رأي .. كيف يدير بوتين الاستراتيجية الإعلامية؟

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: ANDREY SMIRNOV/AFP/Getty Images

كاتبة هذا المقال، جيل دوغرتي، كانت مديرة مكتب CNN  في موسكو ومراسلة من 1997 إلى 2005، كما عملت مراسلة في البيت الأبيض، ومؤخراً مراسلة للشؤون الخارجية تغطي وزارة الخارجية، وهي عضو في مركز شورنستين للإعلام، والسياسة، والسياسات العامة، في جامعة هارفارد، حيث تجري بحثا عن التطورات الحديثة في وسائل الإعلام الروسية.

محتوى إعلاني

(CNN)-- مذيعتان شابتان من شبكة تلفزيون RT، وهما أميركيتان، انتقدتا تدخل موسكو العسكري في أوكرانيا، ورئيسة التحرير المسؤولة عنهما تدعي ، بأن الحادثة، وردة  فعل وسائل الإعلام عليها هي جزء من الحرب الإعلامية، وقالت مارغريتا سيمونيا: "إننا في حرب حقيقة دائرة" وكتبت على الموقع الالكتروني للشبكة "لا، الحمد لله، إنها ليست في القرم، بل حرب إعلامية."

محتوى إعلاني

ليز وال، كانت يوم الأربعاء، تجلس خلف دسك الأخبار في قناة RT، وأعلنت للجمهور بأنها "لا تستطيع أن تكون جزءا من شبكة تمولها الحكومة الروسية، لتقوم بتبرير أعمال (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين" واضافت "إنني فخورة بأن أكون أمريكية، وأؤمن بنشر الحقيقة، وهذا ما هو السبب الذي يجعلني استقيل بعد هذه النشرة."

قبل ذلك بيوم واحد، أعلنت آبي مارتن على الهواء "لا أستطيع أن أقول ما يكفي حول تدخل أي دولة في الشؤون السيادية لأي أمة.. ما تفعله روسيا خطأ،" ولكن مارتن لم تستقل، وانتقدت "وسيلة الإعلام الرئيسية" على تجاهل انتقاداتها السابقة للتدخل العسكري الأمريكي في الدول الأخرى.

RT اعتبرت عمل وال، من باب الاستعراض والترويج لجرأتها، وعلقت على حركة مارتن، بأن العاملين في الشبكة لديهم الحرية في التعبير عن آرائهم.

الانتقادات الشعبية لتدخل بوتين في أوكرانيا شكلت إرباكاً لشبكة RT، ولكن سيمونيا جيشت صحفييها للحرب، التي تعتقد بأن حكومة الولايات المتحدة تشنها عبر وسائل الإعلام الأمريكية الخاضعة للعسكر.

"عاصفة المقالات نشرت عن شبكة روسيا اليوم خلال اليومين الماضيين، وحرفيا أطنان من النسخ الورقية، التي تبدو وكأنها كتبت بطريقة الإملاء" وكتبت أيضا "لا تكاد وسيلة إعلام محترمة تمتنع عن مهاجمة صحفيي روسيا اليوم واغتيال شخصياتهم بمقالات وتقارير."

سيمونيا التي تعمل لصالح RT، قالت لأن "هذه بلدي، لا خيار آخر أمامي" . اعتبار نفسها على أنها "الصوت" البديل، يمثل جزءاً من الاستراتيجية التسويقية لـ RT التي  تأسست في عام 2005 كمحطة تلفزيون إخبارية دولية ممولة من الحكومة الروسية، واسمها الحقيق هو روسيا اليوم ، وكانت مهمتها في البداية إطلاع العالم على الأحداث والحياة في روسيا.

تلك الاستراتيجية التي أبلغني رئيس تحرير في RT بأنها "غلطة حقيقية" لأن قليل من الناس حول العالم يهتمون بما يجري في روسيا.

ما لبثت المحطة أن أضاعت الصورة الروسية، وأعادت تسمية نفسها RT، واصبحت نسختها الانجليزية تهتم بالشباب الأمريكي، وتركز بشكل واسع على الأخبار الأمريكية.

RT لديها الآن 2500 موظف بما فيهم طاقم التحرير والطاقم الفني، والخدمات، وخمس محطات دولية، هي RT أمريكا، باللغة الانجليزية، وRT العربية، وRT الاسبانية، وRT الوثائقية. وفي هذا الربيع ستطلق وكالة فيديو خاصة بها في برلين لتنافس رويترز و APTN.

في مقابلة مع CNN أجراها أندرسون كوبر الأربعاء، قالت المذيعة وال، بأن تقاريرها عن الأزمة في أوكرانيا "لم تكن RT تقول الحقيقة، إنها لترويج أجندة بوتين، وأستطيع أن أخبركم أنها في المقام الأول أيضا لتقريع أمريكا المذيعة ليز وال." وتوضع السياسة التحريرية من قبل رئيس تحرير روسي.

وقالت إن "الإدارة الوسطى" هم " من الأمريكيين، ودورهم هو التأكد من أننا نسير على الخط"، وموظفو الفئة العليا في RT يصرون على الطاقم للالتزام بالسياسة التحريرية، وليس سياسة الحكومة الروسية، ومقارنتة RT مع BBC، وفرانس 24 ، دوتشيه فيلا، وغيرها من المحطات الإخبارية الممولة من الحكومات.

روسيا التي تعين الموظفين تقول إن عليكم الاستمرار في مكافحة صورة امبراطورية الشر التي خلفتها الحرب الباردة، وهي تحتاج إلى سنوات للتغلب عليها.

ديمتري ترينين، خبير في مركز كارنيغي موسكو، الذي عمل مع الجيش السوفياتي والروسي لأكثر من 20 عاماً، يقول إن مسار RT يختلف بشكل جوهري عن التلفزة الإخبارية في الحقبة السوفياتية " فالنظام السوفياتي الدعائي يتحدث عن روسيا، لديهم مذيعون روس، وبشكل مكثف يحاولون ترويج الأفكار السوفياتية، والأيدلوجية السوفياتية، والتجربة السوفياتية" ويضيف " في الوقت الحالي ليس هناك مشروع لترويجه، والاهتمام به، ما يهتمون به هو تقديم أنفسهم في وسائل الإعلام الغربية، ديمتري ترينين وتحدي الحقائق القائمة، ونصف الحقائق التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية للعالم الغربي، إنها ليست عن روسيا."

وفي الوقت نفسة، وفي توقيت ساخر نوعا ما، عاد اسم "روسيا اليوم" مجددا، في إعلان كان بمثابة قنبلة في نهاية ديسمبر، حيث أصدر الرئيس بوتين مرسوما بإنشاء هيئة للبث التلفزيوني الدولي تحمل وجهة نظر روسيا إلى العالم، وتسمي "روسيا اليوم". كما حل اثنتين من وسائل إعلام الحقبة السوفياتية، هي وكالة نوفوستي للأنباء، وراديو روسيا اليوم الدولي، وتفاصيل تشكيل الوكالة الجديدة ومهامها من المتوقع الإعلان عنها في أي لحظة.

وخلال العشرين عاما الماضية، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، تكافح روسيا لإبراز أفكارها في العالم، وكانت ألعاب سوتشي والاحتفال الافتتاحي خطوة رئيسية في محاولات بوتين لإصلاح صورة روسيا.

والآن مع "روسيا اليوم جديدة" سيكون لديه الرسالة، والوسيلة التي يقدمها من خلالها. وما يقوم به في أوكرانيا من المرجح على الأقل وفي الحدود الدنيا،  أن يلقي بظلاله على ولادة الوكالة الجديد، وعلى الأرجح أن يفقدها بريقها.

يذكر أن الأراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبته جيل دوغرتي، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.

نشر
محتوى إعلاني