ضابط بـCIA يقدم لـCNN شهادته: طبقنا مع قادة القاعدة تقنيات تعذيب من حرب فيتنام
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- عام 2002 ارسل غلين كارل إلى مركز للمخابرات تابع لـCIA من أجل استجواب أحد قادة تنظيم القاعدة خلال فترة السعي المحموم لكشف مكان وجود الزعيم السابق للتنظيم، أسامة بن لادن، وكانت لديه أوامر واضحة" افعل كل ما يتطلب الأمر من أجل دفعه إلى الكلام، وقد كتب ذكرياته عن عقدين من العمل لدى الوكالة في كتابه "المحقق."
الممارسات التي كانت تجري في أقبية التحقيق هي مدار تقرير يحاول الكونغرس الإفراج عنه وتوضيح أن ممارسات التعذيب كانت منتشرة أكثر مما هو معروف كما أنها كانت أكثر قسوة وقد أخفتها CIA، ورغم أن التقرير لم يُنشر بعد ولكن CNN حاولت معرفة حقيقة تلك الممارسات عبر مقابلة مع كارل نفسه.
ما هي التغيير الذي لمسته في CIA بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول؟
كارل: أنا سأتحدث عن تجربتي الخاصة، والتي كانت مروعة بما فيه الكفاية والحقيقة أننا نفذنا ما كنا نصفه بالاستجواب المتقدم، والذي هو التعبير الأمريكي الخاص بالتعذيب، والطريقة التي تغيرت بها الثقافة أمر بالغ الأهمية ويتطلب انتباها خاصا لأن هناك من حاول قتل وإيذاء الأمريكيين والغربيين ومصالحهم وكنا نحاول وقف ذلك -- غلين كارل، وهو أمر مشروع طبعا."
واستطرد كارل قائلا: "ولكن كان هناك طيف واسع من الآراء والمصالح والسياسية والعمليات التي ساهمت فيها CIA، وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ركزنا بشكل كبير على نشاطات الدعم والعمليات شبه العسكرية وبالتالي ازداد اعتمادنا على ما نصفه بالاستجواب المتقدم للسجناء والمحتجزين وأسرى الحرب، ولم يكن لدينا خطوط عامة مناسبة تحدد لنا إطار العمل -- غلين كارل، وعندما باتت تلك الخطوط العامة متوفرة كانت من النوع الذي ينتهك القانون الأمريكي."
- ما الذي حصل معك عندما قيل لك أنك ستستجوب أحد قادة القاعدة في مكان سري؟
كارل: ساهمت في البرنامج منذ أيامه الأولى وقبل أن يكون لدى CIA عمل مؤسساتي ممنهج وتدريبات واضحة، وقيل لي عليك القيام بكل ما يتطلبه الأمر منك لجعله يتحدث، ولم يطلبوا مني القيام بأمر معين، بل طالبوني بأن أكون "مبدعا" في الأساليب التي أتبعها.
الأساليب المتبعة بصراحة كانت تشبه تلك المستخدمة ضد المعتقلين الأمريكيين خلال الحرب مع فيتنام -- غلين كارل، وكانت التمارين على الأعمال القاسية جزء من برنامجنا التدريبي كقوات خاصة ويتضمن ذلك طريقة التصرف بحال تعرض المرء للتعذيب وكيفية مواجهة الاستجواب والحفاظ على الوعي وإدراك النفس، وقد استخدمنا تلك الأساليب، وبينها الحرمان من النوم والتشويش على الحواس وسواها من الطرق.
- هذا ملفت للنظر لأن ما تسرب من التقرير الخاص بالكونغرس يشير إلى ممارسات مثل الإيهام بالإغراق، وممارسات أخرى مثل رمي الأشخاص في مياه مجمدة، فهل كان هناك من يطلب استخدام طرق محددة أو أن الأمر كان متروكا لكم؟
كارل: أنا شاركت في البرنامج خلال أيامه الأولى، ولم يكن هناك خطوط عمل واضحة، ولكن سرعان ما أدركت الوكالة الحاجة إلى وجود أمر قابل للديمومة، ففي نهاية المطاف كنا أمام مهمة جدية وخطيرة وكان لا بد من تنظيمها، ولكن للأسف كان خطوط العمل الموضوعة تتضمن تلك الممارسات التي تحدثت عنها، والتي باتت بالتالي أمرا عاديا، وشمل ذلك الصفع ورمي الموقوف على الحائط وأمور مماثلة.. خطوط العمل هذه تنتهك قسم الولاء الذي أديناه."
- هل يمكن أن يتعاطف المحقق مع الموقوف أو أنه يعتبر نفسه أمام عمل عادي مجرد من المشاعر؟
كارل: رجال CIA هم من الأشخاص أصحاب الأخلاق العالية والالتزام القوي والمبادئ -- غلين كارل، وهذا أمر صحيح رغم أنه قد لا يبدو كذلك. من الطبيعي أن يحاول المرء دائما فهم دوافع الشخص الذي يتعامل معه، وقد يصل بالتأكيد إلى حد التعاطف وهذا أمر حساس جدا في وظيفتنا.
- هل التعذيب أمر مجد ويكشف لكم بالفعل المعلومات التي ترغبون بالحصول عليها؟
كارل: لا أعرف.. هذا هو أحد القضايا غير الصحيحة وأنا أظن أنه أمر غير صحيح لعدة أسباب، حاول التفكير بمنطق معي: لو أنني وضعتك في ظل ظروف قاسية من الألم والمعاناة وكنت تشعر بالرعب وترغب بأن أتوقف عن فعل ذلك بك فستفكر بأن تتكلم، وهذا ما كان يحصل، أبو زبيدة مثلا قال ما كان يعتقد أننا نريد منه قوله من أجل أن تتوقف تلك الممارسات، ولكن مهمة الضابط المحقق ليست مجرد الحصول على معلومات، وإنما أن تكون تلك المعلومات صحيحة.
المعلومات الصحيحة ضرورية كي تكون التصرفات التالية صحيحة، ولذلك الأمر لا يقتصر على جلب المعلومات بل التأكد من صحتها. المعلومات التي تحصل عليها من شخص يكرهك ويشعر بالضغط الشديد مختلفة عن تلك التي يقدمها لك طواعية، وهذا التقييم متروك للمحقق.
- لماذا تعتقد CIA أن التقرير سيشكل عبئا عليها ولماذا يستغرق الأمر كل ذلك الوقت قبل الإعلان عنه؟
كارل: هذا ليس أمرا مفاجئا بالنسبة إلي، فجميع من يعمل في وكالات الأمن يدرك بأن هذه القضية معقدة وقابلة للتفجر، وبالتأكيد فإن أي جهاز أمني سيسعى لحماية سمعته والدفاع عن ممارساته، التقرير لا يشير إلى ممارسات خاطئة فحسب بل إلى فضائح وتجاوز للخطوط الحمراء وبالتالي فإن ردة فعل CIA طبيعية وهي تعكس رغبتها بحماية نفسها وضباطها.
لكن رغم الألم المترتب على هذه العملية ولكنها جزء من ديمقراطيتنا، ومن الطبيعي أن ترفض CIA الكشف عن المشاكل التي تعانيها بينما تحاول السلطة الرقابية الكشف عنها -- غلين كارل. كما تعلم هناك آية من الكتاب المقدس مكتوبة على الحائط في ردهة CIA وهي "وتعرفون الحق والحق يحرركم."