رأي: لما الغموض حول الرحلة 370؟

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: HOANG DINH NAM/AFP/Getty Images)

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- يتساءل كثيرون إزاء الغموض المحيط بمصير الطائرة الماليزية "الرحلة 370" بداية من عدم إرسال الطيار إشارة استغاثة، وهو من وجهة نظري، أمر لا يثير الاستغراب، فأولويات الملاح تنحصر في التحكم بالطائرة، قبل أي شيء آخر، وحدوث أمر طارئ قد يستنزف جهود الطاقم بالكامل، بالنسبة لي كقبطان طائرة تجارية، غياب الاتصالات اللاسلكية ببرج مراقبة على الأرض ، ليس بوسعه سوى القيام بالقليل، أمر غير مثير للدهشة.

محتوى إعلاني

المحققون في الرحلة "370" قد يجدون تشابها بحادثة تحطم الرحلة "447" لـ"أير فرانس"، وهي طائرة من طراز  "أيرباص أيه 330" في المحيط،  شمال البرازيل، وهي منطقة لا تدخل ضمن نطاق الرادارات. كنظيرتها الفرنسية، الطائرة الماليزية بوينغ "777" ، من أحدث الطائرات ومجهزة بأفضل  التقنيات الحديثة وذات سجل آمن ممتاز.

محتوى إعلاني

مجموعة الأحداث المتتالية والأخطاء على متن الرحلة الفرنسية ، أرسلت تلقائيا إلى مقر الشركة أثناء اللحظات الاخيرة للرحلة، لكنها وفرت معلومات قيمة، لكنها غير حاسمة من جهة تحديد أسباب الحادث، قبل العثور على أي حطام.

انتشال بيانات الرحلة أمر محوري

استرداد مسجل بيانات الرحلة "370" وتسجيلات قمرة القيادة أمر مهم لتحديد أسباب الحادث،  فالأول  وظيفته حفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيائية، كالارتفاع، والسرعة وحالة معظم الأجهزة على متن الطائرة،  وهي معلومات يجري تسجيلها عدة مرات خلال الثانية، ، أما الآخر، فأنه يحفظ  ارشيف الساعة الأخيرة لأي أصوات  داخل قمرة الطائرة وكافة أجهزة الراديو ووسائل التخاطب الداخلية بالطائرة.

ولن ينحصر عمل فرق المحققين الدولي على البحث عن تسجيلات الطائر، بل سيتعداه لمراجعة البحث في التفاصيل الدقيقة لسجل  طاقمها والتدقيق حول المسافرين، تحديدا اثنان سافرا بجوازي سفر مزورين.

ففحص الحطام، وبمجرد العثور عليه وكيفية انتشاره، سيطلع المحققين إذا كانت الطائرة سالمة عند تهاويها وزاوية الارتطام، فكافة التحاليل الكيمائية للأجزاء ستكشف أي منها التي تعرضت للتمزق وإذا كان هناك انفجارا، فهذه الحقائق ستمكن المحققين من وضع نظريات بشأن العامل المسبب في تحطم الطائرة.

وبالنظر إلى حادث تحطم طائرة "بان أم"  الأمريكية فوق اسكتلندا عام 1988، تمكن المحققون من تحديد تفاصيل دقيقة بشأن تتابع الأحداث وحتى الحقيبة والراديو التي كان بداخلها المتفجرات التي دمرت الطائرة.

صعوبة البحث

مسار الطائرة منذ انطلاقها من مطار كوالالمبور كان باتجاه الشمال في منطقة غابات كثيفة بمناطق ماليزيا الجبلية وخليج تايلاند.، فالتقارير التي رجحت احتمال تغير الطائرة مسارها، ربما غير متعمد، وفي حالة الطائرة الفرنسية، فأن اتجاه الطائرة تغير بأكثر من 180 درجة أثناء تهاويها نحو المحيط في غضون 3.5 دقيقة، لكنه أمر غير مقصود ، حدث خلال محاولة الطاقم استعادة السيطرة على الطائرة.

تبلغ  المسافة الفاصلة بين الساحل الشمالي لماليزيا والساحل الجنوبي لفيتنام  250 ميلا، وهي تقريبا ذات المسافة الفاصلة بين فلادليفيا وبيتسبراه، وأظهرت آخر القراءات، بأن الطائرة كانت على ارتفاع 35 ألف قدم، وحتى في حال فشل مزدوج للمحرك، فأن  "بيونغ 777 قادرة على الانزلاق نحو 120 ميلا من ذلك الارتفاع، وهذا يعني مسافة بحث حجم بنسلفانيا، فهناك أدلة قليلة متوفرة تشير إلى المكان المحتمل لسقوط الطائرة.

البحث بالنظر عن أي حطام عائم للطائرة أو قد يبدو ظاهرا منها بين الأدغال الكثيفة، مهمة بالغة التحديات، ففي حالة الطائرة الفرنسية استغرق الأمر خمس أيام من البحث المكثف قبل العثور على أول قطعة طافية من الحطام، وجرى  تحديد موقع بقية الحطام بعد نحو عامين، على عمق 12 ألف قدم بباطن المحيط ، وقد تناثرت  إلى آلاف القطع بتأثير قوة الارتطام بالمياه.

أما  بالنسبة للطائرة الماليزية، فأنه  في حال سقوطها  في خليج تايلاند، ويبلغ عمقه 260 قدما، فأن عملية استرداد حطامها ستكون أسهل وأسرع من تلك الطويلة والباهظة التي انتهت بانتشال حطام الفرنسية من على عمق أكثر من ميلين في أعماق المحيط، حيث ظلت معظم أجزاء الطائرة ورفات الكثير من الضحايا.

وخلصت التحقيقات حول تحطم الطائرة الفرنسية إلى أن الطيارين أخفقوا في السيطرة على الطائرة جراء توقف جهاز استشعار السرعة ونجم عن التحليق فوق عاصفة استوائية، وقد تستغرق التحقيقات حول الطائرة الماليزية عدة أشهر، وربما أعوام،  و سنعرف حقيقة ما حدث للطائرة بالعثور على تسجيلاتها ودراسة حطامها.

 

كاتب المقالة بيل بالمر، يعمل كطيار  "أيرباص A330" بشركة طيران كبرى، مؤلف كتاب  "فهم أير فرانس 447" وهي عبارة عن تفسير بتفاصيل حادثة تحطم الطائرة الفرنسية ودروس من الحادث الذي وقع في يونيو/حزيران 2009، علما أن المقالة لا تعبر سوى عن رأي كاتبها.

نشر
محتوى إعلاني