رأي حول حكم إعدام سودانية بتهمتي الردة والزنا: الزواج عن حب لا يعني الموت
ماجد نواز، رئيس وأحد مؤسسي جمعية "كوليام" وهي مجموعة فكرية لمكافحة التطرف الفكري وتشجيع الديمقراطية، ومؤلف كتاب "راديكالي"، وغفار حسين، رئيس "كويليام" هما كاتبا هذه المقالة التي لا تعبر، على أي نحو عن آراء شبكة CNN، بل آرائهما الخاصة.
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- قضت محكمة سودانية بعقوبة الإعدام على امرأة حامل، 27 عاما، تدعى مريم يحيى إبراهيم، جريمتها هي الوقوع في الحب والزواج من رجل مسيحي، بجانب التأكيد على عقيدتها المسيحية. ما أدى بالتالي لاتهامها بالردة، نظرا لأن المحكمة اعتبرتها مسلمة رغم أنها نشأت كمسيحية تحت كنف والدتها بعد انفصالها عن والدها المسلم عندما كانت في السادسة من العمر.
وبما أن المحكمة لم تعترف بزواجها من غير مسلم كذلك، فوجهت لها تهمة "الزنا" والجلد مائة جلدة بالتالي كعقوبة.
القصة قد تبدو مزعجة، لكن للأسف، لا تأتي بمثابة مفاجأة من دول كالسودان، وباكستان ومؤخرا بروناي، وهي دول تميل بشكل متزايد نحو تفسيرات عتيقة وخاوية للشريعة وتطبيق قوانين تقوض أبسط قواعد حقوق الإنسان والمساواة. هذا لا يضعهم بحالة عدم انسجام مع العالم الحديث فحسب، بل بالمسار التقدمي للمفكرين المسلمين والإصلاحيين خلال القرنين الماضيين.
الفكرة القائلة بوجوب تطبيق الحد على المسلمين ممن يرتدون عن دينهم، برزت في نصوص فقهية في القرون الوسطى، وكتبت في وقت ارتبط فيه الإيمان الديني، بشكل لا ينفصم، بالولاء السياسي، وبالتالي فإن التخلي عن العقيدة نظر إليه باعتباره خيانة، وفسر على أنه ضرب من التمرد ضد السلطات السياسية.
قانون الردة يناقض على نحو فاضح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تم اعتماده عام 1948، ووقعت عليه الدول ذات الأغلبية المسلمة في حينها، وما يطلق عليه "إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام في 1990، وتنص بعض المواد في ديباجة الأخير، على التالي:
"المادة العاشرة: الإسلام هو دين الفطرة، ولا يجوز ممارسة أي لون من الإكراه علي الإنسان أو استغلال فقره أو جهله علي تغيير دينه إلي دين آخر أو إلي الإلحاد."
المادة 22 (أ).. لكل إنسان الحق في التعبير بحرية عن رأيه بشكل لا يتعارض مع المبادئ الشرعية.
المادة 25... الشريعة الإسلامية هي المرجع الوحيد لتفسير أو توضيح أي مادة من مواد هذه الوثيقة.
"المادتان الأخيرتان من هذا الإعلان الغريب والمسيس بشدة، يتيح للبلدان ذات الأغلبية المسلمة انتهاك "الإعلان العالمي" من خلال التذرع بالشريعة كما لو أنها هناك نسخة موحدة منها.
الأمر لا يقتصر على عدم وجود تفسير موحد للشريعة، لكن بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة تبدو مصرة على إعادة تنشيط بعض التفسيرات الأكثر رجعية وقمعية على نحو يبدو عدوانيا وشرسا. دافع التوجه نحو القرون الوسطى، يعود إلى حد كبير، إلى الحركات الإسلامية العالمية، التي ولدت عام 1928، بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين، التي اكتسبت زخما حقيقيا في أعقاب الثورة الإيرانية في 1979.
النظام الحالي في السودان، الذي أتى للسلطة بانقلاب عسكري عام 1989، استخدم "الإسلاموية" لإسكات معارضيه بالداخل، بل ومد يده للخارج للتواصل مع المليشيات الإسلامية بالمنطقة، واستضاف زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامه بن لادن، في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
الحركة الاسلامية العالمية تسعى إلى دور أكبر بكثير للإسلام في المجال السياسي، وتحدد مواقفها السياسية، بمعارضتها للغرب.
وبمزامنة تفسير القرون الوسطى للإسلام مع السياسة، تسعى هذه
الحركات إلى تحدي وعكس التقدم في مجال حقوق الإنسان
والمساواة، الذي تم إحرازه في العقود الأخيرة. وبالتالي، فإننا نشهد
تقديم قوانين بالية تدعو للتمييز وتقوض الحقوق الأساسية.
حان الوقت لإلغاء "إعلان القاهرة" ولأن تلحق حقوق الإنسان
المسلم بالركب والمساهمة كشريك، على نحو متساو، بالخطاب الدولي
الحديث لحقوق الإنسان.
كما حان الوقت أيضا لجماعات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي اتخاذ موقف
قوي ضد أي دولة تنتهك حقوق المواطنين العاديين لاتخاذهم قرارات،
تعتبرها بقيتنا أمرا مسلما به.
تنويه من المحرر: المقال يعبر عن رأي الكاتبين ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN