رأي عن سجن شباب "أغنية هابي" بإيران: تخصيب النووي حق أما السعادة فلا؟
فريدا غيتيس كاتبة عمود العلاقات الدولية بصحيفة "ميامي هيرالد" عملت سابقا كمنتجة ومراسلة صحفية لشبكة CNN، ومؤلفة كتاب: نهاية الثورة: عالم متغير في عصر البث التلفزيوني المباشر"، هي كاتبة هذه المقالة التي تعبر عن وجهة نظرها ولا تعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- بدا قائد شرطة طهران مستاء للغاية وهو يعلن أنها "فاحشة" ويأمر سريعا باعتقال ستة شبان وشابات ظهروا في مقطع فيديو مرح وهم يرقصون على أنغام أغنية "السعادة" للمغني فاريل ويليامز ويرددون كلمات الأغنية التي تلاقي نجاحا كبيرا.
عليك بالتصفيق إن كانت هذه واحدة من أكثر القصص سخافة قد تسمعها على الإطلاق، الإيرانيون الستة، تجرأوا على الرقص وهم يرتدون ملابس حديثة بألوان زاهية، فالنساء كن حاسرات الرأس لا يرتدين الحجاب، وبدا في بعض مقاطع الفيديو الشباب والشابات وهم يرقصون معا، وهو أمر ممنوع ويعاقب عليه القانون، لكن في مناطق أخرى، وبعيدا عن رقابة البوليس، يرقص الجنسان معا دون غضاضة في الأمر.
لكن الشرطة نظرت إليه باعتباره أمرا مسيئا وصفته وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية بأنه "ابتذال."
وجاءت ردة الفعل قوية على اعتقال المجموعة، فسرعان ما أطلقت الشرطة سراحهم، غير أن مخرج الفيديو لا يزال قيد التوقيف.
قدمت الجماعة نفسها على أنها مجموعة "معجبي طهران بفاريل ويليامز" وهذا قد يثير مخاوف السلطات المفرطة الحساسية في الجمهورية الإسلامية، باعتباره انتماء سياسيا تخريبيا للغاية. "الدافع الشائن" لإنتاج هذا الفيديو كشف عنه في نهاية المقطع، وهو كالتالي: السعادة (الأغنية) هي ذريعة لتكون سعيدا... استمتعنا بكل ثانية في إعداده.. ونأمل أن يضع ابتسامة بوجهك."
وكما ذكر المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، فإن المفارقة هي اعتقال الشباب الإيرانيين لرقصهم على أنغام أغنية "السعادة"، التي يبدو أنها مفقودة لدى السلطات الإيرانية، فلا يمكن إجبار الشعب الإيراني على العيش في عالم يعتبر فيه تخصيب "النووي" حق، لكن ليس السعادة.
فيديو النسخة الإيرانية من "السعادة" حقق أكثر من 100 ألف مشاهدة، وأثار عاصفة سياسية غريبة، فلقد تعهد قائد شرطة طهران، حسين ساجدينيا، بأن لا يستغرق اعتقال "الأشرار" أكثر من ست ساعات، لكن ليس قبل عرضهم على كاميرات التلفزيون ليكونوا عظة وعبرة لغيرهم من الشباب ممن قد تختمر في رؤوسهم أفكار مجنونة، دون اعتبار لما قد يدور في أذهان هؤلاء الشباب من يستمعون لكلمات أغاني ويليامز.
انتقد ويليامز بتغريدة على صفحته بموقع "تويتر" اعتقال المجموعة قائلا: "أمر محزن للغاية اعتقال هؤلاء الأطفال لمحاولة نشر السعادة."
رد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بتغريدة يبدو أنه اقتبسها من تصريح سابق له قبل أكثر من عام: #السعادة هي حق شعبنا.. علينا أن لا نكون صارمين للغاية تجاه تصرفات منبعها الفرح."
نعم، يبدو الأمر سخيفا بشكل غير قابل للتصديق، تجاوز العبيثة والتوترات الجارية التي تشكل الحياة في إيران، هناك غليان من الإحباط تسود بين الغالبية العظمى من الشعب الإيراني من ضاقوا ذرعا بالقيود المفروضة من قبل النظام.
يعكس فيديو "السعادة" حالة تحد ضمن مجموعتين قابعتين تحت قيود السلطات، هما الشباب والنساء، فحتى لحظة قيام الثورة الإسلامية في إيران، تمتعت النساء بنمط حياة غربي، قبل أن تقييد قوانين جديدة حياتهن، أبرزها ارتداء الحجاب.
سنويا ومنذ اكثر من 35 عاما، تحمل سخونة فصل كل صيف معركة بين النساء الرافضات للقيود وأنصار النظام الرافضين لتخفيفها.
قبل عدة أيام، أطلقت مجموعة على موقع "فيسبوك" صفحة تدعى "الحرية الخفية" تنشر فيها الإيرانيات، ومن كافة الفئات العمرية، صورا لهن متحررات من أي ملابس مقيدة، تظهر فيها صور نساء يرقصن، ويبتسمن بأيدي مفتوحة كأنهم يحاولن الوصول للحرية، كتبت إحداهن: أشعر بأن الريح تتخلل كل شعرة في رأسي"، وتعهدت أخرى "بالحصول على حرية اللباس والغناء والرقص."
الجمعة، خرجت مسيرات في شوارع طهران تطالب السلطات بحسم التجاوزات حول قيود اللباس والدعوة لإنفاذ القانون على النساء، وحمل المتظاهرون لافتات تظهر حذاء أحمرا بكعب عال شطبت بخط أحمر.. ضمنيا، حرية التعبير عن اللباس للبعض تعتبر تهديد خطيرا للبعض الآخر.
المعركة حول الحريات الاجتماعية تعكس منافسة داخل الحكومة، فجناح المحافظين يدفع ضد روحاني، الذي يعتبر معتدلا بحسب المعايير الفريدة للجمهورية الإسلامية، ويسعى إلى تحسين صورة إيران بالخارج والعلاقات الدولية.
اعتقال الراقصين جاء مباشرة بعد كلمة أدلى بها روحاني حول حرية الانترنت قال فيها: "علينا الاعتراف بحقوق مواطنينا للتواصل مع الشبكة الدولية"، وتابع: "لماذا نهتز؟ ولماذا نحتمي في زاوية لئلا نتلقى رصاصة في هذه الحرب الثقافية."
كان من المفترض بث هذه الكلمة على التلفاز الرسمي، وهذا ما لم يحدث، تشير تقارير إلى أن أحد مساعدي روحاني حمل عضوا سابقا في الحرس الثوري الإيراني مسؤولية عدم البث المباشر.. الحرس الثوري والرئيس كلاهما تحت سلطة القائد الأعلى غير المنتخب، علي خامنئي.
حتى اللحظة، لم ترشح تقارير بعد عن موقف خامنئي من اغنية ويليامز الرائجة أو الراقصين، أو إذا ما كان سعيدا.
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة ولا تعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.