نعم هناك أسواق للعبيد.. نيجيريا.. موريتانيا.. وإيطاليا مركز استقبال
بقلم جون ساتر
(جون ساتر هو كاتب عمود لموقع CNN ومؤسس مشروعها Change the list)
(CNN)-- "هناك سوق لبيع البشر. سوق للعبيد لمن يعترف بهذه الكلمة".. تلك هي الجملة الصادمة التي استفاق عليها متابعو الأخبار عنوانا رئيسا في نشرات الأخبار، الاثنين، عندما صرخ رجل تبنى مسؤولية اختطاف 276 طفلة، بأعلى صوته في شريط فيديو أنه سيبيعهن في سوق الزواج والعبودية.
قال الرجل الذي يدعي أنه أبوبكر شيكو، الزعيم سيئ الذكر للعصابة الإرهابية "بوكو حرام"، كل ذلك وهو يبتسم مما زاد من الحنق.
ويتعلق الأمر من دون أدنى شك بحالة خطيرة جدا أثارت حنقا دوليا واسع النطاق ودفعت إلى دعوة زعماء الولايات المتحدة ودول أخرى إلى ضرورة المساعدة في تحرير الفتيات بعد اختطافهن قبل شهر وهن نيام في إحدى المدارس النيجيرية. وينبغي مهما كانت الظروف العثور على الفتيات اللائي لا يتجاوز أعمار أكبرهن 12 عاما.
ولكن للقصة جانبا آخر يذكرنا بالعبودية التي مازالت تمارس بأشكال مختلفة تجعل منها واقعا مؤلما وفضيحة صارخة في عالم اليوم، ولاسيما في الدول الفقيرة والتي تشهد أحداث عنف مثل أجزاء من نيجيريا. وفشلت الجهود الدولية حتى الساعة في القضاء عليها.
وربما "الجملة الوحيدة" التي تتضمن معنى من بين ما قاله الرجل هو أنه يوجد "سوق لبيع البشر" رغم أننا في 2014 وهي حقيقة بكل تأكيد. والعلامات التي تشير إلى وجود تلك السوق في نيجيريا حية وماثلة.
ووفقا لمنظمة "ووك فري" الحقوقية فإنّ هناك ما بين 670 و740 ألف شخص يعيشون تحت وطأة العبودية في نيجيريا مما يضعها في المركز الرابع دوليا على هذا الصعيد-- جون ساتر.
ووفقا لنفس المنظمة فإنّ موريتانيا، التي زرتها عام 2012، تتصدر اللائحة. (ملاحظة المحرر : صادقت موريتانيا في مارس/أيار علي خارطة طريق للقضاء على تداعيات ظاهرة الرق).
وعلى صعيد دولي، فإنّه يرجح أن ما بين 20 و30 مليون شخص يعيشون عبيدا وأكثر من 15 بالمائة منهم في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى-- جون ساتر.
وليس في حكم الواضح المصير الذي قد تؤول إليه الفتيات اللائي اختطفتهن عصابة "بوكو حرام" الإجرامية الإرهابية إذا قررت المضي في تنفيذ تهديداتها.
ولكن عموما فإنّ الفتيات اللائي يتم بيعهن للزواج أو العبودية ينتهي بهن المطاف عاملات منازل، يغتصبهن "أزواجهن" الذين يشتريهن أو يحصلون عليهن، وبعضهن يعملن تحت التهديد بالعنف فيمت تباع أخريات لصناعة الجنس العالمية.
ووفقا لمديرة الأبحاث العالمية في منظمة "ووك فري" فيونا ديفيد فإنّه "على ما يبدو فإنّ النية هي أن يتم بيع الفتيات في الدول المجاورة أو داخل نيجيريا نفسها."
وتعد نيجيريا مركزا إقليميا للتجارة بالبشر، ومنها يتم نقل الضحايا إلى أوروبا ولاسيما إيطاليا. وأثناء زيارتها روما، في سبتمبر/أيلول 2013، روت مقررة الأمم المتحدة للتجارة بالبشر جوي نغوزي إيزيلو قصة فتاة نيجيرية بيعت وحملتها رحلة العبودية من بلدها إلى تركيا وصربيا وسلوفينيا والمجر فإيطاليا، ولم يقتصر الأمر على ذاك، فقد اضطر والدها في مقاطعة إيدو النيجيرية إلى بيع ما يملك من أرض وأثاث وكل شيء لتوفير مبلغ السلفة الذي يناهز 84 ألف دولار حتى تستطيع ابنته الخروج إلى أوروبا.
وعانت الفتاة وباعت جسدها مرارا وتكرارا، قبل أن يتم إنقاذها مقابل صكّ بنكي وصل إلى مشتريها في إيطاليا.
وأسباب العبودية كثيرة ليس أقلها الفقر وعدم الاستقرار ونقص التعليم. وعلى ما يبدو فإنّ من "تبريرات" اختطاف التلميذات النيجيريات أنهن يتلقين "تعليما غربيا" وهو ما يزيد من القناعة أنّ الاستقرار ونشر التعليم يمكنهما أن ينهيا العبودية.
ليس من المستحيل أن تكون أي من الفتيات النيجيريات قصة رئيسة في الأخبار فلكل منهن ستكون لها قصتها التي على العالم أن يعرفها. لذلك عليكم في كل أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة أن توقعوا على عريضة دعم لهن منشورة على موقع اجتماعي وأن تضغطوا على نوابكم لحملهم على تمرير قانون يجرّم أشكال التمييز ضد المرأة. فالاتجار بالبشر ظاهرة تعرفها أيضا الولايات المتحدة وأوروبا.
وإذا كنتم تعتقدون أن ذلك لا يعنيكم وأن نيجيريا بعيدة فأدعوكم لتذكر ما قاله دانييل إيميكا في تصريحات لـCNN. فقد روى قصة اختطاف والده منددا بالمواقف التي تعتبر أنّه "لا يمكن فعل أي شيء وأن نيجيريا انتهت."
وقال دانييل بكثير من الشجاعة "لن أستسلم. وأرفض الاعتراف بذلك. لا يمكننا أن نجعل من الاختطاف عادة في نيجيريا."
وفي الحقيقة يمكن لذلك العار أن يصبح عادة، فلا تتجاهلوا الأمر وحقيقة أن هناك قصصا يومية غير مروية ولا تسمعون عنها لنساء يواجهن استعباد صناعة الجنس والتمييز--جون ساتر .