رأي: 22 من الجنود السابقين بالجيش الأمريكي ينتحرون يوميا.. شكرا لخدماتك لا تكفي
هذه المقالة شارك في كتابتها، سباستيان جونغر، وهو صحفي وكاتب له عدة مؤلفات منها "العاصفة المثلى" والحرب، فاز فيلمه الوثائقي "كورينجال"، الذي رشح لجائزة الأوسكار، بأفضل جائزة في مهرجان ساندانس للأفلام، وجيم ماكدرموت، وهو نائب عن ولاية واشنطن في مجلس النواب، عمل سابقا كطبيب نفسي بالبحرية، بجانب كارل مارلنتيس، جندي مارينز سابق حصل على اثنين من أرفع الجوائز العسكرية وله مؤلفات منها "ما أحب في الحرب". المقالة لا تعبر سوى عن آراء كاتبيها الثلاثة ولا تعكس بالضرورة موقف CNN.
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- كتب المؤرخ ديفيد بلايت إن أول احتفال بـ"يوم الذكرى" الخاص بتكريم قدامى المحاربي أقيم في بلدة "تشارلستون" بساوث كارولاينا. ففي الأول من مايو/أيار 1865، أحييت مجموعة من الأمريكيين من أصول أفريقية، ممن اعتقوا من العبودية مؤخرا – ذكرى جنود الاتحاد، المدفونون في أرض صخرية بالمنطقة.
وبعد ذلك بـ29 يوما، اختتم حفل وداع الجنرال ويليام تكوميش شيرمان، بنهاية خدمته في الجيش بالعبارة التالية: "يتمنى الجنرال لك كل الرفاه، وبقناعة تامة، فكما كنت في الحرب جنديا جيدا، ستكون كذلك في أوقات السلم مواطنا جيدا."
ومع حلول "يوم الذكرى" لعام 2014، علينا أن نقر، ليس كأفراد، كعضو بالكونغرس، أو جندي مخضرم من حرب فيتنام ومصور صحفي، بل كأمة واحدة لا تتجزأ، بأن آمال شيرمان للجندي الأمريكي لم تتحقق حتى اللحظة.
بحسب تقديرات حديثة لوزارة قدامى المحاربين المخضرمين، فأن 22 منهم يضعون حدا لحياتهم يوميا.
فمعدلات البطالة العالية، والتشرد، وإدمان الكحول "وضغوط" ما بعد الصدمة" كلها عوامل تفتك بقدامى المحاربين، ومع انتهاء 13 عاما من الحروب في العراق وأفغانستان، نحن نرى سقوط العديد من الضحايا بين الجنود الأمريكيين خلال مرحلة انتقالهم إلى الحياة المدنية.
وعلى ضوء هذه الكارثة، نحن بحاجة إلى ربما نوع جديد من "يوم الذكرى" فالعديد من هؤلاء المحاربين لديهم حاجة ماسة للحديث إلى مواطنيهم الأمريكيين من يقبلون مشاركتهم مسؤولية ما يحدث في الحرب، تحديدا القتل، وهو أمر نادر الحدوث في يومنا هذا.. حقاً.. كيف يعود المحارب للوطن ما لم نقر بأن حروب البلاد أمر اختاره الجميع ودفع ثمنه؟
التعامل مع قدامى المحاربين، ممن شاركوا بحرب فيتنام، كان مخزيا، لكن الأمر برمته وراء ظهورنا الآن، انتقلنا من رحلة العدائية للتعامل على نحو "أخرق" إذا عنينا بشكل جاد "شكرا لخدماتك" وتأسيس عددا من المنظمات الجديدة التي تعنى بشؤون هؤلاء الجنود.
على كل، فإن هناك حسا ملازما بعدم اللامبالاة الوطنية، أو ربما أسوأ، الإحساس بأن هذا الجندي، ضحية، هذا أمر ينبغي تغييره فورا. هناك أكثر من مليوني جندي شاركوا في حربي العراق وأفغانستان، وحقيقة كونهم من المتطوعين الفخورين لا يبرر عدم مساعدتنا لهم للعودة إلى الوطن.
نعم هناك وزارة لقدامى الجنود ومنظمات حكومية أخرى تعنى بهم، تعمل جيدا، لكن هناك خطوات إضافية وضرورية ينبغي على أمريكا تبنيها: على الأمة بأجمعها أن تقبل مسؤولية الجراح - النفسية والجسدية - التي يعودون وهم مثخنون بها من الحروب، معارضة الحروب الأخيرة، لا تعفي أي منا بالاكتفاء بمعارضة نظام رعاية صحي قومي يستثني أحدا من الرعاية التي تقدمها أمريكا للمرضى والمصابين.
هناك عدد من قدامى الجنود لم يشاركوا في حروب، لكن ظلوا بعيدين ولفترات طويلة عن عائلاتهم، تعرضوا لضغوطات هائلة بإقامتهم في مناطق حرب، ولسخرية القدر، فإن عاقبة ذلك، إحساس الجندي بالإقصاء عن المجتمع الذي ساعد في الدفاع عنه، هناك ثقافات أخرى استوعبت أهمية التزاماتها بإعادة بناء الرابط بين المقاتل العائد ومجتمعه، ففي تقاليد سكان أمريكا الأصليين، فإن المحارب يشارك في مراسيم تطهير تهدف لإعادة تأكيد هويته، هذه الطقوس تمكن المجتمع كذلك من الترحيب بعودة المقاتل للوطن، بالاستماع إلى قصصه في ساحة القتال، وإبداء التقدير لتضحياته وتأكيد قيمته في المجتمع.
في المجتمعات الحديثة، ينبغي استبدال تلك المراسم القبلية بجهد قومي مشترك لتشارك قصص جنودنا المقاتلين من الجنسين، ما يحتاجه جنودنا بحق هو احتفال رسمي بأن حروب الـ13 عاما – حروب اطلقناها جميعا، قد انتهت، كما أنهم بحاجة إلى منتدى عام لرواية قصصهم، وهي في مجملها طويلة وبغيضة أحيانا، فبالحديث عنها تضيق الهوة الواسعة القائمة بين جيشنا وبقية المجتمع الأمريكي.
نحن أما أن نكون أمة واحدة أو لا نكون.. علينا الاختيار، وهذا هو تعنيه لنا أي احتفالات "يوم ذكرى" في المستقبل، سواء عن طريق منتديات عامة، أو جولات استماع متنقلة، أو تحركات على المستوى الفيدرالي، فاحتضان الأمة لتجارب قدامى المحاربين، هي الوسيلة الأجدى للتصدي لأزمتهم الراهنة، على كل أمريكي الالتزام بإعادة دمج جنودنا العائدين للمجتمع كأفراد شرفاء أعيد تأهيلهم وتمكينهم وباتوا موضع ترحيب.
جنودنا يستحقون "يوم الذكرى 2"، وبمساعدتنا إياهم في إيجاد مسار التصالح والاندماج مجددا، قد يسمح لنا ذلك حينها بتحسين مواطنيتنا.
المقالة لا تعبر سوى عن آراء كاتبيها الثلاثة ولا تعكس بالضرورة موقف CNN.