الذين يريدون الانضمام إليها في إيطاليا.
تقول: "لطالما كان شغفي بالحياة الصحية والمستدامة أولوية بالنسبة لي. أريد أن ألهم الناس كي يعيشوا أفضل حياتهم، وأقدم الآن النصيحة للآخرين الذين يريدون أن يعيشوا الحلم الإيطالي".
كانت بلاكمون قد اكتسبت خبرة بالحياة في شمال إيطاليا سابقًا، كل ذلك بفضل فيلم هوليوودي.
منذ عام 2003 حتى ضرب كوفيد، كانت تسافر بانتظام بين لوس أنجلوس وفلورنسا للعمل. تقول إن عملاءها كانوا من المشاهير وذوي الثروات الكبيرة الذين أرادوا تجربة نمط الحياة التوسكاني بعد عرض فيلم الكوميديا الرومانسية "تحت شمس توسكانا".
تقول إنها كانت تكسب عيشها من خلال شراء العقارات وتصميم الجولات التجريبية وتقديم "كل شيء توسكاني" لعملائها. بعدما أمضت الكثير من الوقت في فلورنسا، كانت بالفعل مفتونة بإيطاليا، حتى أنها استأجرت شقة لفترة في المدينة حتى يكون لديها مكان للإقامة أثناء رحلات عملها.
وتصف تلك الفترة بأنها كانت "في الجنة".
فريق العمل الحلم
غير أنّ فلورنسا بالنسبة لبلاكمون، تمثل امتدادًا لأسلوب حياتها الباذخ في لوس أنجلوس، مع الأسعار المرتفعة التي تتناسب معها. لذا، عندما اكتشفت ليتشي في صيف ما بعد كوفيد، سُحرت على الفور بأجوائها الأكثر بساطة، فضلاً عن جمالها.
تقول: "عندما تجولت في شوارع ليتشي في الليلة الأولى، شعرت وكأنني على مسرح هوليوودي، حيث كانت الإضاءة المثالية تبرز تفاصيل العمارة الباروكية".
والآن، بعدما أسست حياتها الجديدة في ليتشي، تقول إنها لا تزال تعمل كمستشارة لأسلوب الحياة، وتساعد الأجانب الذين يرغبون بالانتقال إلى جنوب إيطاليا. لقد جمعت "فريق أحلام" من المحامين، والمهندسين المعماريين، ومصممي الديكور الداخلي، ومصممي الأزياء، والطهاة، ومنظمي الفعاليات، والبنائين الذين اختبرتهم شخصيًا لمساعدتها.
وتتجوّل بلاكمون الآن بثقة في أزقة ليتشي الحجرية اللامعة، برفقة كلبها أينشتاين، وكأنها من أهل البلدة الحقيقيين.
وبعد عامين فقط من التواصل مع الناس، تقول إنها تعرف كل شخص في البلدة تقريبًا، ويحييها الناس في كل مكان تذهب إليه.
وتحب أن تمزح بأنها أصبحت الآن "عمدة ليتشي الثانية".
وتقول بلاكمون، التي لديها تأشيرة إقامة اختيارية على أساس الدخل السلبي كمتقاعدة، إنها تقضي صباحها في التسوق لشراء الخضار والأسماك واللحوم من المزارعين المحليين في الأسواق المفتوحة. وتزور افتتاحات المعارض الفنية وفعاليات الجاز الحية، وسط مجموعة واسعة من النبيذ العضوي المحلي "الرائع".
وتسعى الآن إلى صنع النبيذ الخاص بها بعدما عثرت على قطعة أرض بها عقار متداعي وكروم خارج ليتشي مباشرة.
وتروي لـCNN كيف عثرت عليها: "فيما كنت أقود سيارتي عبر مزرعة الكروم على جانبي طريق الدخول، وقع نظرها على فيلا مهجورة من القرن السادس عشر بحاجة إلى ترميم، تمتد على مساحة 3.3 هكتار، مع بستان خوخ. فقدمت عرضًا وأطلقت عليها اسم والدتي، فيلا ريجينا".
اشترت بلاكمون مزرعة الكروم والمبنى، اللذين تخطط لتحويلهما إلى فندق صغير، مقابل 320 ألف يورو (337 ألف دولار).
إيقاع أبطأ
تقول إنها اعتادت على نمط الحياة السريع في لوس أنجلوس، وتعترف بأنها تحتاج إلى بعض الوقت للتكيف مع الإيقاعات الأبطأ في جنوب إيطاليا.
في ليتشي، تمتلئ الشوارع بالناس فقط بعد الساعة 9 مساءً عندما يستمتع الأطفال والأهل والأجداد والعائلات الممتدة بأكملها بنزهتهم المسائية. العشاء، وفقًا للتقاليد الإيطالية الجنوبية، لا يكون قبل الساعة 10 مساءً أبدًا.
تقول: "أنا أول شخص يتضور جوعًا لتناول العشاء عند الساعة 7:30 مساءً. لم أعتد بعد على تقليد تناول الطعام في وقت متأخر، لكن الذهاب لتناول العشاء مع الإيطاليين حدث رائع: لا هواتف محمولة، محادثات رائعة، والكثير من الأطباق التي يتم تناولها، الخبز والنبيذ والحلوى والغرابا".
رغم أن مغامرتها في فلورنسا ساعدتها على حب إيطاليا في البداية، إلا أن جاذبية أقصى جنوب البلاد أقنعتها بوضع جذورها هناك.
تقول عن وقتها في فلورنسا: "كان علي أن أقرص نفسي كل يوم". لكن في ليتشي، تقول إنها تقرص نفسها مرات عدة في اليوم. وليس لديها أي نية للعودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.